جريدة الجرائد

لبنان يترقب تداعيات مواجهة إسرائيلية ـ إيرانية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

  نذير رضا

يترقب لبنان تداعيات المواجهة المحتملة بين إيران وإسرائيل على لبنان، بعد خروج الولايات المتحدة الأميركية من الاتفاق النووي، والتصعيد الإسرائيلي في سوريا، وكان آخره الضربات التي استهدفت مواقع عسكرية، قال ناشطون سوريون إنها قوافل إيرانية، ليل الثلاثاء.

وتزامَن الترقب مع حالات استنفار إسرائيلية على الحدود الشمالية، بدا أنها مرتبطة بتوقعات إسرائيلية بأن يكون الرد الإيراني على ضربة مطار الـ«تي فور»، الشهر الماضي، بعد الانتخابات اللبنانية، فيما رأى خبراء أن إسرائيل ملتزمة بتنفيذ استراتيجيتها «معركة ضمن حروب»، أي الردود المحدودة من غير أن يتدهور الوضع إلى حرب شاملة.

ورأى مدير معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية الدكتور سامي نادر، أن تحييد لبنان في أي حرب يمكن أن تقع، غير ممكن، لافتاً إلى أن «نتائج الانتخابات كرست نفوذ (حزب الله)، ومن الطبيعي أن تمتد الحرب إلى لبنان على ضوء ربط الحزب بين الجبهتين اللبنانية والسورية، وعلاقة الحزب بإيران». وقال نادر: «انطلاقاً من أن المواجهة ستكون شاملة، فإن لبنان سيكون ضمن أتون المعركة، بالنظر إلى أن بيئة الحزب وحاضنته هي لبنانية، وسيمثل ذلك خاصرة رخوة، سيدفع ثمنها لبنان ككل».

وإذ لفت في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تداعيات المعركة الشاملة على لبنان «ستكون أقصى مما كانت عليه في حرب 2006»، أكد أن «مخاطر الضربة المحتملة هي اقتصادية، لأن الاقتصاد اللبناني وصل إلى مرحلة دقيقة والوضع المالي والاقتصادي لا يحمل خضات كبيرة، وهو أمر تدركه إسرائيل، فهي بذلك قادرة على الاستثمار في نقطة الضعف تلك لتنفيذ ضغط على الداخل اللبناني يضغط بدوره على (حزب الله)».

ورأى نادر أن شبكة الأمان الأوروبية التي يحاول الأوروبيون إيجادها للبنان، «لها حدودها»، موضحاً أنه في الشأن السياسي «لا يستطيعون أن ينفذوا الكثير من إجراءات الحماية إذا كانت المواجهة شاملة»، لافتاً إلى أنه في الأصل «هم رهائن الألوية الأوروبية العاملة ضمن قوات حفظ السلام العاملة في جنوب لبنان (يونيفيل)».

ويراهن اللبنانيون على دور أوروبي لتجنيب لبنان الصراع المباشر مع إسرائيل، في حال امتدت أي حرب محتملة بين إسرائيل وإيران إلى لبنان، علماً أن روما كانت استضافت مؤتمراً في شهر مارس (آذار) الماضي، لتمكين الجيش والقوى الأمنية اللبنانية، وطالب المؤتمر بتعزيز وجود الجيش اللبناني على الحدود الجنوبية.

وقال أستاذ القانون الدولي في جامعة «باريس الجنوب» الدكتور خطار أبو دياب، إن تحييد لبنان عن أي مواجهة مباشرة «ليس معروفاً حتى الآن»، مشيراً إلى أن الأوروبيين «سيبذلون جهداً بالاجتماع مع وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، هذا الأسبوع، كما بالاجتماع بين الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والروسي فلاديمير بوتين لمنع أي مواجهة محتملة»، مشيراً إلى أن «الأوساط الأوروبية تخشى عدم القدرة على احتواء مواجهة آتية لن تبقى في سوريا، بل ستتمدد حكما إلى لبنان».

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «لطالما كان لبنان في دائرة الاختبار الإيراني - الإسرائيلي، وهو ما اتضح منذ حرب 2006 حتى اليوم، غير الامتداد الاستراتيجي بين لبنان وسوريا والوجود الإيراني المباشر في سوريا، سيجعل امتداد النزاع حتمياً»، لكنه لفت في الوقت نفسه، إلى أنه «بوجود تداعيات لقرار ترمب أو من دونه، لبنان موجود في فك الكماشة».

وعن تقديراته بمواجهة في سوريا، رأى أبو دياب أن الأمر «سيتوقف على إمكانية المساومة بين نتنياهو وبوتين»، بالاستناد إلى اتفاق خفض التصعيد الذي تم التوصل إليه في يوليو (تموز) 2017، والوجود الإيراني في سوريا. وقال أبو دياب: «إذا لم تكن هناك ضمانات لمنع الوجود الإيراني في الجنوب السوري، فإن ذلك من الممكن أن تنتج عنه مواجهة إسرائيلية - إيرانية في سوريا». غير أن الحديث عن ربط عسكري بين الاتفاق النووي والوضع في المنطقة «يحتاج إلى تدقيق ومراجعة زمنية»، بحسب ما رأى الباحث اللبناني في الشؤون الاستراتيجية علي شهاب، معرباً عن اعتقاده أن «جغرافيا الصراع حالياً تتركز في سوريا، وليس هناك مصلحة أو حاجة لدى أي من الأطراف بتوسيع نطاقها».

ويستند شهاب في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى استراتيجية إسرائيل المعروفة باسم «معركة ضمن حروب»، وهي استراتيجية بدأت مع الحرب السورية، حيث كان على إسرائيل البحث عن حل تستطيع من خلاله «المناورة تحت سقف الحرب»، خصوصاً في ظل خشيتها من وصول «أسلحة كاسرة لتوازن الردع إلى (حزب الله)»، من غير أن تتدحرج الضربات إلى حرب شاملة.

وقال شهاب: «لا تزال إسرائيل ملتزمة بنظرية (معركة بين الحروب)، لكن اللافت في العام الماضي، أن حركة سلاح الجو الإسرائيلي تشي بأن هناك تفكيراً بتطبيق النظرية على الأراضي اللبنانية. وإذ لفت إلى أن الإشكالية في استمرار إسرائيل في اعتناق هذه العقيدة تتمثل في مستوى الرد عليها، كما حصل أخيراً عند تفعيل أنظمة الدفاع الجوي السورية»، قال إن «الجبهة الداخلية الإسرائيلية غير مستعدة بعد للحرب عند كل مفصل أو غارة إسرائيلية في الأراضي السورية».

وقال شهاب: «تكاد التقديرات الإسرائيلية تتقاطع في أن أي حرب مقبلة ستكون (متدحرجة)، لتجد تل أبيب نفسها وسط حرب شاملة»، مضيفاً: «في هذه المرحلة هناك عنوان رئيسي تقول إسرائيل إنها لن تسمح به، ويتعلق بـ(وجود قاعدة إيرانية في فنائها الخلفي)».

وإذ جزم بأنه «لا يمكن لإسرائيل أن تتصرف بمفردها إزاء إيران»، فإن التوقعات باندلاع الحرب «يتطلب دراسة ما يجول في عقول حلفائها».

 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف