جريدة الجرائد

الاقتراض الحصيف ليس عبئاً!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

  خالد الطراح 

توّجت رؤية ديوان المحاسبة بشكل محاسبي دقيق بعدم الموافقة على سياسة وقرار الحكومة في الاقتراض بسبب الكلفة المالية العالية على الدولة، إلا انه لم تراع الرؤية، للأسف، مبدأ «الاقتراض الحصيف» على حد تعبير وزارة المالية في اكثر من مناسبة حتى قبل الانتخابات الاخيرة!.


أجد نفسي ملزماً باتخاذ موقف غير مؤيد لديوان المحاسبة، الذي كثيرا ما استندت الى تقاريره وعمله في استعراض اشكال وأساليب المخالفات المالية التي طالت المال العام على مدى عشرات السنوات، تقديراً لإبداع الحكومة في تبرير المخالفات والسياسات التي لم يعرفها قاموس مالي ولا سياسي!
فعلى الرغم من التحفّظ الذي أبداه أكثر من جهة وخبير، بما في ذلك ديوان المحاسبة، فقد ظلت الحكومة تسير عكس الرياح بتصديق وهم، أسمته «الاقتراض الحصيف» من دون تفنيد الحسبة المالية والتكلفة على الخزانة العامة والمال العام، كما فعل ديوان المحاسبة وجهات اخرى، فللحكومة نظرة اعمق من غيرها، وربما ترى ما لا نرى، وهي «أبخص» (أعلم) بمستقبل صندوقي الاحتياطي العام والأجيال القادمة، وأي كلفة مالية ناتجة عن «الاقتراض الحصيف»، فثمة فرق بين الاقتراض بمفهومه العام من حصافة الاقتراض الحكومي، حيث ان اقتراض الحكومة قد يبدو لها تكلفة اليوم وغداً ايضا، ولكن الحكومة اعلم ببواطن الامور وثروات الدولة من دون ان يتعرّض المال العام للهدر والضرر!
قدم ديوان المحاسبة تقاريره بهذا الخصوص لمجلس الامة بالأرقام والبيانات وليس بالإنشاء اللغوي، كما تفعل الحكومة، والفرق كبير بين رؤية حسابية ورؤية انشائية تقوم على اساس حصيف.
ضغط الميزانية الذي تحدث عنه ديوان المحاسبة (القبس 2018/4/1) نتيجة الاقتراض لا يختلف من حيث المضمون عن وثيقة الاصلاح الاقتصادي والمالي التي شغلتنا الحكومة فيها على مدى سنتين، وكذلك مجلس الامة بان الوثيقة بُنيت على واقع مالي واقتصادي، ودراسة مستفيضة لإنقاذ الدولة من عجز حاد في الميزانية العامة، بعد ان اصبح «الموس فوق كل الرؤوس».
اقتراض الدولة له مبرراته حتى لو كانت كمالية وغير ضرورية، فمثلما نشرت الحكومة ثقافة الاستهلاك واعتماد المواطن والاتكال عليها في الشؤون الصغيرة والكبيرة، فمن حقها (الحكومة) ان تغامر في سياسة الاقتراض طالما كان اقتراضا حصيفا!
ينبغي ان نحمد الله ان لدينا حكومة ما زالت واهمة بانها ترى ما لا نرى، وانها اعلم بالمستقبل المنظور والبعيد ايضا، فعينا الحكومة لهما آفاق اوسع بكثير من عيون تركّز على الحاضر والمستقبل بحسبة مالية بحتة، وليست إنشائية، والفرق بين الاثنين كبير جدا!
اللهم بلّغنا بحصافة الرأي والحكمة، التقدير والتأنّي في تقييم سياسات الحكومة.

 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف