جريدة الجرائد

تفاهم نصرالله - باسيل أمام الاختبار

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

تفاهم نصرالله - باسيل أمام الاختبار وحجم «القوات» يحتّم حوار «التيار» معها

 وليد شقير 

 تتطلع الأوساط السياسية اللبنانية إلى المداولات المبكرة التي بدأها رئيس الحكومة سعد الحريري مع كل من رئيسي الجمهورية ميشال عون والمجلس النيابي نبيه بري في شأن مرحلة ما بعد الانتخابات النيابية بدءاً من انتخاب رئيس البرلمان ونائبه وتأليف اللجان النيابية ورئاساتها ومقرريها، وصولاً إلى تشكيل الحكومة وحل عقد التمثيل فيها وسط الخلاف على الأحجام فيها والحقائب. وتقول مصادر سياسية متعددة إن الخطاب الذي تحكّم بالحملة الانتخابية سيتراجع على قاعدة أن ما بعد 6 أيار(مايو) غير ما قبله. إلا أن بعض هذه المصادر المتابعة لتفاهمات حصلت قبل يوم الاقتراع، حول ما بعده، تشير إلى أنها قد تنعكس على المرحلة المقبلة التي ستكون اختباراً لمدى صمود هذه التفاهمات ولمدى الليونة التي سيظهرها الفرقاء في التعاطي مع الاستحقاقات المقبلة.


وتلفت هذه المصادر إلى التفاهم الذي حصل بين «التيار الوطني الحر» وبين «حزب الله» قبل زهاء 3 أسابيع من الانتخابات خلال لقاء جمع رئيس «التيار» وزير الخارجية جبران باسيل مع الأمين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله، للاتفاق على إدارة التعاون والافتراق في اللوائح الانتخابية، وتناولهما مرحلة ما بعد 6 أيار. وتشير المصادر إياها، التي اطلعت على بعض جوانب ما تم التوصل إليه بين الجانبين، إلى اتفاقهما على الآتي:

1- أكد «حزب الله» أن مرشحه الوحيد بلا منازع لرئاسة المجلس النيابي هو الرئيس بري، وأن لا مجال للنقاش في هذا الأمر، إزاء الطروحات التي سبق أن تحدث عنها «التيار» بأنه لن ينتخب بري لرئاسة البرلمان. بل إن نصرالله أبلغ باسيل في ذلك اللقاء، وفق المصادر، أنه ينصح بالانسجام مع هذا الخيار، وأن أقصى ما يمكن أن يكون مقبولاً في هذا الصدد هو أن يكتفي «التيار» بعدم انتخاب الرئيس بري أو بأن يصوت بورقة بيضاء. وهذا يعني في نظر الأوساط نفسها أن الحزب لا ينصح بترشيح أي نائب للمنصب. وهو أمر غير متاح أصلاً بعد الانتخابات لأن «التيار» لا يضم في عداد النواب الذين تتشكل منهم كتلته أي نائب شيعي.

حقائب رئيسة لـ «الحزب»

2- اتفق الحزب مع باسيل على أن يتولى من يرشحهم من صفوفه لتولي مناصب وزارية في الحكومة المقبلة حقائب رئيسة ومهمة. وهو ما عبر عنه نصرالله قبل زهاء شهر حين قال إن الحزب سيدخل إلى الحكومة بتمثيل قوي. ولم توضح المصادر إذا كان المقصود أن يتولى الحزب إحدى الحقائب السيادية الأربع (الخارجية، الدفاع، الداخلية أو المال) التي توزع عادة على الطوائف الرئيسية الأربع الأكبر، أو أن المقصود حقائب خدمات أساسية. وذكرت أن التفاهم شمل أيضاً دعم الحزب المطالب التي سيطرحها الرئيس بري على الصعيد الحكومي ومنها مطالبته بالإبقاء على حقيبة المال في يد الطائفة الشيعية وتحديداً الوزير الحالي علي حسن خليل، الذي قال بري إنه يتمسك به لتوليها مجدداً.

3- الحزب سيدخل أيضاً على الملف الاقتصادي والإنمائي، لا سيما بعد مؤتمر «سيدر» في فرنسا الشهر الماضي والذي خصص 11.8 بليون دولار للبرنامج الاستثماري للنهوض بالاقتصاد والبنى التحتية اللبنانية، بحيث سيدقق في كل المشاريع التي سيتم تمويلها سواء في الحكومة أم في مجلس النواب. وهو ما أعلنه نصرالله أيضاً في إحدى خطبه أثناء الحملة الانتخابية.

وتشير المصادر إلى أن نصرالله أبلغ باسيل في ذلك الاجتماع أن لدى «التيار» الحرية الكاملة في القيام بالتحالفات التي يراها مناسبة حتى لو كانت بالافتراق عن الحزب، إذا كانت ستؤمّن له الربح بحيث تأتي كتلته النيابية كبيرة دعماً للعهد، وطالما أن هناك اتفاقاً بين الفريقين على المسائل الإستراتيجية المتعلقة بالمقاومة.

وذكرت المصادر أن إصرار الحزب على دعم مطالب بري الوزارية في اتفاقه مع باسيل جاء في ضوء ما سبق أن تسرّب عن أن الأخير يتجه إلى انتزاع وزارة المال من الطائفة الشيعية، ومن بري تحديداً، تحت عنوان تطبيق المداورة بين الطوائف في توزيع الحقائب الوزارية الذي جرى اعتماده في تأليف حكومة الحريري الحالية، والذي استثنيت منه حقيبة الطاقة وبالتالي المال، باعتبار أن المداورة كان يجب أن تشمل عدم احتفاظ أي طائفة وأي فريق سياسي بأي حقيبة.

وترى مصادر نيابية أن بري يصر على الاحتفاظ بحقيبة المال معتبراً أن العرف غير المكتوب جرى التوافق عليه أثناء مداولات اتفاق الطائف، وأن تكريس المداورة عند تأليف حكومة الحريري الحالية لم يكن يعني أن بري وافق على أن يشمل ذلك حقيبة المال. وفيما تتحدث المصادر عن أن تطبيق مبدأ المداورة الشاملة جاء نتيجة اتفاق «التيار الحر» مع زعيم «تيار المستقبل» سعد الحريري، فإن مصادر معنية بمداولات الطائف تنفي التسليم عرفاً بحصرها بالطائفة الشيعية، وأن هذا ما دفع الرئيس الحريري إلى القول مرتين إنه لا يعترف إلا بعرف توزيع الرئاسات الثلاث على الطوائف.

ومع شحّ المعلومات عما تداوله الحريري مع بري خلال اجتماعهما ليل أول من أمس في هذا الشأن، قالت المصادر النيابية إنهما تطرقا إلى هذه النقطة. واكتفت المصادر بالقول إن تناولهما المرحلة المقبلة، كان إيجابياً. ورأت أن موقف الحريري في شأن حقيبة المال يمكن أن يتغير.

لكن المصادر نفسها تلاحظ أن أمام البحث في التشكيلة الحكــــومية المقبلة الكثير من العقد التي تحتم التداول وسبر الأغوار في شـــــأنها في توقيت مبكر. فتوزيع الحصص وفقاً للأحجام ونظرة كل فريق إليها يشمل التنافس بين القوتين المسيحيتين الأبرز، «التيار الحر» و «حزب القوات اللبنانية» الذي تمكن من مضاعفة عدد نوابه، والذي من الطبيعي أن يطالب برفع مستوى تمثيله في الحكومة، وسط اعتقاد بأن حجم الكتلة التي كانت لـ «التيار الحر» بنوابه الحزبيين، تناقصت، وأن إعلان الرئيس عون والوزير باسيل أن النواب الناجحين على لوائحه هم كتلة «العهد القوي»، يؤدي إلى إعادة النظر بالمبدأ القائل إن لرئيس الجمهورية الحق بأن أن تكون له كتلته الوزارية بحصة منفصلة عن حصة «التيار» طالما هو تماهى كلياً مع لوائحه وأيدها وساهم في تشكيلها. وترى مصادر متابعة لخريطة القوى على الساحة المسيحية أن ازدياد عدد نواب «القوات» ورغبتها في أن تتمثل قياساً إلى حجمها الجديد سيخلق نزاعاً حول التمثيل المسيحي، ويؤدي إلى تنافس على المقاعد الوزارية يحتاج إلى ترتيب تفاهم جدي بينهما على قاعدة إعادة تكريس تفاهم معراب الذي قاد إلى انتخاب عون للرئاسة. وهو ما أعلن عنه رئيس الحزب سمير جعجع الأربعاء الماضي متوقعاً لقاءات بين وزير الإعلام ملحم رياشي وباسيل لهذا الغرض.

«حكومة أكثرية» ؟

وتقول المصادر النيابية إن تجديد التفاهم بات حاجة أمام تسرب معلومات عن أن تلميح الرئيس عون قبل بضعة أيام إلى أن الحكومة المقبلة يفترض أن تكون حكومة وحدة وطنية وإذا تعذر ذلك أن تكون حكومة أكثرية، قد يعني الاستغناء عن «القوات» إذا لم يتم التوصل معها إلى توافق على الأحجام داخل الحكومة، وإذا رفضت ما يمكن أن يعرض عليها.

ولكن المصادر نفسها تعتقد بأن الأمر لا يتعلق بعلاقة «القوات» بـ «التيار الحر» وحدهما، بل أنها تتصل بالعلاقة بين الرئيس الحريري والأولى. فهو المعني الأول بتأليف الحكومة بالاتفاق مع رئيس الجمهورية، وبالتالي بتمثيل «القوات» التي سيكون صعباً عليه تجاهل الحجم الجديد الذي اكتسبته، في وقت ستشهد الأيام المقبلة محاولات لتجديد التفاهم معها في ضوء إعلان جعجع أن تأليف الحكومة يحتاج إلى اتفاق سياسي غير موجود مع «المستقبل» حول المرحلة المقبلة.

وتختم المصادر بالقول إن هذه عينة من العقد المتعددة التي تحتاج إلى تذليل في تأليف الحكومة المقبلة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف