مخطط ترامب لسلام الشرق الأوسط.. هل يُولد ميتاً؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
مارك لاندلر
بدأت إدارة ترامب وضع اللمسات الأخيرة على مخططها للسلام في الشرق الأوسط الذي طال انتظاره، كما قال ثلاثة مسؤولين كبار يوم الأحد الماضي، ومن المحتمل أن يقدمه الرئيس دونالد ترامب قريباً، على الرغم من إمكانية أن يقابل برفض سريع من قبل الفلسطينيين وتعاطي الرئيس مع نزاع آخر من أكثر النزاعات تعقيداً في العالم، مع كوريا الشمالية.
وإذا كان التوقيت الدقيق للإفراج عن المخطط لم يحدد بعد، يقول هؤلاء المسؤولون، فإن التحدي بالنسبة للبيت الأبيض الآن يكمن في كيفية تقديمه حتى لا يولد ميتاً.
ذلك أن الفلسطينيين ما زالوا غاضبين بسبب قرار الرئيس الأميركي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ويرفضون دعوات البيت الأبيض لهم للعودة إلى طاولة المفاوضات.
ولهذا، فإن الإدارة تدرس الآن إمكانية الاكتفاء بالكشف عن الوثيقة، على أمل أن يشكّل ذلك ضغطاً على الفلسطينيين، ويحملهم على العودة.
العامل المعقد الآخر هو الوضع السياسي المتقلب في إسرائيل، ذلك أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يواجه احتمال أن توجه له تهمة استغلال النفوذ، قد يدعو إلى انتخابات مبكرة في محاولة للحصول على تفويض شعبي وتعزيز موقفه.
ويقول محللون، إن متاعبه القانونية يمكن أن تجعله أقل ميلاً لتقديم تنازلات للفلسطينيين، لأن ذلك يمكن أن يثير حفيظة قاعدته اليمينية.
ولكن الوتيرة السريعة للتحركات داخل البيت الأبيض توحي بأن ترامب، وبغض النظر عن الانتكاسات السياسية، سيقوم قريباً بالكشف عن مخطط مفصل قال عنه أحد مساعديه الكبار، إنه يرمي إلى مساعدة الإسرائيليين والفلسطينيين على تخطي الفخاخ والعراقيل للوصول إلى اتفاق.
وشبهه هذا المسؤول ببرنامج «ويز» الحاسوبي الخاص بالملاحة، المطوَّر من قبل إسرائيليين، الذي يساعد السائقين على تجاوز الازدحامات المرورية.
وينظر الرئيس الأميركي إلى الوجهة النهائية باعتبارها «الصفقة الأكبر»، ولكن العديد من المحللين يعتبرونها «القضية الخاسرة الأكبر». ويأتي هذا الجهد في وقت يحاول فيه ترامب التعاطي مع مشكلة مستعصية أخرى هي برنامج كوريا الشمالية النووية للأسلحة النووية، حيث قبل دعوة الأسبوع الماضي للقاء الزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون، خلال الثلاثة أشهر المقبلة من أجل مفاوضات.
ومن أجل إرساء الأسس في الشرق الأوسط، عقد البيت الأبيض مؤتمراً أمس الثلاثاء لمناقشة سبل تخفيف الأزمة الإنسانية في قطاع غزة؛ ولكن السلطة الفلسطينية قالت إنها ستقاطع الاجتماع.
ولئن رفض المسؤولون التحدث حول مضمون المخطط، انسجاماً مع السرية التي حافظوا عليها منذ وصول ترامب إلى الرئاسة، فإنهم أوضحوا أنه لن يتضمن مجموعة من المبادئ الموجٍّهة، على غرار مبادرة السلام العربية، التي اعتمدتها الجامعة العربية في 2002، والتي رسمت الملامح العامة لاتفاق وتركت التفاصيل للجانبين للاتفاق عليها.
وعلى سبيل المثال، فإن المخطط لن يدعو إلى حل الدولتين باعتباره أحد أهدافه، وإنْ كان سيصف سبلًا لإنشاء دولتين.
كما أنه لن يدعو إلى «حل عادل ونزيه» للاجئين الفلسطينيين، وإنْ كان سيقترح خطوات للتعاطي مع موضوع اللاجئين.
وتحدث مساعدو ترامب عن وثيقة من عدة صفحات، مع ملاحق، تقترح حلولاً لكل نقاط النزاع الرئيسة: الحدود، الأمن، اللاجئون، وضع القدس؛ وتوقعوا أن يجد كل من الإسرائيليين والفلسطينيين في المخطط أشياء يوافقون عليها، وأخرى يعارضونها.
وعند الغوص في التفاصيل الدقيقة، نجد أن البيت الأبيض يقلب الصيغ القديمة لصنع السلام رأساً على عقب. ذلك أن الرؤساء السابقين، مثل بيل كلينتون وجورج دبليو. بوش، كانوا يتحاشون الذهاب إلى ما هو أبعد من الخطوط العريضة، خشية أن يمنح ذلك الجانبين أشياء أكثر ليعارضاها، ولكن المسؤولين قالوا إن ذلك لم يعد كافياً.
واللافت أن المساعدين الذين أعدّوا المخطط –جارد كوشنر، وجايسون دي. غرينبلات، وديفيد إم.فريدمان– لم تكن لديهم أي تجربة في الدبلوماسية عندما تسلموا مهامهم.
فكوشنر هو صهر ترامب ومستشار كبير له؛ وغرينبلات كان رئيس الشؤون القانونية في منظمة ترامب؛ وفريدمان محام متخصص في قضايا إفلاس الشركات.
وقال المسؤولون، إن أي أحد خارج الإدارة لم يرَ الوثيقة، وإنْ كان كوشنر وغرينبلات وفريدمان التقوا مع نتنياهو لعدة ساعات في «بلير هاوس»، بالقرب من البيت الأبيض، الأحد الماضي، قبل يوم من لقائه مع ترامب.
وكان نتنياهو قال لمجلسه الوزاري يوم الأحد الماضي، إنه «ليس ثمة أي مخطط أميركي ملموس للسلام على الطاولة»، وفق محطة «تشانل 10 نيوز» التلفزيونية الإسرائيلية.
وأكد المسؤولون الأميركيون، أن مخططهم لم يمله أي زعيم أجنبي. ومن جانبه، ما زال ترامب يبدو ملتزماً.
فخلال ترحيبه برئيس الوزراء الإسرائيلي في البيت الأبيض، شدد على أنه ما زالت لديه «فرصة جيدة جداً» لرعاية اتفاق قائلاً: «أعتقد أن الفلسطينيين يرغبون جداً في العودة إلى الطاولة»، غير أنه لا يوجد دليل يدعم ذلك.
فمن خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، وتسريع مخططات نقل السفارة الأميركية من تل أبيب، خسرت الولايات المتحدة دورها كراع لعملية السلام يحظى بالمصداقية، كما يقول الفلسطينيون، الذي يبذلون جهداً حالياً لإقناع بلدان أخرى بالحلول محل الأميركيين في هذا الدور.
والأكثر من ذلك، أن تصريحات ترامب المتكررة بأنه سحب موضوع القدس «من الطاولة» تزيد من إغضاب الفلسطينيين، محطِّمة طموحاتهم على ما يبدو في أن يجعلوا من المدينة المقدسة عاصمة لدولة فلسطينية مقبلة.
وقال دبلوماسيون من بلدان عربية، إن القرار المتعلق بالقدس جعل من الصعب سياسياً بالنسبة لهم الضغط على رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس كي يعود إلى الطاولة بسبب التنديدات التي سيثيرها ذلك داخل بلدانهم.
ويذكر هنا أن ترامب وكوشنر استثمرا الكثير في تطوير علاقات مع دول الخليج؛ ولكن المسؤولين الأميركيين أشاروا إلى أن البيت الأبيض لا يعول على أصدقائه العرب للترويج لمبادرة السلام التي سيطلقها الرئيس، بيد أن مساعدي ترامب يواجهون عراقيل أخرى.
فمؤخرا، جُرِّد كوشنر من امتيازات كانت تتيح له الاطلاع على وثائق بالغة السرية، ما يثير أسئلة بشأن وضعه مستشاراً كبيراً للرئيس، بل وحتى بشأن مستقبله في البيت الأبيض.
وقال المسؤولون، إن ذلك لن يعيق قدرته على التفاوض، ولكنه يمكن أن يحد من وصوله إلى تقارير استخباراتية حساسة.
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «نيويورك تايمز»