هل يكون خطاب العرش لهذه السنة مفصليا؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
محمد العربي هروشي
كما هو معلوم، حل الملك بالحسيمة، يوم الاثنين، قادما إليها من المضيق بحرا، حسب ما ذكرته بعض المواقع والمجلات الإعلامية (جون أفريك في عدد 24 يوليوز 2018).
وقد شهدت الحسيمة، في وقت سابق، تحركات أمنية استعدادا لهذه الزيارة والتي دأب عاهل البلاد على أن يقضي بعض أيام إجازته في شاطئ بوسكور، ذي الرمال الذهبية والمياه البلورية.
إلى حدود هذا الخبر، كل شيء عادي؛ بيد أن الميسم المائز لهذه الزيارة الملكية كونها جاءت بعد صدور أحكام قضائية قاسية زادت من صب مزيد من الملح على الجرح لدى ذوي معتقلي الحراك كما لدى ساكنة الحسيمة وباقي أرجاء المملكة.
كان الاعتقاد يسود السنة الفارطة بأن الملك سيستعمل حقه الدستوري ويصدر عفوه الشامل على معتقلي حراك الريف، وذهب المحللون منحيين اثنين: أولهما يقول بأن استقلالية القضاء ستحول دون التدخل الملكي، خصوصا وكل خطب جلالته كانت تركز على العدالة والقضاء واحترام فصل السلط؛ وهو ما نعته الإعلام بالجيل الجديد من الخطب الملكية. المنحى الثاني يرى بأن للملك دائما سلطة لوقف المسطرة من أصلها بوصفه أميرا للمؤمنين والأحكام القضائية تصدر باسمه. كما أن الفصل الـ56 من الدستور ينص على أن الملك يرأس المجلس الأعلى للسلطة القضائية؛ بل إن الدستور المغربي الحالي في فصله الـ58 يصرح كالآتي: "يمارس الملك حق العفو" دون أي لبس. ومن ثم، فإن السؤال المشروع هو: هل يقدم الملك على ممارسة هذا الحق؟
قبل الإجابة عن هذا السؤال، تجب الإشارة إلى أن مقالا بأحد أعداد مجلة "جون أفريك" ورد فيه استبعاد لصدور العفو الملكي. ولقد ارتبت في خلفيات صياغة مثل هذا المقال، خصوصا في هذا التوقيت بالضبط؛ فكأنما يهيئ الفضاء السيكولوجي لساكنة الريف وذوي المعتقلين وللمغاربة قاطبة على أن خطاب العرش لن يأتي بجديد، ليخلق انفراجا البلاد في أمس الحاجة إليه.
أما بخصوص الإجابة عن سؤالنا المشروع، فكل شيء وارد؛ بيد أني أميل (وقد يكون هذا مجرد حدس) إلى أن كل العوامل السياقية تسمح لجلالته بأن يصدر عفوا عاما كما هو منصوص عليه دستوريا، لتبنى مرحلة أخرى من منسوب الثقة فيما بين مواطني الريف والدولة.
أعتبر حلول الملك في الحسيمة على بعُد أيام من خطاب العرش، وهو الخطاب الذي يقدم الحصيلة ويستشرف الآفاق المستقبلية، لمن المؤشرات الإيجابية، خصوصا إذا تعززت الأنباء غير المؤكدة من كون خطاب العرش ربما سيبث من جوهرة المتوسط /الحسيمة.
وستكون لذلك دلالة وطنية على قدر كبير من الأهمية من شأنها أن تساعد على محو ونسيان الكلوم جراء أحداث حراك الريف والتي، كما اتضح أنه لم يكن سوى حركة مطلبية مشروعة، لم تتعد السقف الاجتماعي والتنموي الذي تعثر بالمنطقة جراء سوء التدبير وعدم الكفاءة الحكامتية كما وقف على ذلك بنفسه ملك البلاد، وكان أن أثمر لفت انتباه حراك الريف زلزالا ملكيا أطاح بمسؤولين على أعلى درجة.
من ثمّ، فإن الآمال ما زالت معلقة على أن تسود الحكمة، ويعم الفرج بإطلاق سراح معتقلي الحراك ويتم استئناف مشوار التنمية المجالية في الريف، كما يحددها طموح ساكنته وملك البلاد.
إن المحاكمة كانت ذات مدخلات سياسية؛ فمخرجاتها أيضا يجب أن تكون كذلك، ليربح الوطن رهان التقدم المنشود في ظل تماسك وطني واع بكل الأبعاد والسياقات التفتيتية المحدقة به ضمن عالم يحكمه منطق القوة ولعبة الدويمنو.