المخالب التي تنهش في بلداننا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
فاتح عبدالسلام
جريدة الزمان هي أول جريدة في تاريخ الصحافة العربية على الاطلاق، تخصص أربع صفحات ثقافية في قلب اصدارها اليومي لجميع طبعاتها منذ صدور مستهل صدورها قبل أكثر من عشرين عاماً . في حين كان زمن الفضائيات في صعوده الطاغي ، حيث أولى الجانب السياسي الاهتمام الأساس مع العناية بالجانب الترفيهي الذي تراوح طويلاً بين أعمال فنية فيها صنعة وابداع ورؤية ، وبين اسفاف واضح أفردت له قنوات خاصة في الاعوام اللاحقة . وصار من النوادر أن تهتم قناة تلفزيونية بشاعر أو كاتب مسرحي أو روائي أو قصصي إلاّ في حيز ضيق ، وفي مناسبات فيها اثارة واهتمام بحدث كتوزيع جوائز مسابقة ادبية أو فنية لها غطاء سياسي واضح من دول ممولة لتلك الجوائز . وبات مخططو اطلاق القنوات أو حتى الصحف والمجلات العربية ، يبررون قلة الاهتمام بالجوانب الثقافية والمعرفية بكلام عن ضعف عدد المتابعين وانخفاض نسبة المشاهدة ، وبصيغة لا تختلف كثيراً عن الطريقة الشهيرة في التبرير بأن الجمهورعايز كدة.
لكن في الجانب الآخر ، نجد ان كثيراً من المواد الثقافية التي تتسلل الى وسائل اعلام مختلفة ثقيلة الدم منطوية الأفق ومنغلقة واحادية عقيمة لا تفتح حواراً مع الآخر لكسبه وتوسيع نطاقات انتشار الثقافة وفنونها الابداعية . في حين نجد في الصحف الامريكية أو البريطانية أو الاوروبية عامة ، تشابكاً عميقاً بين كاتب المقال الثقافي أو مقدم البرنامج الثقافي وعموم الجمهور ، وهي علاقة ناشئة من تشرب المجتمعات المتقدمة بوعي ثقافي راق يبدأ مع تنمية روح القراءة لدى الطفل والتلاميذ عموماً وصولاً الى مشهد نراه يومياً في امتلاء القطارات صباحاً ومساءً بالاف المسافرين الذي يرافقهم الكتاب في رحلات لا تستغرق نصف ساعة أحياناً يحضون في خلالها بقراءة صخمس أو ست صفحات من عمل روائي أو كتاب مفضل لديهم . ونشاهد منافسة واضحة للكتب من الاجهزة الالكترونية الشائعة ، بيد ان القراءة الالكترونية للكتاب لها نصيب واضح .
بعد ذلك، يأتي من يقول لماذا تتدهور الثقافة في مجتمعاتنا؟ ولايسأل نفسه ماذا فعل من أجل تشجيع نشر الكتب وقراءتها. اساتذة جامعات ووزراء ومسؤولون كبار باتوا يتحدثون من دون حرج عن عدم قراءتهم أي كتاب أو مشاهدة مسرحية جادة أو فيلم له قيمة سينمائية منذ خمس سنوات أو خمس عشرة سنة أو منذ نعومة أظفارهم التي تكلس الجهل عليها وتحولت الى مخالب للفساد والاضطهاد السياسي والتمييز الاجتماعي ونشر العنف والكراهية والطائفية .