غياب اللحظة الألمانية!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
حسين شبكشي
عندما فازت ألمانيا ببطولة كأس العالم الأخيرة التي أقيمت بالبرازيل بعد أداءات مبهرة، اعتبرها المراقبون والنقاد تحقيقاً وتتويجاً للحظة الألمانية في العالم. اللحظة التي تكاملت فيها الصورة للنجاح الألماني.
كان الفريق الألماني الأفضل في العالم، ألمانيا تقود أوروبا باقتدار، منتجاتها تنطلق حول العالم بتأثير هائل ونجاح كبير حتى وصلت شركة «فولكس فاغن» الألمانية إلى صدارة شركات السيارات حول العالم، من حيث الحجم الإنتاجي والمبيعات. شركات ألمانيا الكبرى باتت مضرباً للأمثال في الاعتمادية والدقة والجودة، وأصبحت العلامات التجارية الألمانية سيدة المشهد الاقتصادي في العالم. وتمضي أربع سنوات وفي كأس العالم الحالية، انقلبت الحال رأساً على عقب، خرج المنتخب الألماني بشكل مهين، وهو بطل كأس العالم من الأدوار الأولى وبهزيمة مذلة في المباراة الثالثة على أيدي فريق كوريا الجنوبية المتواضع جداً. ويأتي هذا التدهور في المستوى للفريق الألماني وكأنه يعكس الحال العامة التي عليها الأوضاع الألمانية عموماً. الحكومة الألمانية فقدت حراك وزمام القيادة في أوروبا، وذلك لحساب القيادة الجديدة في فرنسا، وكذلك حصل تدهور عظيم في حال الشركات الألمانية، فها هي شركة «فولكس فاغن» تتعرض لسلسلة من العقوبات الحادة غير المسبوقة بسبب تورطها في قضية غش تجاري كبيرة، كانت السلطات القضائية في الولايات المتحدة قد كشفتها وحقق فيها الكونغرس أيضاً، وتم القبض بسببها على كبار التنفيذيين في الشركة وفتح هذا الموضوع «المال الفاسد» في الشركات الألمانية، ومدى توغل المال القطري المشبوه في الشركات الألمانية، وتأثيره في أسلوب وطريقة الإدارة والنزاهة الإدارية التي عرفت بها الشركات الألمانية تاريخياً.
فالصندوق السيادي القطري يمتلك حصة استثمارية استراتيجية ومؤثرة وحيوية في «فولكس فاغن»، وكذلك في مصرف «دويتشه بنك» وله «تأثير» على شركة «سيمنس»، وقد أثار عدد غير قليل من نواب البرلمان في ألمانيا تساؤلاتهم عن دور المال القطري في الاقتصاد الألماني وتأثيره في السياسة الخارجية، إذ إن للشركات الضخمة هذه قوى مؤثرة أشبه باللوبي، وتجعل القرار السياسي لألمانيا الخاص بقضايا الشرق الأوسط غير موضوعي فيما يخص قطر. وقد فتحت مجلة «دير شبيغل» المحترمة تحقيقاً في هذا الخصوص من قبل.
ألمانيا دولة محترمة وقادرة على معالجة أخطائها وإعادة قراءة أسباب التدهور الذي أصاب قطاعات مختلفة فيها جعل «اللحظة الألمانية» تغيب.
نعيش في عالم تتشابك فيه الأحداث، وعناصر التأثير متصلة، حلقات الوصل يؤثر بعضها في بعض. الماكينة الألمانية تعمل بشكل سلس إذا كانت كل التروس فيها تدور بالدرجة نفسها من الكفاءة والفعالية والتأثير، وإذا حصل خلل ما فإنه حتماً سيكون له الأثر السلبي المعطل.
سيكون مشهداً مثيراً للاهتمام والعالم يراقب كيف سيقوم الألمان بإعادة هيكلة إداراتهم لتعود متألقة من جديد، وذلك سيكون درساً للعالم بأسره.