جريدة الجرائد

التحرش لم يعد قلة أدب

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عبد الرحمن الراشد

المفارقة أن التحرش من مشكلات المجتمعات المتحضرة، وليس العكس، والتحدي في كيف يمكن لجمه.

في السعودية، خطوة أخرى جديدة؛ صدر نظام مكافحة جريمة التحرش، بعد سنوات من النقاش. وما كان ممكناً كسر هذا الشد والجذب إلا في العام الماضي، عندما أمر خادم الحرمين الشريفين، وزيرَ الداخلية، بإعداد نظام لمكافحة التحرش. وأخيراً أكمل القانون الجديد دورته، وكانت آخر خطواته اعتماده من مجلس الشورى، ثم إقراره من قبل مجلس الوزراء برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز.

بأربعة أسابيع، استبق إصدار النظام قرار السماح بقيادة المرأة للسيارة. خطوة مهمة في لحظة حساسة، لكن النظام لم يكتب حصراً على القيادة، بل يغطي كل أوجه العلاقة في الحياة. وكلنا نعرف أن مد اللسان على الآخرين لا يقل إيذاء عن مد اليد بالتعدي. 

مشروع النظام الجديد صريح وواضح في تجريمه للتحرش، عقوبته السجن إلى عامين، وقد تُمد إلى خمس سنين في حالات محددة، وهدفه «تعزيز حماية حقوق الإنسان، والحفاظ على خصوصيته وكرامته».

أهميته في تنظيم المجتمع وحماية أفراده، والنساء بشكل خاص، من التنمر. آلاف النساء سيقدن سياراتهن، وقد يتعرضن للهجوم اللفظي في الشارع، وعلى المنابر، والإعلام، ووسائل التواصل الاجتماعي.

آلاف النساء الآن انخرطن في مجالات عمل جديدة غير مسبوقة، في الشركات والمحلات التجارية المفتوحة، في بعضها أمر لم يعتد عليه المجتمع الذكوري السعودي، وبهذا العدد الكبير، في وقت هناك من لا يزال يرفضه.

أيضاً فتح الأبواب للمرأة لحضور المجاميع الفنية، ودور السينما، والملاعب الرياضية، والأماكن التجارية، وغيرها، كلها ستحتاج إلى حماية القانون ضد الشتيمة والإهانة والتخويف اللفظي، وكذلك أماكن العمل المشتركة التي كانت تعاني من ضبابية في التعامل مع حالات التحرش.

الغريب أن التحرش كان في نظر البعض عملاً محموداً؛ وسيلة ردع، والهدف منع المرأة بتحقيرها. النظام الجديد أنهى سنوات من الحياد السلبي، والآن يُصنف التحرش جريمة، وعقوبتها قاسية. وصار النظام هو المرجع، يحكم المجتمع، ولم يعد هناك مكان لوصاية البعض على البعض الآخر.

القانون الجديد يؤكد على السعودية الجديدة؛ للتأكيد على عمق، وجودة وجدية التحديث الذي أدخلته الحكومة بشجاعة وعدالة معاً. لم تُعط المرأة حق الحياة العادية مثل الرجل، مثلما رأينا في تطورات السنتين الماضيتين، بل أيضاً قنَّنت نظاماً ليساندها. وكلنا نعرف أن النظام الجديد لمكافحة التحرش ليس جديداً بل يعكس الدين وأخلاق المجتمع وقيمه الأصيلة، التي صارت تحتاج إلى أن تصاغ وتُصب في قوالب قانونية بعد أن دخلته أمراض مجلوبة ونعرات الجاهلية، ثقافة الأمس تعتبر عملها أو ممارستها حياتها خارج بيتها رذيلة، وبالتالي كان صعباً مواجهة هذه الثقافة. من يرضى أن تُسب أو تهان امرأة؟ من يرضى بتنمر القوي على الضعيف؟ كان من بين مبررات الذين يخافون على قريباتهن من العمل في المحلات العامة خوفهم عليهن من التحرش، اليوم النظام هو سندهن، والتأكيد على أن الدولة لها السيادة وأنظمتها مرجعية الجميع.

القانون يتطور مثل كل شيء آخر في حياتنا، ومكافحة التحرش لبنة أخرى في التحديث والتنظيم. ولاحظنا أن مشروع النظام مال بشكل أقوى نحو حماية الأضعف من الأطفال، وذوي الاحتياجات، والذين يعملون تحت سلطة من يتعدى عليهم بالتحرش.

الآن لم يعد التحرش مخالفة ولا قلة أدب، بل جريمة، فيها محاكم، ولها أحكام، وعقوباتها سجن وغرامات.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
ما نفع الشريعة ؟!!!
تيسير -

الكاتب يرى ان التحرش هو من مشكلات المجتمعات "المتحضرة " !!! هكذا و بكل بساطة يوزع الكاتب المشاكل على هواه على المجتمعات على مزاجه !! و ما الهدف ؟!! فقط اظهار ان السعودية صارت مجتمعا "متحضرا" !! لم يجد الكاتب طريقة يدافع بها عن السعودية و التحرش فيها سوى اعتبار التحرش رمزا من رموز المجتمعات المتحضرة !! بينما الواقع يثبت قطعيا ان التحرش في المجتمعات المتخلفة البدائية الجاهلة و الدليل ان اول ثلاث دول في نسبة التحرش عالميا هي افغانستان و مصر و السعودية !! و الآن اين وجه التحضر او حتى الحضارة في هذه الدول الثلاث ؟!! فقط اكياس البلاستيك التي تضعها النساء و تغطيهن من اعلى رؤوسهن لأسفل اقدامهن بل و يمسحن التراب من على الارض بها !! اصدار قانون ضد التحرش اثبات قطعي و مؤكد و جازم ان الشريعة لم تعط و لم تضمن شيئا لا اخلاقا و لا سلوكا !! اصدار قانون ضد التحرش في السعودية معقل تطبيق الشريعة و بطريقتها و اسلوبها البدائي اعتراف ان التحرش موجود رغم الانكار منذ عشرات السنين و اثبات قاطع ان تطبيق الشريعة لم يمنع هذه الممارسة اللاأخلاقية المهينة و القذرة من الانتشار في هذا البلد المؤمن المسبق للشريعة الاسلامية !! بل بالعكس فالدين هو الذي غرس في المسلم احتقار المرأة واهانتها و اعتبارها شيئا جُعل فقط لتلبية غريزته و لا قيمة او كرامة او اي احترام لها !! فالقاسم المشترك بين البلدان الثلاثة صاحبة الريادة في التحرش هي كونها اسلامية مسلمة مؤمنة الشريعة فيها مطبقة بنسبة كبيرة و نساؤها محجبات و منقبات لا يظهر منهن شيء و مع ذلك.......