جريدة الجرائد

أهمية الحوار بين القوميات الكبرى في الإقليم

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الأمير الحسن بن طلال


التحديات التي يمر بها الإقليم اليوم تؤكد الحاجة إلى تعزيز الحوار بين مختلف مكوناته القومية والدينية والمذهبية من أجل مواجهة ظواهر التعصب الأعمى وتداعياتها الإنسانية المريرة.

صراعات قوميّة حادة

تستند القوميات الكبرى في مشرقنا على أعمدة أربعة: العرب والفرس والأتراك والأكراد. وقد أغنى وجود هذا التعدد القومي وذلك التنوع الديني واللغوي الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في الإقليم. كانت الهوية العربيّة منفتحة على التعدّد، ويمكن القول إن تاريخنا العربي الإسلامي يشهد أنّ جوهر الهوية العربية لا يتناقض مع التنوع الديني والإثني والثقافي، الذي احتضنته أمتنا منذ قرون.

وإذ تتسم المجتمعـات الإنسانية بالتعددية الثقافية التي تعكس الهويات الوطنية المتنوعة، فإن حضارتنا الإسلامية ضمت تراثا ثقافيا عريقا استند إلى الحوار بين أتباع الثقافات والديانات والإثنيات، وإلى قيم العيش المشترك. واليوم هنالك شعور لدى مختلف المجتمعات الإنسانية بوجود أخطار مشتركة تتجاوز حدود الثقافات والعقائد الدينية والقوميات مثل تحديات الفقر والعنف والمياه والطاقة والبيئة.

إن التحديات التي يمر بها الإقليم اليوم تؤكد الحاجة إلى تعزيز الحوار بين مختلف مكوّناته القومية والدينية والمذهبية من أجل مواجهة ظواهر التعصب الأعمى وتداعياتها الإنسانية المريرة. وعندما يضعف الحوار بين القوميات الكبرى في دول الإقليم يصعب الحفاظ على السلم المجتمعي والدولي.

لقد أدت المتغيّرات السياسية والاجتماعية إلى تحوّل العرب في القرن الماضي من كونهم قومية كبرى إلى دُول قطرية متنوعة المكوّنات. ورافق ذلك ظهور تحدي الهويات الإثنية داخل حدود تلك الدول. وأصبحت تسعى جاهدة لبناء هوية عربية جامعة تحتضن التنوع الديني والثقافي والقومي بشكل عادل.

وفي وجود النسيج المجتمعي المتماسك تخبو التوترات السياسية والنزاعات المسلحة وتعلو نبرة الحوار بين أتباع الديانات والثقافات بما يحقق الصالح العام. ولا ريب في أن ترسيخ خطاب المواطنة يعزز الانسجام بين مكونات المجتمعات المتنوّعة، ويقدم لها الضوابط والضمانات المطلوبة التي تصون دعائم الدولة وتجسّد المصير المشترك.

إن القدرة على الإدارة الحكيمة للاختلاف ستسهم في صياغة العلاقات الحضارية بين بلدان المشرق التي تملك إطارا متينا للتعاون والتلاقي. لكن العائق الأول الذي يحول دون تحقيق هذا الطموح يكمن في الأنماط الفكرية المستندة إلى مبدأ الطوائف أو المذاهب أو الإثنيات.

ويمكن للوعي العام بالهوية المدنية أن يقرّب بين شعوب المنطقة، خاصة عند ارتكازه على منظومة قانونية تُعلّي من كرامة الإنسان وتحترم حقوقه وواجباته. فهل يمكن أن نراهن على بروز عصر عربي جديد تتمتع داخله أطياف التنوع بالعيش المشترك، وتعيد تحقيق التوازن ورسم الحدود في ما بينها مهما كلّف الأمر؟

إن قراءة المشهد الراهن تجعلنا نتساءل: هل انتقلنا من الحديث عما يسمى بصدام الحضارات إلى صراع القوميّات؟ وهل يمكن لما تتعرض له القومية العربية في المنطقة من تحديات مصيرية أن يرفع وتيرة ذلك الصراع؟

وفي هذا الإطار، نأمل ألا تؤدي العمليات العسكرية التي تشهدها الآن الغوطة الشرقية بدمشق وعفرين في شمال غربي سوريا إلى المزيد من التردي في الوضع الإنسانيّ هناك، أو تفجّر صراعات قوميّة حادة تسهم في زعزعة الاستقرار وتهديد وحدة أراضي سوريا الحبيبة. يجب ألا يكون الحفاظ على مصالح القوميات الكبرى في الإقليم سببا في المزيد من التشرذم والانقسام والمعاناة الإنسانية.

لقد شكلت النهضة العربية في بدايات القرن الماضي فرصة ثمينة لتحقيق التحوّل المنشود، لكنّها لم تحقق النتائج المرجوة لأسباب قد تضيق الصدور والسطور عن ذكرها.

يمكن للوعي العام بالهوية المدنية أن يقرّب بين شعوب المنطقة، خاصة عند ارتكازه على منظومة قانونية تُعلّي من كرامة الإنسان وتحترم حقوقه وواجباته

وفي بدايات القرن الماضي وتحت لواء النهضة العربية المباركة، التي حمل جدي الشريف الحسين بن علي، طيّب الله ثراه، فيها مطالب هذه الأمة، انطلقت ثورة العرب الوطنيين القوميين في سبيل التحرر والنهوض والوحدة العربية. فانبثقت الروح العربية الجديدة، حيث كانت الوطنيّة انتماء للأصول التي توحّد ولا تفرّق، وتحترم الآخر وتؤكّد التنوّع.

وقد ترك الأمير فيصل الأول – طيّب الله ثراه- بصمة ناصعة في تحقيق مبادئ هذه النهضة وأهدافها وقيمها التي تطالب بتحرر العرب من الظلم والطغيان، وتحقيق سيادة القانون والعدل والمساواة. وتجسّد ذلك في صياغة ما عُرف بدستور 1925، ومن بنوده “لا فرق بين العراقيين في الحقوق أمام القانون، وإنْ اختلفوا في القوميّة والدين واللغة”؛ و”العراقيون متساوون في التمتع بالحقوق المدنيّة والسياسية، وفيما عليهم من الواجبات والتكاليف العامة، لا تمييز بينهم في ذلك بسبب الأصل أو اللغة أو الدين؛ وإليهم وحدهم يُعهد بالوظائف العامة أمدنية كانت أم عسكرية”.

ولطالما دعوت إلى ضرورة استكمال مسارات النهضة العربية التي حصلتْ في القرن التاسع عشر وأوائل القرن الماضي. إن تواصل الجهود التنويرية يؤسس لنهضة فكرية تغني المشهد الثقافي العربي، وتفسح المجال أمـام تعميق مفاهيم الحـوار بين أتباع الثقافات بدلا من الصراع الذي يؤدي إلى زعزعة استقرار العالم ويهدّد الأمن والسلام الدوليين. وتكمن نقطة البداية في عملية النهوض في المجتمع المدني ذاته؛ في عملية بنائه وتطـويره.

فحين يستقيم المجتمع بمؤسساته وآلياته تنتظم كل جوانب حياتنا السياسية والفكرية والاجتماعية بما يحقق السلم المجتمعي والوحدة الوطنية.

إن التاريخ والموقع الجيوستراتيجي والجيوسياسي للمشرق يشكلان النقطة التي تربط بين أطراف الكون وتشبّك بينها. ومما يثير الأسى أن يصبح المحتوى الديني والثقافي لمشرقنا مدعاة لتأجيج الصراعات فيه وعليه؛ في تناقض صارخ مع كونه مهدًا للحضارات ومهبطًا للديانات السماوية الثلاث. وعند الحديث عن التنوّع الديني والتعدّدية الثقافية في مشرقنا، أستذكر ما ورد في خطابٍ للشريف الحسين بن علي في الوفد السوري المُقيم بمكة عندما دخل الأمير فيصل بن الحسين دمشق ورفع العلم العربي، قال “أؤكّد لكم يا أبنائي بأنّه لا فرْق عندي بين أحد من بني قومي مهما اختلفت أوطانهم، فهم جميعا في نظري بمنزلة الأشخاص المقيمين معي في هذا المنزل وتحت هذا السقف.. وإني إذا ذكرت أبناء سوريا فلا أُفرّق بين أحد منهم بمذهب أو غيره بل كلّكم في نظري سواء”.

وأعاد مقولته المشهورة عليهم “ولطالما قلت إن العرب عرب قبل أنْ يكونوا مسلمين أو مسيحيين أو موسويين”. وهي كلمات صادقة تنمّ عن وعي عميق وانتماء وطني للأصول التي توحّد ولا تفرّق، وتحترم الآخر وتؤكّد التنوّع.

إن الحوار حول القوميات الكبرى في الإقليم يرافقه التأكيد على مركزية القضية الفلسطينية بالنسبة للشعوب العربية والإسلامية. ففي ضوء التطورات الأخيرة في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، يجب التشديد على دور الحاضنة العربية في إنهاء حالة الجمود في العملية السلمية، واستئناف المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين على أساس حل الدولتين، وبما يحقق الحل العادل والشامل للقضية الفلسطينية.

تمثّل الثقافة منطلقا للحوار من أجل تعميق التقارب بين الشعوب العربية والقوميات المتعّددة التي تنتمي إلى المجتمعات العربية.

فالحوار التفاعلي يضمن الحفاظ على التمايز. كذلك، فإنّ العمل على تحقيق التقارب بين القوميات الكبرى في الإقليم لا يقل أهمية عن بناء التحالفات الدولية. كما يصب في مصلحة شعوبها التي اشتركت على مرّ العصور في قيمها الروحية وتراثها الثقافي، ويعزز الأمل بالمستقبل والمصير المشترك.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
اهمية الوطن
نبيل نمر -

كل انسان يحب مكان طفولته اومكان حياته الجديد اذا اختار الانتقال الى دولة أخرى ويحب الناس الذين يشاركونه في الوطن , هذا (اذا ) شعر انه جزء من هذه النسيج الوطني وبدون ادنى شك انه يتساوى مع بقية أبناء هذا الوطن في الحقوق والواجبات , وكلما زاد نجاح هذا الوطن الكلي اقتصاديا وعلميا وثقافيا كلما زادت سرعة اندماج وذوبان الفوارق العرقية والدينيه وزاد ذوبانها في الهويه الوطنيه , فالشئ الطبيعي لكل انسان ان يحب ان ينضم الى الفريق الناجح , المتفوق والمحترم , هكذا تشكلت وتكونت الولايات المتحده الامريكيه , وهكذا ما تعمل عليه اروبا , فهذه الدول وهذه المجتمعات تجاوزت الفوارق العرقيه والدينيه والقوميه وهي الأن في طريقها لتجاوز الحدود الجغرافيه , عندا اقرأ عن الثوره العربيه الكبرى التي قادها جدكم الأكبر ونقارنها بالثولره الاميركيه فهناك الشبه الكبير في الهدف والامل فامريكا كانت مقسمه الى مستعمرات تحت حكم إنجلترا والعرب مقسمين الى أقاليم تحت حكم الدول العثمانيه , الشعب الأمريكي قاد ثوره من اجل الاستقلال ولكن نجاح هذا الاستقلال كان يعتمد على وحدة هذه المستعمرات أولا , فبدون وحدتها لما استطاعو الانتصار على مملكة انجلتر العظمى ومواليها في أمريكا , وكذلك العرب كانو يريدون الاستقلال ولكنهم لم يستطيعو تحقيق وحدة الهدف ووحدة الصف من اجل ذلك , وهذاك الفوارق في الزمن والثقافه ولكن أهمها هو طبيعة العدو , الانجليز الذين كانو يقاتلون من اجل المحافظه على اغنى مستمراتهم في العالم واهمها لم يلجئو الى قتل مثقفين تلك الثوره وقادتها , بعكس عدونا العثماني الذي قام بشنق اكثر من 40 مثقف عربي من نادو بالثوره وبالتغير في سبيل الاستقلال والتقدم , هذه الخساره هي التي افرغت الثوره العربيه من محتواها الثقافي ومن فكرها التنوري التعددي ,حيث ان الكثير من هؤلاء الابطال كانو من إخواننا المسيحين ومن الأديان والأصول الأخرى , هذه الخسارة هي التي مهددت لصعود وتسلق العسكر للحكم في الأقطار العربيه , وبذلك خسر العرب خيرة مثقفيهم وقام العسكر بأخفاء اهم شيء جلبه الاستعمار الى بلادنا وهو دساتير الحكم الراقيه التي داسها العسكر بأقدامهم واستبدلوها بشعارات قوميه رنانه وبتمزيق النسيج الوطني للحفاظ على سلطتهم , فشل هؤلاء جاء علينا بما ي

المسيحيين اختفو وظهر
الاكراد في مدن الارمن -

الابادة الارمنية الاشورية اليونانية المسيحية موثقة ومصورة وملايين الوثائق تؤكد الابادة الارمنية وبعدين كيف يختفي ملايين الارمن والاشوريون واليونان والايزيديين فجاة فكيف ثلاث شعوب مسيحية تختفي واين كنائسهم ومدنهم وبيوتهم هل اختفى اي بلد اسلامي هل اختفى الجزائر او فلسطين مثلا طبعا لا الارمن والاشوريين المسيحيين اختفو وظهر الاكراد في مدن وقرى الارمن والاشوريين فاصبحت مثلا مدن فان وديكرناكيرد / دياربكر وبتليس وسيواس / سيباستيا وملاطيا واضنة كردية بعدما كانت ارمنية قبل الابادة الارمنية كانت مدن ارمنية وبعد الابادة اصبحت كردية بعد قتل واستكراد الارمن الموت لمجرمي الابادة الارمنية والمسيحية 1894 - 1923 على يد التركي المحتل وعميله المرتزق الكردي بندقية الاجار ورغم حرق واتلاف الوثائق التركية والعثمانية من قبل الحكومات التركية الا ان المؤرخ التركي تانر اكجم وجد الكثير من الوثائق التركية الدي تدين الحكومات التركية سلطان عبدالحميد والاتحاد والترقي عصابة انور وجمال وطلعت والكماليين تركيا الحديثة