حكومة بلاغ ضد بلاغ!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
خالد الطراح
ليس مستغرباً الحديث الصحافي للمستشار رجيب الرجيب، المحامي العام لنيابتي الأموال العامة والشؤون التجارية (القبس 18 ــ 2 ــ 2018) بخصوص «خلو البلاغات من المستندات الدالة» على شبهات جرائم المال العام، وهو حديث يعكس حقيقة الوضع في الحكومة، التي تقدم بلاغات مبتورة لرفع الحرج السياسي عنها، ورمي الكرة بملعب النيابة العامة!
النيابة العامة، كما تفضل المحامي العام، «جهة قضائية تتولى التحقيق الجنائي، وليست جهة فحص أو لجنة تقصي حقائق»، وهو ما يستوجب مخاطبة الحكومة السيد النائب العام، كما فعلت أخيراً بخصوص الأحكام غير المنفذة من بعض الجهات الحكومية أو المسؤولين، لمعرفة طبيعة وعدد «البلاغات بلا مستندات».
أورد مثالاً على تناقض البلاغات الحكومية التي تقدمها الوزارات، وهو بلاغ وزير المالية السابق في أكتوبر 2016 إلى النائب العام، بناء على طلب ديوان المحاسبة، بالنسبة لمخالفات مالية تحمل شبهة هدر للمال العام، تخص استثمار احدى الشركات العقارية الكويتية مملوكة للهيئة العامة للاستثمار، وتخضع لقانون المال العام، بشأن استثمار في فرع شركة أخرى وفقاً لما ورد في تقرير ديوان المحاسبة ومستندات رسمية.
في 23 ــ 11 ــ 2017 بعد استقالة الحكومة في 30 ــ 10 ــ 2017، وتكليفها بتصريف العاجل من الأمور، وجه وزير المالية السابق خطاباً إلى النائب العام، بشأن بلاغ 2016، نفى فيه وجود مخالفات مالية وهدر للمال العام، وهو ما يتناقض كلياً مع ما ورد في البلاغ الأول للوزير، الذي استند فيه على تقرير ديوان المحاسبة!
القضية التي هي قيد التحقيق حالياً في النيابة العامة، بتعاون ديوان المحاسبة الذي حضر ممثلوه تقريبا 6 جلسات تحقيق، آخرها كان في 2 ــ 4 ــ 2018، حيث تم تقديم كل ما لدى الديوان من مستندات، وفنّد كل البيانات والمعلومات المتعلقة بالقضية، خصوصا بلاغ النفي لوزير المالية السابق، ونتائج لجنة التحقيق التي تم تشكيلها بقرار وزير المالية السابق رقم 47، وشهادة المدقق الخارجي، وما صاحب ذلك من تناقض قي تقارير متضاربة بشأن القضية محل التحقيق!
في 10 ــ 4 ــ 2018، وجه رئيس ديوان المحاسبة خطابا رقم 3 ــ 1 ــ 28 ــ 140ـ س 120، إلى رئيس مجلس الأمة، طالباً بإحالة التقرير وكل المستجدات الخاصة إلى لجنة حماية الأموال العامة، بصفتها اللجنة التي سبق لها مباشرة التحقيق في القضية نفسها لاستكمال التحقيق في ضوء بلاغ النفي الرسمي، ومعلومات اكتشفها الديوان حديثاً، إلى جانب مخاطبة النائب العام بالتاريخ نفسه (19 ــ 1 ــ 28 ــ 140 – 118) توثيقاً لرد الديوان رسمياً على كل ما ورد للنيابة العامة من معلومات ومستندات، بما في ذلك بلاغ نفي 2017، إضافة إلى خطاب آخر لوزير المالية الحالي 22 (1 ــ 140 ـ س 119)، بطلب تزويد الديوان بالمزيد من المستندات والأوراق الرسمية ذات العلاقة، وتبيان الرأي الرسمي في شأن بلاغي 2016 و2017.
القضية تعود إلى استثمار تلك الشركة بنسبة %20 حوالي 13 مليون دولار أميركي، إلى أن انخفضت نسبة الاستثمار إلى %4.5، بسبب شبهات هدر نتيجة توكيل رسمي من الشركة للرئيس التنفيذي لفرعها في البحرين، وتم تحويل أموال الشركة من البحرين إلى الشركة الرئيسية في الكويت، ومن ثم تم تحويلها إلى خارج الكويت، وتحديداً إلى فرنسا وفقاً لمستندات ديوان المحاسبة!
أعان الله النيابة العامة على فك طلاسم رسمية تتعلق ببلاغ ضد بلاغ، وحتى تتضح الصورة القانونية بشكل نهائي، أرفع هذه التفاصيل إلى سمو رئيس الحكومة للتثبت منها، وحسم مدى سلامتها قانونا بلاغ النفي لوزير المالية السابق، وهو وزير في الحكومة الحالية بعد استقالة الحكومة وقبل التشكيل الوزاري الأخير، وهل هذا البلاغ يندرج تحت تصريف العاجل من أمور؟!
أضع هذه المعلومات بين يدي هيئة مكافحة الفساد (نزاهة) لمباشرة تحقيقها أيضاً.