شركات التقنية وقواعد الخصوصية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ليونيد بيرشيدسكي
بدأ مستخدمو الإنترنت في جميع أنحاء الاتحاد الأوروبي -وفي بعض الحالات، في بقية أنحاء العالم الأخرى أيضاً– يقادون برفق نحو قبول شروط الخدمة والخصوصية الجديدة للشركات المختلفة، التي تتوافق مع ما يعرف بـ«اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي»، التي ستدخل حيز التنفيذ العملي في 25 مايو المقبل. وقد أقنعتني محاولتي التعامل مع هذه اللائحة، بأن صناعة التكنولوجيا مازالت مصممة على فهم وتطبيق الخصوصية بأسلوب خاطئ، وأن «اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي» -كما يطبقونها- لا تحول بينهم وبين ذلك.
تأتي التذكيرات المتعلقة بـ«اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي» من المتاجر، ومصنعي الإلكترونيات، والشبكات الاجتماعية وحتى المؤسسات غير الربحية. ويحتاج المرء إلى أن يكون صاحب ذهنية تولي اهتماماً خاصاً لموضوع الخصوصية، حتى يتمكن من قراءة ومتابعة الوثائق القانونية التي يتم تحديثها من قبل «فيس بوك» أ «تويتر» أو «فيتبيت» أو «سونوس»، أو أي موقع تجارة إلكترونية ربما يكون قد قام بزيارته قبل بضع سنوات، أو فرقة مسرحية محلية، دون أن يصاب ذهنه بالتشوش.
ورغم أن معظم شركات التقنية قد حاولت كتابة المصطلحات الجديدة بلغة واضحة، كما تتطلب «اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي»، فإن هذه الوثائق ما تزال أطول من اللازم، ومصاغة بطريقة تهدف للامتثال للقانون من جانب قرائها في المقام الأول.
النهج المعتاد المستخدم في صياغة هذه الوثائق، هو إغراق المستخدم بآلاف الكلمات التي تشرح ما هي البيانات التي يتم جمعها، وكيفية استخدامها، ثم القيام بعد ذلك -داخل النص- بتقديم روابط لصفحات الإعدادات، حيث يمكن للمرء اختيار الدخول والخروج من عملية جمع البيانات ومعالجتها.
تلجأ شركات التقنية إلى ذلك الأسلوب، رغم من أن قواعد «اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي» ليست معقدة. فهي فقط تتطلب من المؤسسات التي تقوم بجمع البيانات ومعالجتها، أن تسأل مستخدمي الإنترنت بلغة واضحة، عما إذا كانوا موافقين عليها أم لا. لكن ما يجده المستخدمون أمامهم هو، دائماً نص قانوني مطول، بل أحياناً ثلاثة نصوص. ليس هذا فحسب بل هناك أيضاً تلك الصفحة المرتبطة بكل نص، وسياسة خصوصية منفصلة للأطفال، وأخرى للحيوانات الأليفة، وربما ما هو أكثر من ذلك.
هناك طريقة صحيحة للقيام بذلك. من بين جميع المنظمات التي رأيت سياساتها التي جرى تحديثها في الأيام الأخيرة، كان أقربها إلى هذه الطريقة، «مسرح كيلن» في لندن، الذي أرسل إخطاراً حول تغيير السياسة إلى محرر جريدتي في لندن. وبالطبع فإن سياسة الخصوصية الجديدة الخاصة بالمسرح، كانت عبارة عن مستنقع آخر من الإسراف في العبارات القانونية، لكنها كانت تحتوي على جدول مفيد يسرد الأغراض التي يتم جمع البيانات من أجلها، ومطابقتها مع بيانات محددة مستخدمة.
ما أريد رؤيته من كل جامعي البيانات الذين يريدون الحصول على بياناتي الشخصية هو: جدول بسيط مكون من ثلاثة أعمدة. العمود الأول: يحدد الغرض من جمع البيانات (على سبيل المثال: «لشخصنة الإعلانات»، أو«لتمكين البحث الأكاديمي»). العمود الثاني: يخصص لأنواع البيانات التي تم جمعها أو معالجتها (على سبيل المثال: «معلومات متعلقة بسجل تاريخ تصفح الويب»، أو «معلومات حول المشتريات السابقة المقدمة من المعلنين»). العمود الثالث: يتعلق بالموافقة أو الرفض (خانة اختيار مقابل كل نوع من أنواع البيانات مكتوب أمامها: «أوافق»، أو «أعترض»).
في الحالات التي تعتبر فيها الشركة موافقة المستهلك على الخدمة التي تقدمها إلزامية، في تلك الحالات النادرة فقط يتم فحص خانة «الرفض»، وهو ما يجب أن يؤدي إلى ظهور نافذة منبثقة، تشرح سبب عدم قدرة الشركة على العيش من دون هذه الموافقة، وتقدم رابطاً لنموذج الشكوى الذي يقدم لهيئة حماية الخصوصية المحلية. سيكون هذا بمثابة توافق حقيقي مع روح اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد، وليس مع نصها فقط. لكن التعامل مع الجزء الخاص بالموافقة بطريقة صادقة، لن يكون سوى الخطوة الأولى، إذ يجب على الشركات بعد ذلك أن ترقى إلى مستوى المتطلبات الأخرى، مثل قابلية البيانات للنقل.
آمل أن يعترض الاتحاد الأوروبي على كيفية تطبيق لوائحه، لكنني أشك في ذلك، لأن المحامين الذين كتبوا السياسات الجديدة يعرفون مهمتهم جيداً. الأمر هنا يتعلق قليلاً بكسب الثقة، لكنه يتعلق تماماً بالتقليل من حالات التقاضي.
لذلك سواء شعر المستخدمون بالغش أم لا (أنا أشعر)، فإن السياسات الجديدة، تخبرهم بأن استمرارهم في استخدام الخدمات في 25 مايو، يعني أنهم يجب أن يوافقوا على القواعد كما أعاد المحامون كتابتها.
هذه فرصة تجارية تنتظر مخرباً كلاسيكياً. فالتوافق الأمين مع اللائحة العامة لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي، أمر يمكن تسويقه، وهنا يكون السؤال: هل هناك أحد يمتلك الشجاعة للقيام بذلك؟
«واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»