جريدة الجرائد

ماذا تفعل بنا الموسيقى؟!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

محمد عبدالملك

تصاحبنا الموسيقى أين ما كنا، في المنزل أو في خارجه، في مشوار السيارة أو أثناء التريّض، أو في المجمعات التجارية. وعندما نقود السيارة ذاهبين أو قادمين من العمل، أو في أداء مهمات متعددة، نضغط الزر بتلقائية، حالما نُشغّل السيارة فتنطلق الموسيقى ويندفع الغناء، وفي الحال يهرب الملل وتسترخي أعصابنا ونستريح. وقيادة السيارات متعبة كما نعرف، وتحتاج إلى اليقظة والإنتباه الشديد، بين السيارات الكثيرة المندفعة من إتجاهات مختلفة، والمشاة الذين أمامنا وحولنا، لكن ما أن نفتح الموسيقى حتى يذهب هذا القلق والتوتر ويخفت الضجر ونشعر بالانشراح.

يحدث شيء مشابه عندما نمارس رياضة المشي، فالمشي على مدار ساعة مضجر إذا كنا منفردين، لكن الموسيقى تحل لنا هذه المشكلة، فهي تحت أمرك ورهن إشارتك في أي وقت تشاء، وفي أي مكان تكون، وصحبة الموسيقى الممتعة تجعلنا لا نشعر بالوقت، وتنتهي ساعة المشي وكأنها دقائق معدودة. سحر الموسيقى عرفه البشر من قديم الزمان فشغفوا بها مثلنا خصوصًا في الأفراح، أو عندما يريدون قضاء أوقاتًا ممتعة، أو في أثناء العمل، كان أسلافنا الغواصون الباحثون عن اللؤلؤ يستمعون إلى المواويل المغنّاة وهم يعملون على السفينة، ويبدأها المغني (النهام) بمصاحبة آلة الطبل والطوس، فالموسيقى وغناء النهام يبثان فيهم الحماس أثناء العمل الشاق الطويل، فينسون فراق الأهل، في رحلة الأربعة شهور وعشرة أيام الطويلة في عرض البحر الغدّار، بعيدًا عن اليابسة، وفِي ظروف خطرة وشاقة فهم يعملون من الفجر إلى المساء.

شعوبٌ أخرى استخدمت الموسيقى والغناء في مواسم الحصاد وفي الطقوس والمعابد، وفي الحروب لبث الحماس في الجنود. ولكل شعوب الأرض موسيقاها وأغانيها المفضلة، التي لا تحرمها من متعة الاستماع إلى موسيقى الشعوب الأخرى. ولا تقف اللغة حاجزًا عن الاستمتاع بالغناء فالموسيقى لغة كل العالم. من الأمور الجميلة في الموسيقى أنها متعددة، متنوعة، تختلف من شعبٍ إلى شعبٍ آخر، وعندنا نحن العرب، يتنوع الغناء حسب الأقاليم، فتتعدد بذلك متعتنا معها.

وأكدت بعض التجارب العلمية، أن للموسيقى تأثير كبير على النفس فهي تطلق الأفكار الإيجابية وتطرد الأفكار السلبية فنشعر بالتفاؤل والانشراح والإقبال على الحياة. هذا التأثير العجيب اللطيف للموسيقى دفع بعض الفلاسفة والحكماء والعلماء للبحث عن سر تأثيرها الكبير على النفس، واهتم الفيلسوف الإسلامي الفارابي بالموسيقى وأصدر مؤلفًا أسماه (كتاب الموسيقى الكبير)، بيّن فيه أثر الموسيقى في الروح ودورها في المعالجة والشفاء. وفي اليونان القديمة كان الحكيم اليوناني أبقراط الذي يلقب بأبي الطب، يستخدم الموسيقى لعلاج بعض مرضاه. وفي الحرب العالمية الثانية استُخدمت الموسيقى في مستشفيات الجنود المصابين الذين يعيشون لحظات حرجة لتشد أزرهم وتساعدهم على تخطي هذه الساعات الصعبة.

ويُذكر أن العرب أيضًا استخدموا الموسيقى في المشافي في عصر ازدهار الحضارة العربية. ويقول شيخ الأطباء العرب إبن سينا: (إن أهم أنواع المعالجة المؤثرة هي تعزيز الطاقة العقلية والروحية للمريض، ليقوى على مقاومة المرض بواسطة بيئة مليئة بالبهجة، بعزف أفضل أنواع الموسيقى، وإحاطته بمن يحب من الناس)، أما العالم الفيلسوف أبو بكر الرازي فيقول: (إن للموسيقى أثراً سحرياً يقي المرضى من تأجج أزماتهم النفسية).

وفي عصرنا الحديث اكتشف العلماء قدرة الموسيقى العلاجية في مرض الكآبة المنتشرة في المجتمعات الحديثة. واكتشف العلماء في العصر الحديث إن سبب الكآبة هو نقص في هرمون السيروتونين (هرمون الفرح) في العقل، ما يؤدي إلى شعور المريض بالحزن والقلق والإضطراب واليأس. وتحتوي أدوية الاكتئاب النفسي على هرمون السيروتونين الذي يخفف المرض. ووجد العلماء أيضًا، بعد تجارب على مرضى الكآبة أن الموسيقى تساعد على إفراز هرمون السيروتونين، وهذا سر الفرح والانتشاء الذي نشعر به عندما نستمع للموسيقى والغناء. وعندما نستمع إلى أغنية محددة مثلاً، خصوصًا إذا كانت من أغانينا المفضلة ننفعل بشدة، وتطفو لدينا المشاعر اللطيفة المفرحة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الفيلسوف الاسلامى الفارابى ..وغيره
فول على طول -

الكاتب يؤكد أن الموسيقى تراث عالمى ولا تقف اللغات حاجزا لها ثم يؤكد على اسلام الفارابى ..مع أن أغلب الموسيقيين ليسوا مسلمين ولا أحد يقول ديانة موتسارت مثلا أو بيتهوفن ..أو جيانينى الخ الخ . هل هى عقدة النقص مثلا عند الذين أمنوا تحركهم دون أن يدروا ؟ ربما ..انتهى - الكاتب تناسي أن من ذكرهم من العلماء والفلاسفة المسلمين تم تكفيرهم من المسلمين وقتلوهم بل تم تحريم الموسيقى نهائيا الا موسيقى الانشاد الدينى بالدف فقط . والسؤال الأخير :ما هى الحضاره العربيه وأين نجدها ؟ لماذا لا يوجد لها أى أثر ؟

رد .. للمستر فول
عدنان احسان- امريكا -

في ظل الحضاره العربيه والاسلاميه - تطورت الكثير من الفنون - والعلوم - ومنها الموسيقي سواء كانـــــــــــوا عرب - او من ابنـــــــاء دوله الخلافــــه ،،، والشعر - والادب - و الطب - الفاسفه ارقي انواع الفنــــون - وليس الطبل والدف فقط عنـــــــوان الحضاره ولكن السؤال اليوم - عن الحضاره الغربيــــــه ،،، هل مايكل جاكسون - ومادونـــــــا . ومحمد رمضان ،،وووو وغيـــرهم من - الذين يقميون المهرجانات - لبيع المخدرات - بحفلات المجـــون - والكــحول - والتعـــــري هل هذا اسمه فن بالمرسيقى الصاخبــــه التي تعتمد علي الايقاعات العـــــاليه - واجهره الصوت الالكترونيـــه ،،، والسؤال لماذا انحط الذوق العالمي - الي هذا المستوى - ونسينا عصر البرجوازيـــــه الاوربيـــــــــه - التي طورت كل هذا الفنون . ؟ وهل العرب والمسلمين هم من شوهوا الموسيقي الغربيــــه ؟ اذا لم نقل ان الثقافات الغربيــــــــه - اليوم هي من شوهت - كل شى بما فيها الموسيقي العربيه ،بالغزو الثقافي - وافــــــــــــلام هوليود . الموسيقس غــــــذاء الروح - وعبلج - وعندوات ٠ للرقي ، ولكن ،، قارن فقط بين عصر البرجوازيه الاوربيه - وعصــر الامبرياليه العالميه اليـــــوم .... واترك العالم الاسلامي جانبا - الذي عبر عن فنونه - بالفلكور ..

شكرا سيد عدنان على ردك المهذب والمفيد
فول على طول -

أتغق معك فى الكثير من النقاط وبالمناسبه أنا من عشاق الفن الشعبى المصرى الأصيل ولا أحب الحديث منها ..اصدقك القول أننى لا أحب الفن الذى ظهر بعد الثمانينات من القرنم الماضى . لا أحد لا يحب عمالقة الفن مثل ام كلثوم وعبد الوهاب ووديع الصافى الخ الخ ..ومن عشاق سماع الشعر العربى الأصيل وهذه حقيقه ..فعلا فان الفن الغربى الحديث ليس له علاقه بالفن ربما بسبب السن لا يناسبنا ..لكن لا أحد ينكر فن بيتوهوفن وموتسارت وهايدل وجيانينى .لا أحد ينكر عبقرية الرسامين والنحاتين الغربيين مثل مايكل أنجلو وليوناردو دافنتشى الخ الخ ..لكن فى نفس الوقت لا تنسي أنه فعلا تم تكفير أغلب العلماء والفلاسفه الذين ظهروا فى العصر العباسي وقتلوهم ولا تنسي أنه تم تحريم الموسيقى والفن ..تحياتى .

بعيداً عن فذلكات البعض من العنصريين نذكر بضعة أسماء من آلاف العرب والمسلمين لا للتوضيح فهم أشهر من نار على علم بل لنفقع مرارة الحاقدين
بسام عبد الله -

بعيداً عن سخافات وبذاءات العنصري والحاقد حتى على نفسه ابن الرب المدعو مردخاي فول فنقول أن العرب والمسلمين قد فاقوا جميع الحضارات القديمة والحديثة وبرعوا وأسهموا في جميع العلوم والأدب والفلسفة والفنون وتدرّس كتبهم في جامعات الغرب والشرق، ولم يتعرض أي منهم للتكفير والإتهام بالهرطقة ولم يتم إحراق أي منهم كما حصل مع كوبرنيكوس أو إجباره على التراجع عن إكتشافاته والإقرار بأنها هرطقة مثل جاليليو. فقد تميزت الحضارة العربية الإسلامية في مرحلة نضجها، بإنجازها الموسيقي الغنائي، وخاصة في بغداد والمدن الحجازية والحواضر الأندلسية، وكان العاملون في هذا المجال، رجالاً ونساءً، موضع احترام مجتمعاتهم، وكبار الكتاب والمفكرين. قال أبو حيان التوحيدي “الغناء معروف الشرف، عجيب الأثر، عزيز القدر، ظاهر النفع في معاينة الروح ومناغاة العقل وتنبيه النفس واجتلاب الطرب وتفريج الكرب وإثارة الهزة وإعادة العزة وإذكار العهد وإظهار النجدة واكتساب السلوة، وما لا يحصى عدّه”. ويروى عن الشاعر أبي العتاهية قوله “كان هارون الرشيد ممن يعجبه غناء الملاحين، وكان يتأذى بفساد كلامهم، ولحنهم -لغوياً- فقال الرشيد: قولوا لمن معنا من الشعراء، يعملوا لهؤلاء شعراً، يُغنّون فيه”. وقول أبي العتاهية هذا يقود إلى إدراك عمق معرفة الرشيد بالموسيقى والغناء، وهي معرفة تتوفر على وعي نقدي، يرى النقص ويقترح تجاوزه، فالرشيد حسب رواية أبي العتاهية، يعجب بغناء الملاحين، وهذا يعني أن إعجابه كان بالألحان وبالأداء، وحين يطلب من الشعراء كتابة بديل فهو يقترح تجاوز النقص، وبه يستكمل الغناء مقوماته، الكلمات والألحان والأداء، وهذا الاقتراح الرشيدي صار منهجاً في الغناء أنتج في ما أنتج فن القدود الغنائي. وكان كما يقول المؤرخ الفرنسي اندريه كلو “يحرص على أن يحيط نفسه بالمثقفين، رجالاً ونساءً، وكان يختار النساء ليس على الجمال فحسب، وإنما لثقافتهن، وكان يرسل الموهوبات منهن إلى الحجاز، للتعرف على فنون الغناء والموسيقى”. والجدير بالذكر أن أخاه إبراهيم بن المهدي وأخته عُلَيّة، قد اشتهرا بإتقانهما الغناء والتلحين والعزف على الآلات الموسيقية، وهذا التوجه لم يُضر بإبراهيم بن المهدي، بدليل توليه الخلافة، وإن فشل ولايته كان لأسباب تتعلق بتحالفات البيت العباسي حينذاك، وليس بسبب اشتغاله بالموسيقى والغناء.كما يجب التنويه بالعبقريين الموصليين، إبراهيم وابن

بعيداً عن فذلكات البعض من العنصريين نذكر بضعة أسماء من آلاف الفلاسفة العرب والمسلمين لا للتوضيح فهم أشهر من نار على علم بل لنفقع مرارة الحاقدين
بسام عبد الله -

تابع.. كما يجب التنويه بالعبقريين الموصليين، إبراهيم وابنه إسحاق، اللذين شكلا أعظم حلقة في تاريخ الموسيقى والغناء ببغداد، ونادم الأب من الخلفاء المهدي والهادي والرشيد، وكان فذاً في التلحين والغناء والعزف على العود، أما إسحاق فكان شاعراً وفقيهاً ولغوياً، جدّدَ في التلحين والعزف على العود، ونادم الرشيد والأمين والمتوكل والواثق، إذْ عَمَّر طويلاً. قال أبو الفرج الأصفهاني “إن إسحاق روى الحديث ولقي أهله، مثل مالك بن أنس”، وفي ضوء ما تقدم ندرك معنى قول الخليفة الواثق “ما غنّاني إسحاق، إلاّ وظننت أنْ زيدَ لي في ملكي”، وقول المتوكل حين توفي إسحاق “ذهب صدرٌ عظيمٌ من جمال المُلْك وبهائه وزينته”، وقال عنه يحيى بن أكثم “قلَّ في الزمان نظيره”. أما باقي العلوم فحدث ولا حرج، ونذكر من الفلاسفة على سبيل المثال ابن خلدون مؤرخ وفيلسوف عربي أندلسي، وهو مؤسّس علم فلسفة التاريخ، والذي حاز على تقدير الغرب، بسبب قدرته على ترجمة التاريخ الإسلامي وتوثيقه، بالإضافة إلى فلسفته، كما أنّه أول من أسس علم الاجتماع الحديث، وكانت له عدة إنجازات في علم التربية، ومن أشهر مؤلفاته، (مقدمة ابن خلدون). و الفارابي الذي يعرف بتفوقه في المنطق، والسياسة، والفلسفة، والأخلاق، والميتافيزيقيا، ونظرية المعرفة، وله العديد من المؤلّفات التي جمعها المستشرق الألماني ستيشنيدر في مجلد واحد، ثمّ تمّت ترجمتها للغة اللاتينية. وابن رشد الي تعتمد فلسفته على ضرورة عدم وجود تعارض بين الدين والفلسفة. والكندي اشتهر بعلم النفس، والكلام، والفلسفة، حيث كان من أوائل الفلاسفة المسلمين، نظراً لاشتهاره بإنجازاته الكبيرة في تعريف العرب والمسلمين للفلسفة اليونانية والهلنستية. وابن سينا وهو طبيب وفيلسوف، عرف بلقب شرف الملك، وقد اشتهر بنظرية النفس، حيث كان متأثراً بفلسفة الفارابي المختصة بتصويره للموجودات والوجود. وابن باجة الذي يعدّ من أشهر الفلاسفة الذين تأثروا بفلسفة ابن رشد، وتعتمد فلسفته على بناء الفلسفة العقلية على أسس وقواعد الطبيعيّات والرياضيات، كما أنّه كان أول فيلسوف مسلم يفصل بين الفلسفة والدين في أبحاثه. وابن الهيثم عالم وفيلسوف اشتهر بالفلسفة العلمية التي تقوم على أن المكان هو فراغ ثلاثي الأبعاد بين الأسطح الداخلية، بعكس ما جاءت به فلسفة أرسطو التي تعرف المكان بأنّه فراغ ثنائي الأبعاد بين الأسطح الداخلية التي يحتويها الجسم.