جريدة الجرائد

من الغرب ومن الشرق

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

 سمير عطا الله

 يميزنا، عن سائر شعوب الأرض، الرقم القياسي في المفاجآت. بدأت الحركة الصهيونية العمل من أجل «وطن قومي» في فلسطين منتصف القرن التاسع عشر، وفوجئنا بالأمر منتصف القرن العشرين. وأطلقنا على المفاجأة الأولى اسم «النكبة». ودام الاسم ساري المفعول حتى عام 1967 عندما تعدى الاحتلال فلسطين إلى مصر، وسوريا، والأردن. ويومها قال الرئيس عبد الناصر في سبب النكسة: «انتظرناهم من الشرق فجاءوا من الغرب». مفاجأة!

منذ أيام ديفيد بن غوريون والإسرائيليون يتحدثون عن دولة قومية لليهود. ولذلك، استخدموا التعابير «القانونية»، التي ستؤدي ذات يوم، إلى مثل هذا الإعلان. لم يرسموا حدود الدولة، ولا شكل أو نوع الجمهورية، وأبقوا لنا باب المفاجآت مفتوحاً، ففوجئنا، والحمد لله.
جاء إعلان الدولة القومية اليهودية بعد أشهر على إعلان البيت الأبيض القدس عاصمة لإسرائيل. ويا لهول المفاجآت، فهي لا تكفّ ولا تكنّ. ظل الفارق واحداً لا يتغير بين الحركة الصهيونية وبيننا: هم يخططون، ونحن نفاجأ.
عندما قامت حرب 48 قلنا إن سبب الهزيمة هو الخيانة العربية و«الأسلحة الفاسدة». ربما. أي ربما كانت هناك خيانة، وكانت هناك أسلحة فاسدة. لكن المفاجأة التي لا نأتي على ذكرها، حتى الآن، أنه كان بين المهاجرين اليهود، يومها، من العلماء، والمهندسين، والفنيين أكثر مما في المشرق العربي برمّته. نحن كان لدينا فائض من الخطباء والمخبرين و«وعاظ السلاطين».
قرأت خبر الدولة اليهودية مثل أي خبر آخر من كوارث النهار. فقدنا حاسة المفاجأة منذ أن «انتظرناهم من الشرق فجاءوا من الغرب». أو العكس، لا أذكر. فقدناها منذ أن قررت منظمة التحرير البحث عن فلسطين في عمان وبيروت، ثم منذ أن درجت العادة على أن يقتل «جيش الدفاع الإسرائيلي» ألف غزاوي لقاء كل جندي فلسطيني. ومنذ أن اكتشفت إيران أن «طريق القدس» لا يمر فقط في جونية، بل أيضاً في اليمن، وجيزان، وحلب، والبصرة، ومضيق هرمز، وصولاً إلى الدار البيضاء.
من أجل أن نستعيد فلسطين، قرر الثوريون تقليد النموذج السوفياتي في آسيا الوسطى، وأوروبا الوسطى، والكولخوز الأوسط. وقلّدت إسرائيل كاليفورنيا وهارفارد ووادي السليكون ومصانع الطائرات، وصار الإسرائيلي بين الأعلى دخلاً في العالم، ونحن بين الأعلى بطالة بين البشر.
بدأت المفاجأة «بوطن قومي لليهود»، والآن، دولة قومية لليهود. ولنا شعب تزعج خاطره المفاجآت.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف