نافذة على الأمن القومي العربي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سالم سالمين النعيمي
لا يمكن لأي أمة في هذا العالم تحقيق أمنها القومي عندما لا تملك هذه الأمة حق تقرير المصير واتخاذ القرار الذي يخدم مصالحها دون الرجوع لمرجعية عليا تسمح لها باتخاذ هذا القرار أو ذاك، بصورة رسمية أو غير رسمية أو بمجرد سيطرة وسطوة وحضور مصالح القوى الكبرى في كل مراحل اتخاذها للقرار، وذلك نسبة لوقوعها في منطقة صراع ونفوذ وهيمنة دوليين. وهو قدر الأمة العربية منذ الاستعمار التركي للمنطقة وصولاً لما نحن عليه اليوم، وأن كانت هناك العديد من الاتفاقيات والوثائق التي تشير إلى وقوف الدول العربية بجانب بعضها البعض عندما تتعرض لأي اعتداء خارجي غاشم يهدد سياستها واستقلالها التام.
فالأمة العربية في اجتماعات ومؤتمرات دائمة لرسم خريطة الطريق للتعامل مع التحديات التي تواجه الأمن القومي العربي. وواقعاً لا توجد بنية تحتية مشتركة لتحقيق أمن قومي عربي لتباين المصالح العربية، وأيضاً كنتيجة لنسبية التهديدات والتباعد الجغرافي الكبير بين الدول لعربية في قارتين مختلفتين والموارد المتوفرة والطبيعة والتركيبة السكانية في كل دولة ناهيك على التحالفات العديدة التي تعد التحالفات العربية - العربية بالنسبة لها هامشية ولا تمس الأمن الوجودي للدول العربية، وإشكالية المفهوم الشامل للأمن الذي يربط بين البعد العسكري والاقتصادي والاجتماعي لدى منظري الأمن القومي العربي وممارسات ذلك المفهوم عربياً دون تضمين البعد العلمي والتكنولوجي والثقافي.
فلا يستطيع العرب أن يصنعوا سياجاً يحميهم من الخطر الخارجي، ولا تحريك قطعة جغرافية مجاورة لهم كإيران أو تركيا أو الكيان الصهيوني أو إثيوبيا بعيداً عن الوطن العربي ومسألة الحفاظ على الأراضي وتحقيق مكاسب اقتصادية واجتماعية وسياسية يرتبط بالأمن العالمي ككل. ومن غير الممكن التحكم فيه عربياً بصورة منفردة إلى جانب تعطل عجلة دعم عملية التنمية الشاملة في ضوء الظروف والتغيرات الإقليمية والدولية المعاصرة والصعوبات والثغرات التي تتركز في حجم الوطن العربي صناعياً ومعرفياً وتقنياً، وعدم تملكه للمرتكزات الأساسية لتحقيق الأمن القومي بحكم شح الموارد المائية ووقوع موارد الأنهار الرئيسية فيه في دول تلعب بهذه الورقة كسلاح مساومة بجانب عدم القدرة على تصنيع التكنولوجيا بالاعتماد على الموارد المحلية في كل مراحل التصنيع وضعف مخرجات البحث العلمي وغياب الدعم الحقيقي لمنظومة البحث العلمي، واستيراد كل ما يتعلق بالبحث العلمي، حتى العقول. وغياب مقدرة الردع النووي والبيولوجي والكيميائي وعدم الجهوزية المعرفية والخسائر المتوقعة التي سيعاني منها الوطن العربي من تغير المناخ.
وإذا كان التركيز على شراء الأسلحة بدلاً من تصنيعها نوعياً ليس الحل، في ظل الاعتماد على التسليح التقليدي وإهمال آليات الحروب المستقبلية، خاصة أن العالم العربي أكثر منطقة في العالم تتعرض لهجوم سيبراني.
وتحتل معظم الدول العربية مراتب متقدمة ضمن قائمة الدول الأكثر تعرضاً لهجمات إلكترونية، وهو أمر يحتاج لوقف، وربما يتطلب الإعلان عن الجيش الإلكتروني العربي المشترك.
فهناك مشاريع توسعية سواء سياسية أو اقتصادية أو مذهبية أو فكرية تحيط بنا من كل جهة وصوب، والحرب الباردة تنتهي في كل مكان في العالم، ويعاد تصديرها في الوطن العربي مصحوبة بإدارة الصراعات الكبيرة بالمزيد من الصراعات الصغيرة الوقتية والمتدرجة في الشدة والتجزئة المستمرة للمصالح المشتركة والسماح بتراجع وعدم تطوير إطار الحكم الرشيد وزيادة الفساد والعبث بالأمن البشري إلى حدٍ كبير وجعل الاحتياجات الأمنية الوطنية لكل دولة مربوطة بصفقات وصراعات إقليمية وداخلية جانبية، تعرقل التكامل الأمني العربي، وهذه الصراعات، بطبيعة الحال إحدى ضمانات الأمن القومي الإسرائيلي كاستحالة أن يكون استقرار ونماء في الدول المجاورة لإسرائيل وتركيا وإيران تحاولان جاهدتان تقليد النمط الإسرائيلي لصيانة مصالحهما الوطنية والقومية.
فهل سيتحقق أمن قومي عربي في ظل صراع مفتوح؟ صراع على أهم المنافذ البحرية في العالم، والتي تعد ضمن بوابات الأمن الدولي الأكثر تأثيراً على اقتصاد العالم كمضيق هرمز وباب المندب، والبحر الأحمر، وقناة السويس والصراع على القرن الأفريقي، وفي ظل تأزم مستمر للوضع الداخلي الملتهب في العراق وسوريا واليمن وليبيا، ناهيك عن عدم ندية التحالفات العربية الدولية، وضرورة التحالفات الداخلية العربية الكبرى، ومن ثم التوجه للخارج كتلة واحدة وبصوت واحد بجانب اختراقات للعمق العربي العربي نتيجة للاختراقات الصهيونية والأميركية والروسية والإيرانية والتركية، وأثرها السلبي العميق على تحقيق الالتزام القومي العربي، وتصفية مكونات القضية الفلسطينية، وتهويد القدس، وهل ستجدي نفعاً وثيقة تعزيز الأمن القومي العربي لمواجهة التحديات المشتركة، التي صدرت في القمة العربية الـ29 في شهر أبريل المنصرم دون حراك حقيقي مشترك؟