السعوديون من أصول إسبانية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
صفوق الشمري
إحدى التجارب الجينية على الحيوانات زادت العمر 150 %، وفي بعض التجارب زاد العمر عدة مرات. للعلم، سترون قريبا -خلال السنوات القادمة- أناسا كثيرين سيعيشون 150 سنة
نشرت دراسة حديثة وكبيرة تبين الأصول الجينية للمجتمعات العربية والشرق أوسطية، إذ حللت الدراسة الأصول الجينية لأكثر من 36 مجتمعا في العالم العربي، ووجدت الدراسة أن الأصول الجينية لغالبية لسعوديين والكويتيين واليمنيين الذين شملتهم الدراسة، ترجع إلى الايبيريين «شبه الجزيرة الايبيرية أو ما يعرف حاليا بإسبانيا».
طبعا، قسمت الدراسة المجتمعات العربية إلى عدة مجموعات، ووجدت اختلافات مهمة في أصول المجتمعات العربية، ولست في صدد سرد كل دولة إلى أين ترجع أو تتشابه أصولهم الجينية!
فالقارئ الكريم، يستطيع الرجوع إلى الدراسة المنشورة ومعرفة الأصول الجينية لكل مجتمع، لكن تفسير أن أصول المجتمع السعودي ترجع إلى غرب البحر المتوسط «إسبانيا»، هو بسبب الهجرة التي حدثت قبل 10000 سنة قبل الميلاد، بسب الجفاف الذي حدث في منطقة الصحارى الكبرى من غرب المتوسط إلى الجزيرة العربية.
طبعا، نحن نتحدث حاليا عن علم وجينات، بغض النظر عن النظرة الثقافية أو المجتمعية، فلا أحد يأخذ الموضوع بحساسية، ولا أحد يعتقد أن الهجرة معاكسة، لأنه بعلم الأصول الجينية تستطيع معرفة الأصول والفروع، وهذا لا يؤثر بأي شكل من الأشكال بالأصول العربية أو الأمة العربية، لأننا نتكلم عن شيء حدث قبل 10 آلاف سنة قبل الميلاد.
لكن، جينيّا وعلميا من أقرب ناس لنا، أو بالعامية «عيال عمنا» هم الإسبان «الايبيريين».
رغم غرابة المعلومة عند البعض، إلا أنها ليست أساس هذا المقال، ولكن مجرد مثال بسيط لما سيأتي في علم الجينات، قبل فترة كنت أعطي محاضرة لمجموعة من الأطباء المتخصصين والاستشاريين، واستغربت عدم معرفة كثيرين بالتطورات التي حدثت مؤخرا في علم الجينات والعلاج الجيني -صراحة لا ألوم العامة- عندما تطرقنا إلى علاج جيني لأحد الأمراض الجينية الصعبة، استغرب البعض واعتقد أننا نتكلم عن المستقبل، لأن العالق في الأذهان -حتى الأطباء- أن هذا شيء مستقبلي، لكنهم فوجئوا عندما ذكرت لهم أنه علاج موجود في الأسواق، ومرخص من هيئة الدواء والغذاء في العالم، وعندما سألونا لماذا لم نسمع به، ببساطة الجواب: سعر العلاج خرافي لذلك لن تراه!.
العلاج موجود في أمبولة صغيرة «مثل ربع تولة دهن العود»، وسعره أكثر من 5 ملايين ريال! وهذا سبب أنك لن تراه في المستشفيات، لكن لكسر حالة الذهول، ليعلم الجميع أن هناك خبر جيد، وهو أن مشروع تحليل الجينوم البشري كلّف حوالي مليار دولار عندما بدأ في التسعينات، والآن تستطيع عمل التحليل الجيني بحوالي ألف دولار، أي أن السعر نزل حوالي مليون مرة، وكعادة أي شيء جديد يبدأ غاليا وبعدها ينزل ثمنه.
الآن، ندرّس للطلبة في الجامعة تخصص قد يعدّ جديدا للبعض لكنه موجود في القليل من الجامعات الكبرى في العالم، اسمه مكافحة الشيخوخة أو تطويل العمر، نحن لا نتكلم عن شيء مستقبلي، بل هناك برنامج حالي للماجستير بهذا الاسم، وسيجد القارئ أطباء تخصصهم مكافحة الشيخوخة وتطويل العمر. ربما العالم العربي لم يصله هذا التخصص بسبب التقنيات الحديثة المطلوبة، لكن سيصله مع الوقت.
وللتأكيد، تطويل العمر لا يعني التدخل في مشيئة الله، أو تحديد عمر الإنسان، فهذا من قدرة الله وحده، لكن انظر إلى معدل أعمار السعوديين حاليا هو 75 سنة بينما كان عام 1960 معدل أعمار السعوديين حوالي 45 سنة فقط، لكن مع الطب والتقنية زادت الأعمار، وبمشيئة الله الذي أعطى الإنسان العلم، ستزيد الأعمار إلى أكثر من ذلك بكثير. للمعلومية، إحدى التجارب الجينية على الحيوانات زادت العمر 150%، وفي بعض التجارب زاد العمر عدة مرات، للعلم سترون قريبا خلال السنوات القادمة أناسا كثيرين سيعيشون 150 سنة.
بعد اكتشاف واحدة من أفضل التقنيات في تاريخ الطب في نظري، وهو تقنية «كرسبر كاس9»، فإنه لا يوجد حدود للطب، إذا كان شيء ممكن أن يطلق عليه سحر حلال في هذا العصر فهو «الكرسبر» وتعديل الجينات، مجالاته فوق التصور، غالب الأمراض الوراثية التي كان يقال للمريض إنه سيعيش معها طول حياته ستختفي، تصور الأنيميا المنجلية ستختفي وآلامها، وكثير من الأمراض الوراثية للأطفال، بعد أن كان يقال للوالدين لا يوجد علاج مدى الحياة، الآن موجود.
قد لا يستسيغ البعض ما سأقوله، لكن الآن من الممكن تصميم الجنين، وهناك شق إيجابي وسلبي. الشق الإيجابي: أنه يمكن حاليا تعديل الجينات لبعض الأمراض الوراثية خلال التلقيح، فيخرج الولد خاليا من عيوب وأمراض الوالدين، وهذا الشيء حدث وليس مستقبليا.
لكن الشق السلبي: أنك من الممكن تصمم الجنين بالصفات التي يرغبها الوالدان، يعني طويل وعيون زرق وشعر ناعم، وتزيد جينات الذكاء... إلخ، وهذا غالبنا كعلماء يرفض عمله أخلاقيا، لكن بالتقنيات الحديثة ممكن!.
بتقنية الكرسبر من الممكن تحوير وتعديل الفيروسات ألا تصيب الجسم، مثل فيروس الإيدز يمكن تعديله وجعله لا يصيب الإنسان، وهذا حدث، لكن هناك شق سلبي كما بالإمكان عمل شيء إيجابي بالفيروسات، من الممكن عمل شيء إجرامي بالفيروسات وجعلها سلاحا أو تحوير بعض الصفات، ودمج أكثر من صفة بالفيروس، وجعله قاتلا للبشرية، ولست بصدد شرح المزيد.
لا شيء أخشى على البشرية منه حاليا مثل التعديل الجيني والخلايا، لأنه من الممكن أن يبيد البشرية، وأتمنى من الله ألا أحد يستغل التقنية الجينية بالشر، أعتقد أننا حاليا نعاني المعضلة نفسها التي عاناها علماء الطاقة النووية سابقا، هناك فوائد متعددة، لكن من الممكن أن تكون مدمرة، كما أني سعيد أنه تم قبل أسابيع شفاء مرضى من العمى باستخدام الخلايا الجذعية، وتم اعتماد علاج جديد لمرض كرون من هيئة الدواء والغذاء في أوروبا، لكن في الوقت نفسه مشاعر مختلطة تخاف أن يستغل أحدهم التقنية في فناء البشر.
قبل أكثر من عقد من الزمن، عندما كنا قلة في مجال الطب التجديدي، كنا نرغب في انتشار هذا العلم، والآن عندما أصبح هذا المجال أكثر المجالات ازدهارا، بدأ القلق يتسرب إلينا كمخضرمين.
الآن، كأعضاء في لجنة تضع القوانين والأخلاقيات للعلاج بالخلايا للبشر، أصبحنا حريصين جدا ألا يدخل المجال إلا من هو كفء له، وبمعايير دقيقة جدا.
التعليقات
مصادر
د. محمد الأزرقي -ما المصادر التي تمت الإستعانة بها لكتابة المقال؟