جريدة الجرائد

حرب ترامب التجارية!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

 فهد المضحكي

 وضع الرئيس الامريكي دونالد ترامب اكبر اقتصاديين في العالم في مواجهة عندما اعلن عن فرض تعريفات جمركية على بضائع صينية بقيمة 50 مليار دولار بنسبة 25% لتصبح سارية المفعول في هذا الشهر.

وجاء رد بكين - كما أوضحت TRT العربية ووكالات أخرى - سريعاً بإعلانها عقوبات من نفس الحجم على السلع الامريكية من خلال رفع رسوم استيراد قائمة سلع امريكية بقيمة 34 مليار دولار، وفرض رسوم جمركية على 545 صادرات امريكية تشمل منتجات زراعية وسيارات وأطعمة بحرية، وفي إعلانه عن التعريفات الجمركية الامريكية، أكد ترامب انه يفي بتعهد حملته الانتخابية باتخاذ اجراءات صارمة ضد ما قال انها ممارسات تجارية غير عادلة للصين، وجهودها لتقويض التكنولوجيا والملكية الفكرية في الولايات المتحدة.
وقال ترامب: «لدينا قوة عقلية في وادي السليكون، والصين وغيرها تسرق تلك الأسرار»، وأضاف: «سنحمي تلك الاسرار فتلك هي جوهر التاج لهذا البلد».
وفي مقابل ذلك وعلى لسان وزارة التجارية، قالت الصين ان الجانب الصيني لا يريد خوض حرب تجارية، لكن يتعيّن على الصين الرد بقوة لمواجهة ما وصفته بقصر النظر لدى الجانب الامريكي.
وعلى صعيد ردود الفعل السياسية للتعريفات الامريكية المعلنة يرى عضو مجلس الشيوخ تشاك شومر ان ترامب «اصاب الهدف تماماً».
وأضاف، «الصين عدونا التجاري الحقيقي، وسرقتهم للملكية الفكرية ورفضهم السماح لشركاتنا بالتنفاس تهدد الملايين من الوظائف الامريكية المستقبلية».
في حين أعلن النائب الجمهوري ديف رايشيرت عن رفضه لهذه الاجراءات، موضحاً بان الامريكيين هم من سيتحملون العبء الأكبر من تلك الضرائب وليس الصين، في حين أكدت بكين - بحسب بيان وزارة الخارجية - إنه في مواجهة السلوك الامريكي البغيض والضار يجب على الصين فرض اجراءات مضادة قوية والدفاع بقوة عن مصالحها القومية ومصالح شعبها.
وعند الحديث عن حرب ترامب التجارية ليس مع الصين فقط بل العالم لابد من التوقف عند شعار ترامب الانتخابي «امريكا أولاً» ويعتقد بعض المحللين ان تفعيل هذا الشعار، وبالأحرى تنفيذه على أرض الواقع يعتمد على سياسة واشنطن الامنية والاقتصادية – الأولى تعزيز النفوذ العسكري الامريكي في العالم من بينها الشرق الأوسط والأخرى فرض الرسوم الجمركية على البضائع المستوردة كل ذلك يصب في تقوية الاقتصاد الامريكي.
واضعاف الاقتصادات الاخرى هذا ما وصفه بعض الاقتصاديين عن الحرب الاقتصادية التي يشنها الرئيس ترامب الذي يسعى إلى مواجهة العجز التجاري الامريكي مع الصين الذي وصل في 2017 إلى 375.2 مليار دولار، ولهذا طالب الرئيس الامريكي العملاق الآسيوي بتقليص فائضة التجاري مع واشنطن بما لا يقل عن مئة مليار دولار.
وبالتالي بات واضحاً ان الهدف كما يرى المحلل الاقتصادي عبدالعزيز محمود ان إدارة ترامب تبدو مصممة على استخدام الرسوم الجمركية العقابية كأداة للضغط على الصين، للحد من تقدمها التكنولوجي والصناعي، وحتى لا تشكل تهديداً لمكانة الولايات المتحدة الاقتصادية عالمياً، وقوتها الجيوسياسية في آسيا والمحيط الهندي.
ومن وجهة نظره كل المعطيات تقول ان الرسوم الجمركية العقابية التي اعلنتها واشنطن لن تكون كافية وحدها لمنع الصين من التحول إلى دولة تكنولوجية متقدمة، او معالجة العجز الهائل في الميزان التجاري معها بينما تبدو الاجراءات الصينية أكثر قدرة على تهديد صادرات الولايات المتحدة التي صوتت لصالح الرئيس ترامب في انتخابات 2016، وبالتالي تهديد شعبيته فيها وكذلك تهديد فرص الحزب الجمهوري في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس.\وفي حديثه مع وكالة الانباء الصينية «شينخوا» قال الباحث في جامعة تكساس شاوبوون «ان إدارة ترامب تحاول فتح السوق الصينية وتقليل الصادرات الصينية، عن طريق حرب تجارية لكن الحرب التجارية لا يمكنها حل المشاكل او تغيير الاسباب الجذرية».
وعلق ون قائلاً: «انه حتى لو خفّضت الولايات المتحدة العجز التجاري مع الصين من جانب واحد، فيستمر عجزها التجاري الخارجي، وسينتقل فقط من الصين إلى دول أخرى».
وفي رأيه – من منظور تاريخي، الحروب لا تفشل في حل المشاكل فحسب، بل على العكس اذا تمت ادارتها بشكل غير ملائم، فستتحول إلى أزمات.
في حين ستيفن أسس روتش مؤلف كتاب (العلاقات غير المتوازنة) إدارة ترامب تلعب بذخيرة حية، وهو ما يشي بتداعيات عالمية خطيرة ويتجلى هذا بأكبر قدر من الوضوح في الرد الصيني المتوقع على نوبة استعراض العضلات الأمريكية الجديدة، وفريق ترامب لايبدي اهتماماً برد فعل الصين على تهديداته، ظناً منه ان الولايات المتحدة ليس لديها ما تخسره وبوسعها ان تكسب كل شيء.
ومن المؤكد انه طالما الاقتصاد الصيني يشهد نمواً متسارعاً فإن المخاوف الامريكية ستظل قائمة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف