جريدة الجرائد

قائمة سوداء ليست للإعلاميين المسيئين وحدهم

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

 محمد فايع  

الوطن سيبقى هو أمننا وملاذنا، والمكان الذي نسكنه ويسكننا، ونعشقه بكل ما فيه بتضاريسه وجغرافيته، بتاريخه وأجوائه، وحب الوطن من الإيمان كما يقال، وحبه غريزة صادقة نابعة من الفطرة، وقد قال شاعر محب لوطنه «بلادي وإن جارت علي عزيزة... وأهلي وإن ضنوا علي كرام»، فما بالكم إذا كان هذا الوطن هو الذي يضم أقدس البقاع، وفيه بيت الله الحرام، لهذا لم ولن نقبل من يحاول المساس به، لا من قريب ولا من بعيد، ولن نقبل من يمس قيمنا ومبادئنا وثوابتنا، ونحن حينما نتحدث عن بعض الشخوص الإعلامية التي أساءت لبلادنا نتيجة لتقلب مواقفها، ثم نشاهدها تطل علينا من على شاشات الفضائيات المحسوبة على بلادنا، فيحق لنا أن نندهش، ونعبر عن غضبتنا، ليس لأن بيننا وبين تلك الأسماء خصومات شخصية، بل لأن مواقفهم تجاه بلادنا سيئة وغير نزيهة، ولا يمكن أن نعذرهم فيها، أو ننساها لهم، فيعتقدون أن ذاكرتنا ضعيفة.


وأنا أحيي المستشار سعود القحطاني الذي غرد بالأمس القريب عدة تغريدات، تنم عن غيرة الرجل على بلده، وطالب فيها بفضح الإعلاميين المسيئين لبلادنا، عبر هاشتاق «قائمة سوداء للإعلاميين المسيئين»، مطالبا كذلك الفضائيات التي يملكها سعوديون، بعدم قبول هؤلاء المسيئين لبلادنا، وثقته فيهم «بكرشهم» خارج قنواتهم، ولكن أحب أن أقول للمستشار القحطاني، يجب أن تتسع دائرة القائمة السوداء، فهناك «مثقفون وكتاب، ودعاة وفنانون وفضائيات عربية وأجنبية، وصحف عربية وأجنبية، إضافة إلى إعلاميين» لطالما أساؤوا لبلادنا وقيمنا ورموزنا الدينية، جميعهم يجب أن تشملهم القائمة السوداء، وتصبح قاعدة يتم الرجوع إليها.
وأنا منذ زمن بعيد، وفي أكثر من مقال وتغريدة، كان آخرها مقال بجريدة «الوطن» طالبت من خلاله بوجود مثل هذه القائمة السوداء لكل إعلامي يسيء إلى السعودية، لرموزها أو تاريخها، بصرف النظر عمن يكون ذلك الإعلامي سعوديا، أم غير سعودي، مثقفا أم داعية، وهذا ما يجب أن تشمله هذه القائمة، وليس الإعلاميين وحدهم، خاصة أولئك الذين يستهدفون قيمنا الدينية، وثوابتنا الاجتماعية، أو يستهدفون تشويه صورتنا كمجتمع سعودي عربي إسلامي محافظ، فمنهجنا الوسطية والاعتدال، وجميعنا متفقون على نبذ التطرف في حديه، وقائدنا -حفظه الله- الملك سلمان بن عبدالعزيز، دوما ما ينبه إلى ذلك الأمر، ويشير إليه في خطاباته ولقاءاته، وهو صاحب المقولة الخالدة «لا مكان بيننا لمتطرف أو منحل».
ولذلك فديننا وبلادنا وقادتنا وقيمنا وثوابتنا خطوط حمراء، لن نقبل المساس بها، وكنت أقول يجب أن يعلم هؤلاء أننا نعرفهم ولا نجهل مواقفهم تجاهنا، وإن أتوا يجرون ثياب الاعتذار زورا، ويذرفون دموع التماسيح، حتى لا يعتقدون أننا ننسى حينما يسيئون لنا بالنهار، ثم يبتسمون لنا في الليل عبر برامج من على شاشات فضائيات يملكها سعوديون، هؤلاء يجب وقفهم، وعدم التعامل معهم أو إتاحة الفرصة لهم للعمل من خلال أجهزتنا الإعلامية، وبخاصة الفضائيات التي يملكها سعوديون، وفي إعلاميي الوطن البديل، والحمد لله أنه قبل فترة تم التنبه لذلك الأمر، حينما تم استبعاد ثلاثة ممن انتهجوا ذلك الأسلوب الأرعن عبر إحدى الفضائيات، فلم يحفظوا جميلا، ولم يكونوا على قدر الثقة التي أعطيت لهم من هذا الوطن الكبير، فأساؤوا لمجتمعنا السعودي، ومع الأسف أن أحدهم كان قد أُعطي برنامجا ليناقش قضايانا الاجتماعية! وكنا نتساءل يومها، من سمح له؟ وهل يعلم من كلفه بإساءاته تجاه بلادنا ومجتمعنا، وما غرد به؟
ولعلنا اليوم نعيد نفس السؤال، بينما هناك إعلان لبرنامج رمضاني قادم لشخصية دينية، لست أنا من يتحدث عنها، بل «وسائل التواصل الاجتماعي» تعج بعشرات المقاطع له التي تكفي إلى منع ظهوره في أي فضائية، فضلا عن فضائيات يملكها سعوديون، يجب أن تحترم إرادة المجتمع، ولا يستفز باستضافة مثل هذه الشخصيات التي لا يمكنها أن تنكر إساءتها.
وعموما دعونا نتحدث بصراحة حول هذا الأمر، فحينما يكون الأمر يتعلق بأمن بلدنا وسيادته وبقيمه وثوابته، وبرموزه وشخصياته، فلن نجامل كائنا من كان، ولعلكم تذكرون أن بعضهم كان يظهر على القنوات الأجنبية بعض السعوديين والسعوديات، التي كانت تستضيفهم للحديث عن قضايانا الداخلية، قبل القرارات الأخيرة التي تناولت ما كان يستخدمه هؤلاء كذرائع للتطاول على بلادنا تشويها باسم الحقوق والحريات وحقوق المرأة، بينما في بلادهم المرأة منتهكة الحقوق وتوظف في مواقع تحط من إنسانيتها وكرامتها، ومع الأسف كان هؤلاء جل أحاديثهم عن بلادنا عبارة عن أحاديث مضخمة عن مشاكلنا وقضايانا، كانت تقترب إلى حد الإساءة أو التشويه، وكانوا يركزون في حواراتهم تلك على سلبيات المجتمع السعودي، بينما لدينا من الإيجابيات ما كان يمكنهم الحديث عنه، وكأننا المجتمع الوحيد الذي يعج بالقضايا والمشكلات، ومن هم محيطون بنا يعيشون في مدن أفلاطونية مثالية تخلو من المشكلات!
ختاما نريد هذه القائمة السوداء معبرة عن منهج الوطن الذي يعتز بدينه وقيمه ومبادئه وثوابته ورموزه وشخصياته ومجتمعه الوسطي المتدين بفطرته، الرافض لكل أشكال الإرهاب الذي عاناه كثيرا نتيجة التطرف الأعمى، والرافض لكل أشكال الانحلال الخلقي، والرافض لكل إساءة أيا كان نوعها وممن كانت، ومن يخالف هذه القائمة باحتضان الأسماء السوداء، فيجب أن يلقى المحاسبة. 
 

 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف