ازدياد الاضطراب الإقليمي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
رضوان السيد
هناك تقديرات متفاوتة لأهمية العوامل المختلفة التي يمكن أن تقود للتفجير الكبير في منطقة الشرق الأوسط. فهناك من يعتبر أنّ التفجير الكبير يأتي في شهر مايو القادم، عندما يكون على الرئيس ترامب أن يتخذ قراراً أخيراً بشأن الاتفاق النووي الإيراني. وهناك من يذهب إلى أنّ عامل التفجير الأول سيكون بسبب زيادة الضغوط الإيرانية على حدود الكيان الصهيوني لجهة سوريا بعد لبنان. وقد قالت إسرائيل إنها لن تقبل بالأمر الواقع الذي تحاول إيران فرضه، ومن ذلك إقامة قواعد في جنوب سوريا. وهناك أخيراً من يقول إنّ التفجير سيأتي من التنافُس الروسي الأميركي على سوريا.
في مجال التنافُس فإنّ روسيا متقدمةُ على الولايات المتحدة لجهة المساحة التي تحتلها مع حلفائها، ولجهة الآليات السياسية والدبلوماسية التي أنتجتها ومنها أستانا وسوتشي. ثم إنها ما تزال تكسب على الأرض، لجهة الغوطة الشرقية، ولجهة تقدم حليفتها تركيا باتجاه عفرين.
إنما من جهة أُخرى فإنّ الولايات المتحدة، أمّنت مناطق واسعة في شرق وشمال شرق سوريا، تخضع لحلفائها الأكراد. ثم إنّ عندها قاعدة التنف، وقاعدتين أُخريين قرب الحدود الأردنية. وتضغط كلٌّ من فرنسا وأميركا على روسيا في الملف الإنساني بالغوطة، ومن أجل اتهام النظام باستخدام غاز الكلور مجددا. وقد كافحت روسيا إدانة النظام في مجلس الأمن بالفيتو، ما دفع الأميركيين والفرنسيين للتهديد بضرب قوات النظام، إذا ثبت استخدامها للكيماوي أخيراً. وأجابت روسيا بأنها ستردُّ إن حصل ذلك. ثم جاءت قبل أيام قضية الجاسوس الروسي السابق، الذي تتهم بريطانيا الاستخبارات الروسية بمحاولة اغتياله في إنجلترا مع ابنته. وقد طردت بريطانيا دبلوماسيين روساً، وردت روسيا بإجراء مماثل.
وفي الإمكانية الثانية لانفجار التوتر من خلال حرب إسرائيلية على الإيرانيين في سوريا، فإنّ الأسبوعين الأخيرين لم يشهدا غارات إسرائيلية. لكنّ الأردنيين دعوا أطراف «غرفة العمليات» من الدوليين للنظر في الأوضاع المتأزمة على حدودهم نتيجة التعرض الإيراني. على أنّ الصمت الإسرائيلي قد يكون له سببٌ آخر غير الضغط الروسي. وهو أنّ الولايات المتحدة هي التي تقود عمليات المواجهة مع إيران، سواء لجهة النووي أو لجهة تدخل طهران وميليشياتها في الدول العربية. إنما كيف ومتى تحصل هذه المواجهة على الأرض، فهذه أمورٌ ستكشفها الأسابيع والشهور القادمة، وهل يكون لإسرائيل دورٌ فيها أم لا.
وفيما يخص الملف الأول والأخطر؟ أي ملف الاتفاق النووي مع إيران، والذي يُهدّد ترامب بإلغائه، فالأوروبيون والروس والصينيون المشاركون في الاتفاق لا يريدون ذلك. وقد أمكن بالضغوط على ترامب تأجيل المسألة مرتين، ويُرجَّح أن يتخذ قراره في مايو القادم. ويعتقد المراقبون أنّ من بين أسباب ترامب وراء إقالته وزير خارجيته تيلرسون: الخلاف معه بشأن الاتفاق، والخلاف بشأن إعلان القدس عاصمةً لإسرائيل. وقد حاول الأوروبيون إيجاد حلول وسط مع طهران يمكن أن تخفّف من قلق ترامب، ومضى وزير الخارجية الفرنسي إلى طهران، وتحدث مع الإيرانيين عن الصواريخ الباليستية، وعن التدخل بالمنطقة العربية.. لكنهم رفضوا التنازل في المسألتين أو قبول التفاوُض!
لو حصل أن ألْغى ترامب الاتفاق من طرف واحد، فكيف يكون ردّ فعل إيران؟ هل تعود أولاً إلى التخصيب؟ وهل تزيد من تحركاتها بالمنطقة؟ وهل يغامر «حزب الله» بالحرب مع إسرائيل، أم تأتي الضغوط من جهة «حماس» التي ما عادت تملك الحرية نفسها بعد توثق علاقاتها بمصر؟
إنّ الاعتماد في منع الحرب يبقى على كاهلي كلٍّ من روسيا والولايات المتحدة، والقنوات السرية بين عسكرييهما نشطة. فهل يشمل ذلك أيضاً منع الاشتباك المؤدي إلى الحرب؟
المشكلة أنّ التوتر الأميركي الروسي يتزايد على كل الجبهات وفي سائر المسائل، وقد تسمح الدولتان أو إحداهما لحليفها بتجربة حظه في الانتقام أو الردع.. ومعظَمُ النار من مستصغَر الشررِ!