جريدة الجرائد

عنصرية بلا ضفاف

د. واسيني الاعرج
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

مدة القراءة: 4-6 دقائق

على الرغم من المأساة غير المسبوقة التي تعيشها البشرية، هناك عقليات وردود فعل عنصرية لا تتغير، تعطي لنفسها الحق في إهانة الآخر المختلف، حتى ولو كان أكثر إنسانية وتطوراً، وهذا يؤكد على انهيار الإنسان وقيمه.

وما حدث هذه الأيام في فرنسا تحديداً، مثير للتساؤل وقد أشعل المواقع الاجتماعية في شكل موجات احتجاجية، بدأ الفعل العنصري مع الصينيين في بداية ظهور فيروس كورونا، وحلت محل الحذر ردود فعل شديدة العنصرية حررت اللغة الممنوعة قانونياً، كأكلة الوطاويط مثلاً، وانعكس الموقف ليس فقط على الصينيين ولكن على كل من يحمل ملامح آسيوية، ما ينبئ بجهل غير مسبوق.

كذلك الأب الذي يُحذر صغيرته من الفيروس الصيني بمجرد مرور شاب آسيوي بالقرب منهما.. تطورت هذه الممارسات من الكلام إلى الفعل بإرغام شابة آسيوية على النزول من قطار الضواحي خوف العدوى، وغيرها من الظواهر التي تكاثرت حتى ابتذلت.

الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، فعندما كانت القناة الإخبارية BFMTV الفرنسية تنقل دقائق الصمت الثلاث التي اقترحها الصينيون تكريماً للآلاف من موتاهم، ضحايا كورونا، صدر من أحد الصحفيين كلام شديد العنصرية يبين خفايا بعض البشر، في وقت يعاقب فيه القانون بصرامة مثل هذه الممارسات العنصرية، قال الصحفي إيمانويل لوشيبر في لحظة خشوع الصينيين الترحمية، وكان يظن أن المايك مغلق: &"إنهم يدفنون البوكيمون&".

فهل يعقل هذا؟ وهل يكفي أن تعتذر القناة؟ أو حتى أن يعتذر الصحفي في صفحته في تويتر بكلام لكنه عذر أقبح من ذنب: &"هذا الصباح، أثناء بث وقفة الترحم الصينية على الضحايا صدرت مني عبارة غير لائقة، وكنت أظن أن الميكرو مغلق&"، وكأن العنصرية مسموح بها، لكن يجب ألا يعرفها الناس!

الأسوأ من هذا كله ما صرح به طبيبان فرنسيان منخرطان في التجارب والبحث عن دواء (كوفيد 19)، في القناة الإخبارية الفرنسية LCI، حول إمكانية إجراء التجارب الإكلينيكية الاختبارية على أفارقة حتى يتم التأكد من صلاحية اللقاح بشرياً، وناقش البروفيسور كامي لوخت، مدير المعهد الوطني للصحة والبحث الطبي INSERM، وهي مؤسسة تابعة للدولة الفرنسية، والبروفيسور جان بول ميرا، رئيس قسم العناية المشددة في مستشفى كوشان، فكرة استعمال دواء السل BCG لمعالجة المصابين بفيروس كورونا.

قال الدكتور ميرا: &"ألا يمكن أن نجرب هذا الدواء أولاً في إفريقيا، فهناك لا استعمال للأقنعة ولا متابعة طبية، ولا عناية مشددة؟&" ويواصل: &"كما حدث ذلك في التجارب الخاصة بالسيدا عندما تم تجريب ذلك على المومسات لأنهم الأكثر تعرضاً للمرض والأقل وقاية منه&".

ويؤيده الدكتور لوخت: &"معك حق، نفكر حالياً في دراسة موازية في أفريقيا نحاول من خلالها أن نقوم بنفس المقاربة بالنسبة لتطبيق دواء السل BCG&"، في عنصرية معلنة تجعل من الأفارقة فئران تجارب، لم يعتذر عنها أصحابها، هذا وباء مزمن لا يزال حياً، يجب النظر له بجدية ومحاربته بلا هوادة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
كلنا عنصريون ولكن فقط نرى عيوب الأخرين
فول على طول -

تحية وتقدير للسيد الكاتب ونرفض رفضا باتا العنصرية الفرنسية كما جاءت بالمقال ولكن كى تكون الصورة كاملة فلا يكفى أن نظهر عنصرية الأخرين بل ننظر الى أنفسنا أولا ..هل بلاد الذين أمنوا بلاد عادلة وتساوى بين البشر ؟ على الأقل فى فرنسا هناك قوانين ضد العنصرية وتفعل عند اللزوم ..هل بلاد المؤمنين لديها قوانين ضد العنصرية وقابلة للتفعيل ؟ ..انتهى - هل السيد الكاتب سمع عن معاملة الأسيويين والصينيين خاصة فى مصر أو فى أى بلد عربى ؟ هل ىعلم أن الشرطة المصرية قبضت على صينيين فى مسكنهم ؟ وهل تعلم أن الشعب المصرى قام بضرب مهندس صينى يعمل فى مصر منذ 5 سنوات فى شركة تابعة للحكومة المصرى وتم اهانة المهندس وانزالة من الحافلة ؟ هل تعلم بالأمس فقط فى مصر رفض أهالى احدى البلاد دفن مواطن مصرى من نفس البلدة فى مدافنهم لأنة مات بسب الكورونا وبالمرة فان ابن هذا الرجل هو طبيب يعالج أهل نفس البلدة غالبا بالمجان ؟ هل تعلم فى مصر - تحديدا فى محافظة مرسي مطروح - رفض أهالى البلدة دفن سيدة من نفس البلدة ماتت بالكورونا بل يعاملون أهل المتوفية كأنهم السبب فى الوباء فى العالم ويطاردنوهم فى كل مكان بل حتى وهم فى منازلهم ؟ نقول تانى ؟ سيدى الكاتب : العنصرية لها أشكال عديدة ومن الأفضل أن نتخلص منها فى بلادنا قبل أن تدين فرنسا .

كلام خارج السياق
mahmoud -

ما قاله الطبيب الفرنسي ليس فيه أي عنصرية - العنصرية في عقل كاتب المقال- فالطبيب الفرنسي كان يقول أن الدول الإفريقية لا توجد فيها القوانين الصارمة والبيروقراطية التي تنظم العلاج والأدوية في أوروبا و يقترح اللجوء لإفؤيقيا وذلك كون الملرض ى ليس لديهم اية خيارات ولا أدوة ولا مؤسسات صحية- فكفانا من المبالغة في تجريم الاخر-