المبعوث (الأممي) البريطاني لـ«اليمن» وهيبة مجلس الأمن..؟!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عبدالله مناع
أخيراً.. استجابت الأمانة العامة لـ (الأمم المتحدة).. لـ (مطالبات) الصحافة الدولية والعربية بـ (استبدال) المندوب الأممي السابق لليمن: السفير اسماعيل ولد الشيخ أحمد.. بـ (مندوب) أممي آخر، فكان هو البريطاني: (مارتن جريفث).. الذي وافق مجلس الأمن الدولي على تكليفه يوم الخميس ما قبل الماضي بـ (اعتباره) من الخبرات السياسية المعدودة دولياً في (التفاوض) و(التوسط) و(الشئون الإنسانية)!! كما قال الأمين العام للأمم المتحدة (انطونيو غوتيريس) في خطاب ترشيحه للسيد (جريفيث) مدير (المعهد الأوروبي للسلام) في عاصمة الاتحاد (بروكسل)..
فالذي يهمنا عرباً ومسلمين، هو أن يخرج (اليمن) من هذه الحرب الطاحنة التي أكلت أخضره ويابسه، ولم تدع له غير الموت والمرض والجوع والخوف والظلام..!! والتي أشعلها (الحوثيون).. الجياع لـ (المال) والسلطة ولكل شيء! في شهر سبتمبر من عام 2014م، ومازالوا يقودون عجلتها المدمرة هم و(أعوانهم) بكل وحشية وشراسة.. دون أن يرف ليمنيتهم جفن.. أو تسيل من يمنيتهم دمعة على الأهل أو الديار..!؟
نعم: الذي يهم..؟!
هو (الخروج) من هذه (الكارثة).. سواء أكان المبعوث الأممي: (عربياً) أو (لاتينياً).. بريطانياً أو فرنسياً.. أو حتى (استرالياً)، فقد كان المبعوث الأممي الأول في هذه السنوات السبع، التي بدأت مع المبادرة الخليجية في نوفمبر من عام 2011م.. كان (عربياً) مغربياً.. هو السفير «جمال بن عمر»، الذي قاد مراحل المبادرة الخليجية بنجاح.. إلى ان اُرسلت مخرجات (الحوار الوطني) الشامل من لجانه الثماني.. إلى لجنة صياغة الدستور، التي تباطأت في مراجعته.. وتقديمه في صورته النهائية للاستفتاء عليه، لتعقبه.. الانتخابات التشريعية فـ (الرئاسية).. ليخرج (الحوثيون) من (صعدة) في مظاهرات وطنية تطالب بـ (عودة) الدعم الحكومي للمشتقات البترولية، وتغيير حكومة الوحدة الوطنية بأخرى أفضل أداءاً، وتطبيق مخرجات الحوار الوطني الشامل.. فكان أن أيد (بن عمر) تلك المطالب الوطنية في ظاهرها، ولكن عندما اكتشف أن تلك المطالب لم تكن الا خداعاً.. هدفها الوصول إلى (صنعاء) والاستيلاء على كل ما فيها.. قدم استقالته، ومضى.. لتفقد (اليمن) أفضل وسطاء المبادرة الخليجية (الأمميون)، ليأتي من بعده الوسيط الأممي (السفير إسماعيل ولد الشيخ أحمد).. الذي بدا منذ يوم ظهوره الأول في (مؤتمر الرياض) في شهر مايو من عام 2015م وكأنه لم يقرأ (ملف القضية) التي جاء للتوسط فيها أممياً!!
ففي الوقت الذي كان فيه المؤتمر يستحث الحوثيين على العودة إلى «صعدا» والانسحاب من «صنعاء»، وتسلم الأموال التي وضعوا أيديهم عليها، و(السلاح) الذي مكنهم منه الرئيس السابق على عبدالله صالح الذي تحالف معهم - وسط دهشة اليمنين والعالم كله -: طمعاً في (السلطة) وأملاً في (العودة) إليها.. طالب المبعوث الاممي الجديد «اسماعيل ولد الشيخ احمد».. من الطرفين الاستعداد للذهاب إلى «جنيف» الأول لإجراء مفاوضات بينهما، فكان ذلك اللقاء، وكانت تلك الدعوة إلى جنيف.. هي أول (خطاياه)..؟!
فعلى ماذا يتفاوض (متمردون) مع (شرعية) قانونية منتخبة؟
لذلك فشل لقاء «جنيف» الأول.. ليصدر (مجلس الأمن قراره الحاسم) والصريح رقم 2216 تحت الفصل السابع.. وهو ما يعني إنفاذ (القرار) ولو بـ (القوة)، فرفضه (الحوثيون) بداية.. ثم عادوا وقبلوا به، ليدعوهم (ولد الشيخ احمد) مجدداً.. إلى لقاء في مدينة (بييل) السويسرية لبحث آلية إنفاذ قرار مجلس الأمن 2216.. ولكن عند وصولهم إلى (بييل) السويسرية.. أعلنوا مجدداً رفضهم لـ (القرار) - فكان أن فشل اللقاء السويسري الثاني.. كما فشل اللقاء (الأول).. دون أن يستخدم (السفير اسماعيل ولد الشيخ أحمد) أياً من الوسائل التي يتيحها له (الفصل السابع) كطلب قوات حفظ سلام بين (الطرفين).. أو طلب مراقبين أمميين لـ (الاستلام) من الحوثين و(تسليم) الشرعية الأموال والسلاح، وهو ما دعا أمير الكويت الشيخ جابر الصباح لاستضافة الطرفين لديه في (الكويت).. على أمل أن يقنع في تلك الاستضافة الحوثيين بـ (التعاون) لإنفاذ قرار مجلس الامن 2216،.. إلا أنه سرعان ما اكتشف أن (الحوثيين) لا يريدون إنفاذ قرار مجلس الأمن، أو بحث آلية إنفاذه.. ولكنهم يريدون (المماطلة)، وكسب الوقت ولا شيء غيره.. لـ (اغتصاب) شرعية أمام الشرعية الحقيقية التي يمثلها الرئيس (عبد ربه منصور هادي) وحكومته.. دون أن يفعل المبعوث الأممي (ولد الشيخ أحمد) شيئاً!!
***
لكن.. مع انتهاء العشرين شهراً الأولى من مهمته ك(مبعوث أممي) لحل الأزمة اليمنية.. كان (ولد الشيخ أحمد) يقدم في السابع عشر من شهر نوفمبر من عام 2016م.. ما أسماه بـ (المقترحات الجديدة) لحل الازمة.. ولكن الحقيقة أن أفكار تلك المقترحات لم تكن جديدة.. بل كانت تجميعاً مضطرباً لمقترحات سابقة.. فقد كانت تدعو إلى (عدم المساس بصلاحيات الرئيس عبد ربه منصور هادي باعتباره رئيساً منتخباً).. ولكنها تدعو في نفس اللحظة لـ (تعيين.. نائب للرئيس) يتولى مهمة (تعيين) رئيس لـ (حكومة) الوحدة الوطنية.. وهو (تناقض) يثير الدهشة والعجب بأكثر مما يثير التقدير والاعجاب، وهي تدعو أيضاً لـ (إنهاء الانقلاب وانسحاب المليشيات وتسليم الأموال والأسلحة) دون وجود آليات لتنفيذ ذلك على أرض الواقع.. كوجود قوات أممية - ولو محدودة - لحفظ السلام أو وجود مراقبين أمميين ليتولوا مهمة الاستلام والتسليم بين الطرفين: وأن يتم التوقيع على ما سبق (اولاً).. قبل الانتقال إلى البند الثاني من تلك المقترحات.. التي تشكل بحق متاهة سياسية من الدرجة الاولى.. فكان أن رفض الطرفان تلك المقترحات، وهو ماجعل أصوات الصحافة تتعالى.. وهي تطالب الامين العام (انطونيو عوتيريس) بتغيير المبعوث الأممي ولد الشيخ أحمد.. والذي كان بحق نموذجاً لـ (الدبلوماسي) المتواضع في أفكاره وأدائه إلى أبعد الحدود، إلا أن (عوتيريس) لم يتمكن من ذلك.. إلا مع انتهاء فترة ولد الشيخ أحمد التعاقدي وعدم رغبته في التجديد، وهو ما فتح الباب - لـ (تعيين) الدبلوماسي البريطاني (مارتن عريفيث) لهذه المهمة اليمنية الشائكة والشاقة والملتبسة بين ما هو ديني.. وما هو تاريخي، فقد انقلب (الحوثيون) على زيديتهم التاريخية التي عاشوا بها وفيها مئات السنين.. إلى (إثني عشرية) شيعية غريبة عليهم.. بسبب طموحهم السياسي وأحلامهم في السلطة والمال التي اطلت عليهم مع تسعينات القرن الماضي.. أيام مواجهاتهم العسكرية مع الرئيس السابق على عبدالله صالح.. قبل أن يصبح الاثنان (واحداً).. في مواجهة (شرعية) المبادرة الخليجية ولجان الحوار الوطني الشامل المنتخبة.. إلى أن غدر به الحوثيون حتى (الموت) في تلك المشاهد الدموية، التي لم يعرف اليمن مثيلاً لها.. حتى في أيام جبروت (أئمة) حميد الدين!!
***
ليبدأ المبعوث الأممي (البريطاني) الثالث والجديد لـ (اليمن): «مارتن جريفيث».. مهمته الشائكة الشاقة.. خلال الأيام القليلة القادمة.. وسط توقعات بـ نجاحه)، فهو ابن مدرسة الدهاء الانجليزي الذي ابتكر سياسة (فرق تسد) وحكم بها المستعمرات البريطانية - التي لاتغيب عنها الشمس - لقرنين من الزمان، ووسط (تطلعات) لأن يدعم مهمته (مجلس الأمن الدولي).. حفاظاً على هيبة المجلس وقراراته التي تصدر عنه تحت (الفصل) السابع، ويكفي العالم وجود دولة مارقة واحدة لا تنفذ قرارات مجلس الأمن حتى ما كان منها تحت (الفصل السابع)، كما هي حال قرار (تجريم) الاستيطان في أراضي الضفة الغربية الفلسطينية!!
لتبقى نقطة البداية ومحكها في نجاح مهمة المبعوث الأممي البريطاني (جريفيث) هي في قدرته على تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216.؟!