سياسة أم قطع شطرنج
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
علي سعد الموسى
لا يمكن لأي خارطة ألوان أن ترسم تحليلا إستراتيجيا وطويل المدى لما قد يكون عليه مستقبل هذا الشرق الأوسط. ننام على نشرة أخبار بعد الفجر ثم نصحو ظهر يوم رمضان على وقائع مختلفة متناقضة مع ما نمنا عليه. دعونا نأخذ قطع الخريطة، وكما هي، على أجزاء مفككة. في سورية بات وجود بشار الأسد وبقاؤه حتى بعد جولة انتخابات شكلية كانت أم صحيحة، أقول بات استمراره حقيقة لا تقبل الشك. صرح بهذا ثلاثة أركان عواصم غربية كانت تقول مطلع العام إنه سيبقى لمجرد فترة كانت انتقالية، وهي نفسها التي كانت تقول في مطلع الثورة السورية إنه لا مكان للأسد على الإطلاق في المستقبل السوري القريب.
وزير خارجية إحدى عواصم الاعتدال العربي يصرح ما قبل الأمس بأن إخراج سورية بشار من مجلس الجامعة العربية كان خطأ، وأنها يجب أن تعود. تعالوا إلى القطعة الثانية من الخريطة: بقاء بشار والقبول الغربي بذلك يستلزم منه ثمنا بسيطا، ولكنه عليه عالي التكلفة.
الثمن هو خروج ميليشيا إيران وكل أتباعها من سورية، ولكن أيضا بثمن وهذه المرة يبدو تماما أن إيران هي قابض الثمن. الثمن هو أن تخرج إيران من سورية ولكن بالسيطرة على البوابة العراقية. بقدرة قادر نشاهد تبخر فوز كتلة «سائرون» ومقتدى الصدر ليعود المهزوم هادي العامري وحشده الشعبي وعصائب أهل الحق «الباطل»، فلا حديث لنشرات الأخبار سوى عن قرب ترشيحه أو من يراه من الكتل السائرة في فلكه لتشكيل الحكومة العراقية. هذا هو شرط إيران أو فلنقل هديتها من كتائب النفاق في مقابل مغادرة سورية. تعالوا للقطعة الثالثة: في اليمن يمنى الحوثي وعصابته بهزائم مذلة بلغت ذروتها في الشهر الأخير بمقتل رئيسه الصنم والوصول إلى بعد نظر العين من صعدة، معقل رأس الأفعى، وأيضا كذلك الحديدة.
وحين ظهر عبدالملك الحوثي تلفزيونيا بحديث الذليل المكسور، تسربت إلى نشرات الأخبار خطة المبعوث الدولي، مارتن غريفيث، التي أعادت له الأمل، وإن كان الثمن أن يبدأ الحوثي مرة أخرى من نقطة الصفر. خطة غريفيث تتجاهل واقع الميدان العسكري وقرارات مجلس الأمن بالدعوة الواضحة إلى حكومة ائتلاف يكون الحوثي فيها أحد المكونات، وأن يبقى مستقبل اليمن رهن الحوار الوطني، وبشراكة الأحزاب اليمنية التي سحقها الحوثي بالترهيب الممنهج، حتى أصبح في الساحة هو الحزب الوحيد الأوحد. الخاتمة... قطع شطرنج.