جريدة الجرائد

براءة المملكة ومفهوم الإرهاب!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

 بينة الملحم

هذا وقد برّأت - وأخيراً - ‏محكمة مانهاتن المملكة‬ من اعتداءات الـ 11 من سبتمبر الحدث الإرهابي الأشهر في العالم وربما في تاريخه؛ أكثر من 16 عاماً منذ حدوث الواقعة كلّفت مكافحة الإرهاب فيها المملكة التي استهدفها أضعاف ما تعرّضت له دول العالم أجمع ولم تأبه بكل تلك التهم وإرهاصاتها ودوافعها السياسية في ريادتها بمكافحة الإرهاب عالمياً والقضاء على جماعاته التي كانت مسرحية 11 سبتمبر مسرحاً لها.

لا أدري لمَ عادت بي ذاكرتي اليوم للرد وإجابة السفير الأميركي جورج سميث إبان استضافته في برنامج "واجه الصحافة" الذي يعده ويقدمه الأستاذ داوود الشريان مارس 2010م حول الانطباع الذي تشكل لدى الشعب الأميركي عن المملكة والسعوديين بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر! وقد نبهت على خطورة "التعسف على هويات بعينها بوسمها إرهابية..."، وكيف أن ذلك سيؤدي بالهوة لأن تتسع بين الشعوب والثقافات، وتظهر نزعات الخوف من ناحية ونزعات الكراهية من ناحية أخرى. فيتعبد بذلك طريق سالك للقطيعة!

فلا يكاد يمر يوم دون أن تقع عملية إرهابية في مكان ما من العالم فلم تعد الظاهرة قاصرة على منطقة بعينها، فأصبحت مشكلة دولية بمعنى أنها أصبحت السبيل الأوحد والأمثل لبعض الجماعات والدول لتحقيق مصالحها أو طموحها أو للتعبير عن مواقفها وقضاياها والإعلان عنها.

في أحد المؤلفات الحديثة عن الإرهاب سرد المؤلف مئة وتسعة تعريفات للإرهاب وضعها أبرز الدارسين له، فيما بين عامي (1936- 1981)، وينتمي اثنا عشر تعريفاً منها فقط إلى ما قبل السبعينات، وهو يعكس ليس فقط صعوبة التوصل إلى تعريف واضح للظاهرة وتعدد الرؤى إليها، وإنما يعكس أيضاً الكثافة التي فرضت بها تلك الظاهرة نفسها والإلحاح على دراستها في العقدين الأخيرين من تاريخ العالم، وذلك لأن "المصلح يختلف باختلاف من يستعمله". ولكن هل الإرهاب هو فعلا كذلك؟ أي هل هو فعل نسبي إلى هذا الحد وغير قابل للتحديد بحيث يستطيع أي شخص أن يفسره وفقاً لمصلحته؟!

وهل الإجابة على تلك الأسئلة بالإيجاب تعني أن محاولة وضع تعريف جامع لمفهوم الإرهاب من المستحيلات في ظل أن مصطلح الإرهاب هو مفهوم (دينامي) وليس (إستاتيكي) وتتباين أنماطه وأشكاله وأهدافه من دولة إلى أخرى، ومن مجتمع إلى آخر وذلك حسب التغير في الموقف الأيديولوجي والسياسي الراهن.

أشرت في مقال سابق أن "أخطر ما يؤجج نار الإرهاب هو الإرهاب المضاد!" بسبب غموض المفهوم وخضوعه للأدلجة والتوظيف السياسي والمصالح الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الرامية إلى ترويج المفاهيم وفق تصور مخصوص لها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف