أميركا تستغل المنازعات
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
مصطفى الصراف
سياسة أميركا في المرحلة الراهنة باستغلال المنازعات هو دليل عجز أميركا عن تنفيذ مخططها الاستراتيجي للهيمنة على الشرق الأوسط، من خلال زرع قواعدها العسكرية في كل دوله، فلذلك وقبل انسحابها، كما انسحبت قبلها بريطانيا، صار هذا نهجها، لأنه لم يعد التواجد العسكري ضمن قواعد تحتوي على بضع مئات من الجنود مع عتادهم أمراً تتحقق فيه الهيمنة عسكرياً على بلد ما، ما لم يكن النظام السياسي، الذي تتواجد فيه تلك القواعد، موالياً لأميركا، ومرتبطاً بها اقتصادياً.
أما إذا تعارضت مصلحة أي نظام تتواجد أميركا على أرضه، فإن تلك القواعد ستصبح عبئاً على أميركا جالباً المزيد من العداء لسياستها من قبل تلك الأنظمة وشعوبها، ولذلك فإن أميركا تعمل اليوم جاهدة على إثارة النزاعات وإدارة الأزمات في المنطقة كعمل تكتيكي، تكسب من ورائه بيع السلاح وكبح قيام أي نهضة تنموية لشعوب المنطقة، فكما جعلت من تنظيم داعش وسيلة لتخريب بنية العراق وسوريا، فهي اليوم تعمل على إعاقة أي مبادرة سلام، سواء في سوريا أو في اليمن أو في ليبيا أو في دول مجلس التعاون الخليجي، فكلما أشرفت نار المنازعات على الخمود، عملت على إيقادها ثانية، ووضعت العراقيل في سبيل أي صلح محتمل، كتدخلها سلباً في اجتماعات المعارضة السورية في جنيف.
كما أنها جعلت من ربيبتها إسرائيل مصدر إثارة هذه المشاكل، وما اعتداءاتها المتكررة على سوريا، وبتنسيق مع أميركا، إلا صورة من هذه الأعمال القذرة، كما هي الحال فيما تقوم به من اعتداءات على الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة بمباركة من أميركا، وها هي أميركا تعزل نفسها عالميا في مجلس الأمن ضد بقية أعضائه، في سبيل إصدار قرار يشرعن الاعتداءات الإسرائيلية، كما أن أميركا انسحبت من مجلس حقوق الإنسان الدولي من أجل إسرائيل، وأمام هذه السياسة العدوانية الأميركية الصهيونية، صار ضرورياً إفشال هذا المخطط التكتيكي أيضاً عن طريق رسم سياسة عربية قومية يتم التصدي من خلالها لنزع كل بذور الخلافات، التي بذرتها الصهيونية العالمية بين الدول العربية، وعمدت إلى الاستفراد بها وتسخيرها لتحقيق مآربها العدوانية. فلا بد من التحرك جماعياً لإخماد نار الحروب في اليمن وفي ليبيا وفي سوريا وفي فلسطين، قبل أن تنتشر في دول عربية أخرى. إن أميركا بصلفها وغرورها وسلوكها الصهيوني تذهب بطريق عزل نفسها عالمياً، وهي أشبه اليوم بالنازية الهتلرية الدكتاتورية، ولا بد من مواجهة أميركا الصهيونية مثلما تمت مواجهة ألمانيا النازية عالمياً.