جريدة الجرائد

ما نحتاجه في بناء العراق… ليس الأموال

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

 فاتح عبد السلام 

اعادة‭ ‬اعمار‭ ‬العراق‭ ‬لا‭ ‬تتم‭ ‬عبر‭ ‬مؤتمرات‭ ‬دولية‭ ‬لجمع‭ ‬الأموال‭ ‬،‭ ‬فذلك‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬العملية‭ ‬التي‭ ‬يحتاجها‭ ‬العراق‭ . ‬عندما‭ ‬تغيب‭ ‬الخطة‭ ‬المركزية‭ ‬المخولة‭ ‬تنصب‭ ‬العيون‭ ‬على‭ ‬الاموال‭ ‬فحسب‭ ‬،‭ ‬مع‭ ‬ما‭ ‬تعنيه‭ ‬كلمة‭ ‬الاموال‭ ‬من‭ ‬مرادفات‭ ‬الفساد‭ ‬في‭ ‬واقع‭ ‬عراقي‭ ‬متفسخ‭ ‬من‭ ‬المستحيل‭ ‬اصلاحه‭ ‬بالأدوات‭ ‬المتداولة‭ ‬اليوم‭ .‬

لننظر‭ ‬الى‭ ‬تجارب‭ ‬الدول‭ ‬الأخرى‭ ‬في‭ ‬النهوض‭ ‬،‭ ‬أعلم‭ ‬انّ‭ ‬السياسيين‭ ‬الان‭ ‬مخبوصون‭ ‬وراغبون‭ ‬عن‭ ‬التفكير‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬حظوظهم‭ ‬التعيسة‭ ‬للفوز‭ ‬بالانتخابات‭ ‬محسومة‭ ‬الأطر،‭ ‬لذلك‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تتصدى‭ ‬منظمات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬أهلية‭ ‬تخص‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬للتفكير‭ ‬بالبدائل‭ .‬

وأعلم‭ ‬هنا‭ ‬أيضاً‭ ‬انّ‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬مرتبط‭ ‬بآليات‭ ‬الحكومة‭ ‬وبرامجها‭ ‬وتحالفاتها‭ ‬وتنسيقاتها‭ ‬السياسية‭ ‬التي‭ ‬لا‭ ‬تشترك‭ ‬الطاقات‭ ‬المستقلة‭ ‬في‭ ‬دائرة‭ ‬اتخاذ‭ ‬القرارات‭ ‬الخاصة‭ ‬بإعادة‭ ‬الاعمار‭ . ‬في‭ ‬اليابان‭ ‬حين‭ ‬وقعت‭ ‬نكبة‭ ‬هيروشيما‭ ‬التي‭ ‬لدينا‭ ‬مجسم‭ ‬مصغر‭ ‬لها‭ ‬في‭ ‬الجانب‭ ‬الايمن‭ ‬من‭ ‬الموصل‭ ‬،‭ ‬كان‭ ‬القرار‭ ‬في‭ ‬إعادة‭ ‬الاعمار‭ ‬بيد‭ ‬منظمات‭ ‬ورجالات‭ ‬ومؤسسات‭ ‬المجتمع‭ ‬المدني‭ ‬وليس‭ ‬بيد‭ ‬السياسيين‭ ‬،‭ ‬فالسياسي‭ ‬تفرّغ‭ ‬لتصريف‭ ‬شؤون‭ ‬البلاد‭ ‬العامة‭ ‬،‭ ‬واهتمت‭ ‬النخب‭ ‬اليابانية‭ ‬بتقديم‭ ‬كل‭ ‬ما‭ ‬تمتلكه‭ ‬وتقدر‭ ‬على‭ ‬تسخيره‭ ‬في‭ ‬بناء‭ ‬البلد‭ ‬من‭ ‬جديد‭ . ‬المسألة‭ ‬لا‭ ‬تخضع‭ ‬للأهواء‭ ‬السياسية‭ ‬ولا‭ ‬المساومات‭ ‬الدولية‭ .‬

‭ ‬إنّ‭ ‬ما‭ ‬نحتاجه‭ ‬فقط‭ ‬هو‭ ‬القرار‭ ‬الوطني‭ ‬المستقل‭ ‬في‭ ‬تشكيل‭ ‬الهيئة‭ ‬العليا‭ ‬لبناء‭ ‬العراق‭ ‬مطلقة‭ ‬الصلاحيات‭ ‬ومراقبة‭ ‬من‭ ‬اكثر‭ ‬من‭ ‬هيئة‭ ‬وتشكيل‭ ‬،‭ ‬تتولى‭ ‬وضع‭ ‬خطط‭ ‬اعدة‭ ‬البناء‭ ‬بحسب‭ ‬حاجة‭ ‬العراق‭ ‬لعشرين‭ ‬سنة‭ ‬مقبلة‭ ‬في‭ ‬أقل‭ ‬تقدير‭ ‬،‭ ‬لكي‭ ‬نضمن‭ ‬كيف‭ ‬نوفر‭ ‬فرص‭ ‬عمل‭ ‬وتسيير‭ ‬المجريات‭ ‬الاقتصادية‭ ‬مع‭ ‬عملية‭ ‬البناء‭ .‬

يجب‭ ‬أن‭ ‬نقسم‭ ‬البناء‭ ‬لمراحل‭ ‬ولكل‭ ‬مرحلة‭ ‬رصيدها‭ ‬من‭ ‬المؤهلات‭ ‬والاموال‭ ‬والدعم‭ ‬الدولي‭ ‬،‭ ‬لكي‭ ‬نعرف‭ ‬أين‭ ‬نتجه‭ ‬في‭ ‬العمار‭ ‬بحسب‭ ‬خطة‭ ‬معروفة‭ ‬ومعلنة‭ ‬في‭ ‬الاعلام‭ ‬لكل‭ ‬الناس‭ ‬،‭ ‬فهي‭ ‬ليست‭ ‬عملية‭ ‬سرية‭ ‬وانما‭ ‬هي‭ ‬حملة‭ ‬وطنية‭ ‬شاملة‭ ‬تحتاج‭ ‬استقدام‭ ‬العقول‭ ‬العراقية‭ ‬من‭ ‬الخارج‭  ‬في‭ ‬عقود‭ ‬انتاجية‭ ‬محددة‭ ‬مع‭ ‬عمر‭ ‬المشاريع‭ ‬ومراحل‭ ‬البناء‭ . ‬بغير‭ ‬هذا‭ ‬،‭ ‬لا‭ ‬ندري‭ ‬الى‭ ‬أين‭ ‬نحن‭ ‬ذاهبون‭ ‬،‭ ‬وقد‭ ‬اختلط‭ ‬مفهوم‭ ‬اعادة‭ ‬البناء‭ ‬بترقيع‭ ‬الموازنة‭ ‬التي‭ ‬تتآكل‭ ‬في‭ ‬بنود‭ ‬لم‭ ‬يتم‭ ‬اعادة‭ ‬هيكلتها‭ ‬حتى‭ ‬الآن‭ ‬ومعظمها‭ ‬صرفيات‭ ‬ذات‭ ‬دلالات‭ ‬سياسية‭ ‬تضع‭ ‬فارقا‭ ‬سياسيا‭ ‬بين‭ ‬مواطن‭ ‬عراقي‭ ‬عادي‭ ‬وآخر‭ ‬قاتل‭ ‬النظام‭ ‬السابق‭ ‬قبل‭ ‬سنوات‭ ‬،‭ ‬وهي‭ ‬تصنيفات‭ ‬انتهى‭ ‬مفعولها‭ ‬بعد‭ ‬خمسة‭ ‬عشر‭ ‬عاماً‭ ‬من‭ ‬التغيير‭ ‬الذي‭ ‬حدث‭ ‬في‭ ‬المسميات‭ ‬ولا‭ ‬يزال‭ ‬الواقع‭ ‬يعيش‭ ‬التردي‭ ‬العميق‭ .‬

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف