حكاية حب سعودي - كويتي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
شاهر النهاري
علاقة لا يهزها ما يقال هنا أو هناك، ومحبة لا تسمح لغريب ولا قريب أن يدخل بينهما، وإخاء يستمر ويعلو كلما ظن الأعداء أنه تقلص وأصبح وشيكاً على الاختراق..
أينما وضعت أناملك فوق أسطر التاريخ الخليجي ستجد قصة حب قديمة متجددة بين هذين البلدين لا تنتهي فصولها، ولا يمل قارؤها من اكتشاف المزيد والتمتع بوشائج المحبة والوفاء المشترك فيها، والمتزامن مع الحدث، وبعزف القلوب بنفس النغمات الأصيلة على مختلف نوتات الحب.
العلاقة التاريخية الأولى كان الملاذ فيها حضن آل الصباح، وكان الملك الشاب عبدالعزيز يحلم باستعادة عرش آبائه، وهو يعرف من يكون ومن أين ينطلق، بسره المكتوم، بعد أن حصل على الثقة والدعم، فينطلق من الكويت بلا شروط، لتحقيق المراد بتناغم مع الحلم الكويتي، الذي يرتجي عزة الجار الأمين الصادق المُعين في أوقات الحاجة.
وتقوم مملكة عبدالعزيز، متآخية متقاربة مع الكويت، رغم خضوع الكويت للحماية البريطانية منذ 23 يناير العام 1899م، وحتى إلغائها في 19 يونيو سنة 1961م، حين أزيلت العقبات بين الطرفين فتكاملا بنعم الجيرة والأخوة والتقارب الفاعل والامتزاج المشترك في الهدف والمصير.
ويجيء دور المملكة لترد جميل الكويت في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز، فتتم استضافة شعب الكويت وحكومته بعد غزو قوات صدام حسين للكويت في 2 أغسطس 1990م، ووسط تباين مواقف بعض الدول العربية، التي وقفت حائرة وأخرى وقفت في صف القوات الغازية.
ومنذ اليوم الأول توجهت الحكومة الكويتية بقيادة أميرها الشيخ جابر الأحمد الصباح وولي عهده الشيخ سعد العبدالله إلى مدينة الطائف السعودية، وتم تكوين حكومة في المنفى.
ويظهر الحب والحمية حينها، وتتضح قدرات الأخوة، فيقوم الملك فهد باستنهاض الهمم والبذل السخي، وجمع قوات الأنظمة العالمية على أرض المملكة بأسرع وقت، وبأفضل وسيلة وأعظم قرار، لتثمر تحركاته عن إنقاذ الوطن الكويتي مما حل به، وتتم استعادة أرض الخير والوفاء الكويتية خالصة بتاريخ 26 /2 / 1991م. وعاد الأهل من أرضهم إلى أرضهم، لتستمر قصة الحب بين البلدين على مختلف مستويات التقارب والثقة واليقين وبعمق أعظم مما كان عليه في السابق.
علاقة لا يهزها ما يقال هنا أو هناك، ومحبة لا تسمح لغريب ولا قريب أن يدخل بينهما، وإخاء يستمر ويعلو كلما ظن الأعداء أنه تقلص وأصبح وشيكاً على الاختراق.
وفي 17 يوليو، 2018م، وقع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، مع رئيس مجلس الوزراء الكويتي بالإنابة، وزير الخارجية الشيخ صباح الخالد على محضر إنشاء المجلس التنسيقي بين البلدين، بناء على تفاهمات سبقت ذلك بين الدولتين، وتنفيذاً لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وسمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر المبارك الصباح، وتأكيداً على حرصهما على مواصلة مسيرة الإخاء، وتعزيز متانة العلاقات التاريخية الوثيقة التي تربط بين البلدين، في مجلس خير تندرج تحت مظلته جميع مجالات التعاون والعمل المشترك.
مجلس تنسيقي يحقق نوعاً أعلى وأتم من التجانس في العلاقات، شبيه بالمجلس التنسيقي السعودي مع دولة الإمارات العربية الشقيقة. ووجود مثل هذه المجالس لا يلغي أي تجمعات أخرى تلتقي فيها تلك الدول مع دول أخرى مثل مجلس التعاون الخليجي أو جامعة الدول العربية، وغيرها، ولكنها مجالس عصرية حميمية تسير في خطوط متوازية مع دقات القلبين المتآخيين الهادفين إلى توحد عزيز كريم متين يحمي الأوطان من الأعداء وتطلعاتهم، ويتبادل الخبرات والثروات الوطنية للبلدين، ويستفيد من الإمكانات والموارد الطبيعية، والجغرافيا والتضاريس والمنافذ البحرية والبرية، والمنشآت الصناعية والقدرات المختلفة المتكاملة بين الدولتين، ويوحد الرؤية المستقبلية لعموم المنطقة، وينسق بين خطط تكوين المشروعات المختلفة، حتى تتجانس ولا تتضارب، وتصنع بتميزها منطقة تقدم عالمي علمي تقني ثقافي واعد بالثبات والعطاء والتكامل.
هذا المجلس خير ما يمثل العلاقة المتكافئة المتبادلة بين البلدين، وما يسمح ببقائها محتفظة بنفس القدر من الاحترام، والدعم لظهر الآخر، والبقاء على نفس النهج، الذي لم يكن وليد اليوم، والمبني على أساس الثقة، التي لا يزعزعها حاسد أو كاره.
إنه خليج عربي أصيل يكتب على شطوطه تاريخاً للزمان القادم الجميل، ولا يكترث بما يلوثه من بقع زيت وخيانات، فالحب خير مزيل للشر، مهما بلغ دهاء وقدرة من يقوده وينفذه.