جريدة الجرائد

«هنا لندن».. هل BBC مُختَرقة؟!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

جميل الذيابي

تبدو إذاعة «بي بي سي» العربية في لندن كأنها في جزيرة منعزلة عن تقاليد ومواثيق الشرف المهني والأخلاقي التي تتبعها الخدمة العالمية لهيئة الإذاعة البريطانية، وبقية إذاعاتها الناطقة بلغات عدة.

ويجب أن أشير أولا إلى أنني كثيراً ما تتم استضافتي في عدد من برامج «بي بي سي». وأحترمها، بحكم تاريخها العريق، وبحكم العلاقة مع الأصدقاء والزملاء الذين عرفناهم في مبنييها الجديد والقديم، ومن تربطني بهم علاقات قوية حتى اليوم. لكن الحق أوْلى بأن يقال. وليس قصدي من هذه الكلمة سوى تنبيه «بي بي سي عربي» تحديداً، للعودة إلى عقيدتها التحريرية التاريخية التي ظلت راسخة على مدى عقود، وهي الحياد، في التناول الخبري والبرامجي بوجه العموم.

ففي ما نسمعه من برامج الاتصالات الهاتفية التي لا يُبذل فيها جهد معرفي، ولا تحريري يذكر؛ نلاحظ أن هذه الإذاعة العريقة أضحت صوتاً نشازاً، وصارت «تعاجم» البلدان العربية، وتنحاز بشكل فاضح للمشروع الإيراني وتسوّق أكاذيب وفبركات مثلما تفعل قناة «الجزيرة» القطرية من دون تحقق وتريث كما كانت الـ«بي بي سي» التي عرفناها.

وقد يقول البعض إن طبيعة برامج تلقي الاتصالات الهاتفية من المستمعين تجعل مقدم البرنامج ومساعديه تحت رحمة المتصل الذي يمكنه أن يقول ما يشاء، وأن يكتفي بذكر اسمه الأول، أو يصطنع لنفسه اسماً ليكيل السباب لدول وشعوب ولكل من يختلف معه، بدون أدلة وبراهين.

لكن ما يلمسه المستمع أن مقدمي تلك البرامج عواطفهم مع إيران دفاعاً ومنافحة عنها، وأستثني من هؤلاء قلة، يحافظون على المهنية والحيادية.

المسألة ليست مجرد تفاعل من خلال اختيارات موجهة من مواقع التواصل الاجتماعي. صحيح أن تلك المواقع غدت تشكل ما يسمى «صحافة المواطن»، وصحيح أنها قربت المسافات بين الشعوب. لكن مؤشراتها ومخرجاتها لم ترتق بعد إلى مستوى المهنية والموثوقية والمصداقية المطلوبة.

فكيف أضحت إذاعة بتلك العراقة تدير تحريرها استطلاعات «مضروبة»، وأخبار غير دقيقة، وضيوف حاقدون متنطعون شتامون لا محللون؟

وفي حالة «بي بي سي عربي» بالذات، هي تتمول بما يقتطع من أموال دافع الضرائب البريطاني، فهل يليق بالحكومة البريطانية أن تجود بأموال دافع الضرائب الذي ينتخبها لمحطة تقاريرها لا تخلو من تأويل، وأكاذيب، وتحريف، وتمثل تدخلا في شؤون دول تربطها ببريطانيا علاقات متينة وعريقة ويهيمن على «تحريرها» أزلام إيران و«حزب الله» وكأنهم في الضاحية الجنوبية؟

وأتذكر من الأمثلة على عدم توازن الخبر في قناة «بي بي سي عربي»، عندما بدأت شوارع المدن الإيرانية تغص بالمتظاهرين المحتجين، كانت القناة، التي تتبادل تكرار بث برامجها بين قناتها الفضائية، ومحطتها الإذاعية، تأتي في تقاريرها بالمتظاهرين المؤيدين للنظام الإيراني، وتتجاهل أكثر من 50 مدينة إيرانية لم تكف عن ترديد الهتافات الداعية بالموت للمرشد علي خامنئي، والرئيس حسن روحاني، وقاسم سليماني وغيرهم من أقطاب النظام. وترفض تسمية احتجاجات بدأت في أواخر العام 2017 واستمرت حتى اليوم في عام 2018 «انتفاضة». هل هؤلاء المحررون والإذاعيون يعملون بعاطفتهم مع إيران و«حزب الله»؟ هل ممكن تسميتهم إعلاميين مستقلين أم مؤدلجين؟!

إن المهنية التي تحققت لهيئة الإذاعة البريطانية وحققت هذا الانتشار، ووضع المرجعية، والمصداقية، ظلت ملهمة لأجيال من المستمعين العرب لبث «بي بي سي عربي» و«هنا لندن» من الصعب أن تتم استعادتها إذا ظلت تتعرض لعدم الاحترافية التي نشاهدها ونسمعها على أثيرها التلفزيوني والإذاعي.

ولعل مستمعها داخل بريطانيا وخارجها يبحث عن المحللين والخبراء والمختصين بمختلف الشؤون السياسية، على غرار ما عليه العمل في قنوات وإذاعات هيئة الإذاعة البريطانية المحلية والعالمية. لكن مستمعي بثها العربي، بعدما أضحى التقاطه سهلا من خلال بث الأقمار الاصطناعية، كُتب عليهم أن يستمعوا لفواصل طويلة ومملة من اتصالات المستمعين، التي لا تخرج عن كونها انطباعات، أو إشهارا للولاء لهذا الطرف أو ذاك. ولهذا تتناقص نسب المشاهدين والمستمعين، وتستمر النفقات الحكومية لتحقق عكس الهدف الذي تريده لندن لعلاقاتها مع الشعوب التي تستهدفها بتلك الخدمات الإخبارية.

الأكيد أن رأيي ينطلق من احترامي لزملاء وأصدقاء في «بي بي سي عربي»، ولهذا الجهاز الإعلامي ذي التاريخ العريق، الذي أتمنى أن يستمر في القيام بدوره التثقيفي والتنويري، ومهمته في تعزيز علاقات بريطانيا بالبلدان التي تكرّس لها هذا البث. لكنها رسالة تنبيه قبل أن ينفض المشاهدون والمستمعون، مثلما حدث لقناة «الجزيرة» القطرية وحليفتها «شريفة» الإيرانية، العالم والميادين «برس تي ڤي». وعندئذ ستصعب استمالتهم، وستُكتب نهاية مؤسفة لمدرسة صحفية تربت على مهنيّتها ومصداقيتها أجيال وأجيال.

 

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
قناة التضليل والتآمر!
عادل محمد - البحرين -

أقدم للقراء الأحباء مقالي "البي بي سي.. قناة التضليل والتآمر!" المنشور في 1 يناير 2016 ذو صلة بالموضوع... قبل عدة سنوات تحدث أحد الرؤساء العرب عن خبث قناة البي بي سي وقال بأنها تضلل المشاهدين وتشوش أذهانهم بالتغيير والتعديل في نص الخبر. لقد أثبتت صحة أقوال الرئيس العربي بعد سماعنا أخبار بي بي سي عربي حول أحداث اليمن، حيث تدعي هذه القناة الخبيثة بأن طائرات التحالف بقيادة السعودية تدمر المدارس في اليمن عمداً. في حين لا تتحدث عن جرائم قوات المخلوع صالح والحوثيين وسرقة محتويات 30 شاحنة مساعدات لليمنيين... ويواجه أهالي الجنوب حرب تجويع شرسة تقودها الميليشيات الحوثية والقوات الموالية للرئيس اليمني المخلوع علي عبد الله صالح، بهدف إرغامهم على الاستسلام للتمرد والتخلي عن مناصرة الشرعية التي جيشت الجيوش العربية من أجل نصرتها تحت قيادة السعودية منذ أواخر مارس (آذار) الماضي... قناة بي بي سي الخبيثة نادراً ما تتحدث عن قصف وتدمير المستشفيات أو محاصرة المدن والمحافظات ومنع وصول المساعدات للمرضى والمواطنين أو النازحين بواسطة قوات المجرم علي صالح وعصابات الحوثيين المجرمة... لقد بات واضحاً للجميع بأن بريطانيا ملجأ وملاذً آمناً لعملاء عصابات الملالي الذين يفرون من بلدانهم. هنا أذكر القراء الأعزاء وأدعوهم إلى قراءة مقالي ذات صلة بالموضوع: "بين أراجيف نصراللات وأكاذيب عملاء الملالي في البحرين" المنشور في 25 يونيو 2015... شبكة بي بي سي الإخبارية المشبوهة تبث الأخبار المشوشة والكاذبة عن الدول الخليجية والعربية وتتعمد في محاولة مكشوفة للنيل من سمعتها، وتستضيف عملاء نظام عصابات الملالي من أجل نشر الأكاذيب ضد مملكة البحرين... في برنامجها "حديث الساعة" يوم الأربعاء 6 مايو 2015، استضافت البي بي سي عضو جمعية الوفاق (النفاق) العميل "علي الأسود" الذي يسرح ويمرح في بلد الضباب وينثر سمومه عبر الأثير. كان سؤال البرنامج "هل هناك انسجام أو تمايز في تعامل دول مجلس التعاون الخليجي مع الأزمة بين اليمن وإيران؟". في رده على السؤال يقول علي الأسود "أن هناك خلافات بين دول مجلس التعاون منذ ثلاثين سنة، وهناك اختلافات عميقة في الأزمة الأخيرة تجاه معضلة اليمن، حيث يلحظ المراقب الانقسام الواضح في الدول الخليجية، لم تشارك مسقط في هذه الحرب، أيضاً الكويت تختلف

قناة التضليل والتآمر!
عادل محمد - البحرين -

وفي برنامج بي بي سي "بلا قيود" 11 مايو 2015، نشاهد المساعد السياسي لأمين عام جمعية الوفاق "العميل خليل المرزوق" يكذب ويقول نحن لا نستلم أي أوامر من الخارج. وحينما تستفسر مقدمة البرنامج "من الذي دفعكم إلى اتخاذ قرار مقاطعتكم الانتخابات، إن لم يكن قراراً إيرانياً؟". يرد المرزوق ويقول "القرار كان بحريني وليس قرار إيراني!؟. وينكر ارتباط الوفاق مع إيران!؟... وفي برنامج بي بي سي فارسي "به عبارت ديگر" (بعبارة أخرى) 18 يونيو 2015، الضيف "العميل جلال فيروز" يدعي بوجود 4000 سجين سياسي في البحرين، ويتهم حكومة البحرين بنشر التفرقة الطائفية. وعندما يقول مقدم الرنامج بأن الحكومة تتهم إيران بالتدخل في شؤون البحرين وحماية المعارضة، جلال فيروز ينكر ويدعي بأن لا توجد شعارات مؤيدة لإيران في المظاهرات. وينسى رفع صور المجرمين خميني وخامنئي في المظاهرات مع شعارات "ولائي ولائي .. لعلي خامنائي". نقول لجلال فيروز بأن السجناء ليسوا سياسيين بل إرهابيين... أدعو القراء الأعزاء إلى قراءة المقال التالي للكاتب البحريني محمد مبارك جمعة، المنشور في أخبار الخليج في 8 مايو 2015، حول برنامج "حديث الساعة" الذي تحدث فيه العميل علي الأسود: لقد ولى زمن انفراد مجموعات الانقلاب بالإعلام الدولي!... بإمكانكم اليوم متابعة حلقة الإعادة من برنامج «حديث الساعة» على شبكة «بي بي سي» في تمام الساعة الخامسة مساء بتوقيت البحرين، والتي تم فيها استضافتي للحديث عن موقف الجماعات الموالية لإيران من «عاصفة الحزم»، وكان من بين المشاركين فيها أيضاً العضو «الوفاقي» علي الأسود والكاتب السعودي عبدالعزيز الخميس... ستجدون أن العضو «الوفاقي»، الذي كانت كل حجة يسوقها أضعف من سابقتها، قد وقع في خطأ فادح حينما نفى وجود أطماع إيرانية في منطقة الخليج، وراح يدافع عن المليشيات الحوثية، ليجعل نفسه من دون شك، محل ازدراء وبغض المشاهدين العرب الذين تابعوا تلك الحلقة من البرنامج، ليكتشفوا حقيقة ما يسمى "المعارضة البحرينية"... إعلان: وكنت قد بينت خلال بداية مداخلتي ان جمعية «الوفاق» هي عبارة عن جمعية طائفية منغلقة، وأنها تتبع «الولي الفقيه» في إيران، وأن مواقفها المعلنة تنطلق من المذهبية، وأنه