جريدة الجرائد

صفقة القرن الحقيقية بين تركيا وإيران (1)

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

هناك سيناريو كابوسى يعد له الآن بين إيران وتركيا!

السيناريو يتلخص فى أن تقوم إيران صاحبة النفوذ فى اليمن بتمكين تركيا من الدخول مقابل أن تقوم تركيا صاحبة النفوذ فى ليبيا بإدخالها هناك.

السيناريو هو أعطيك جزءاً من صنعاء مقابل أن تعطينى جزءاً من طرابلس.

تبادل مصالح، تعاون فى المنافع، توجيه ضرر وعدائيات تجاه السعودية والإمارات ومصر.

هذا السيناريو ليس افتراضياً، أو مجرد خيال كاتب، لكنه تصريح متعمد جاء على النحو التالى:

صرح جواد ظريف وزير خارجية إيران: &"لدينا وجهات نظر متقاربة ومشتركة مع تركيا، وتبادلنا الرؤى بالنسبة للأزمة فى اليمن ومعاناة الشعب اليمنى، ونحن منذ سنوات نريد أن تتحسن الأوضاع فى ليبيا واليمن، ولدينا رؤى مشتركة مع تركيا، ونحن ندعم الحكومة الشرعية فى ليبيا ونعتقد أنها (أى حكومة السراج) قادرة على إنهاء الأزمة، لذلك نرى أننا يمكن أن نتعاون فى رؤيتنا المشتركة فى اليمن وفى ليبيا على حد سواء&".

انتهى التصريح، ولكن يبقى أن رسالة جواد ظريف واضحة وهى تسهيل الطرف التركى لإيران دوراً فى ليبيا مقابل تسهيل الطرف الإيرانى دوراً فى اليمن!

العلاقة بين إيران وتركيا تاريخية قديمة فيها صراع وتنافس وتضارب مصالح ثم استقرت مؤخراً إلى &"تنسيق وتعاون استراتيجى&" فرضته صراعات وتوازنات المنطقة.

كلاهما له مطامع لتحقيق أحلام زعامة، مسرحها الرئيسى وجائزتها الاستراتيجية هى العالم العربى.

كلاهما يرى أن تحقيق هذه المصالح يعتمد على 3 عناصر جوهرية:

1- استخدام القوة العسكرية لعمل قواعد دائمة على أراض عربية.

2- استخدام أدوات، وحلفاء، وعملاء.

3- استخدام رخيص لشعارات دينية وطائفية لخلق قاعدة شعبية موالية.

إيران تسعى لإقامة دولة الولى الفقيه ومركزها طهران.

كلاهما الآن عضوان فى مجموعة دول قمة &"شنغهاى&"، التى تدرس بجدية التعاون الاقتصادى والتجارة البينية خارج نطاق عملة الدولار الأمريكى برعاية صينية - روسية!

تركيا تسعى لإعادة دولة الخلافة العثمانية ومركزها أنقرة.

الأولى تريد إحياء الشيعة السياسية، والثانية تريد إحياء الإسلام السياسى السنى.

وكلاهما يرى فى مشروع الدول الوطنية فى المنطقة عدواً له.

كلاهما ضد جيوش مركزية قوية، واقتصاديات قوية، وتحالفات إقليمية لدول الاعتدال، لأن ذلك يقف سداً منيعاً ضد مشروع كل منهما.

وبعد الخروج الأمريكى المباشر من المنطقة والدخول الروسى المباشر لها أصبحت المنطقة مجرد كعكة قابلة للالتهام ومستعدة للفوضى المؤدية للتقسيم والتجزئة.

كلاهما يدرك أن مشروع ولاية الفقيه ومشروع إعادة الخلافة العثمانية سوف ينتهيان حكماً واستراتيجياً إلى تناقض رئيسى، لكنهما &"بمنطق التاجر الماهر&" قررتا تكتيكياً تأجيل هذا التناقض، والتعاون -مؤقتاً- لنهب المنطقة.

العالم العربى فيه أكبر احتياطى نفط، وشرق البحر المتوسط قابع على خزان لا نهائى من الغاز، والصناديق السيادية لدول المنطقة تصل إلى 4 تريليونات دولار على الأقل، وشعوب المنطقة سوق استهلاكية نشطة لحوالى 350 مليون نسمة.

كلاهما أيضاً وجد فى أزمة المنطقة مع قطر أرضاً خصبة لممارسة العدائيات ضد خصومهما مقابل الحصول على التمويل القطرى اللازم.

من هنا ليس غريباً أن تقوم تركيا باستثمار 12 مليار دولار أمريكى فى حقل غاز الشمال، الذى يعد أكبر حقول غاز إيران الذى تشترك فيه مع دولة قطر.

وتصدر إيران لتركيا عشرة مليارات قدم غاز سنوياً وهو ما يساوى ثلث الاحتياجات التركية.

والملف الكردى العراقى هو نموذج لتقارب المصالح الأمنية بين بغداد وأنقرة، لمواجهة نشاط حزب العمال الكردستانى، قواعد ومقرات فى جبال &"قنديل&" الواقعة فى مثلث الحدود بين تركيا والعراق وإيران.

وبموافقة حكومة حيدر العبادى توسعت تركيا فى وجودها العسكرى فى تلك المنطقة، حتى إنها أقامت 15 قاعدة عسكرية، بعضها يصل إلى عمق 30 كيلومتراً داخل إقليم كردستان بمباركة إيرانية كاملة!

إذن نحن أمام شريكين اتفقا منذ مطلع القرن على &"عدم الاعتداء&"، وتعاونا بشكل جدى منذ ربع قرن على تبادل المنافع فى النفط والغاز والتجارة البينية بينهما، التى تصل إلى 4 مليارات دولار سنوياً.

كلاهما يتعرض لعقوبات اقتصادية من الغرب، وكلاهما يعانى من تدهور مخيف فى عملته الوطنية مقابل الدولار الأمريكى، وكلاهما يبحث عن مجال حيوى، ومناطق نفوذ، وأسواق خارجية تنقذه من أزمات الداخل الطاحنة.

ورغم أن كلاً منهما كان فى خندق مضاد فى سوريا والعراق، فإنهما التزما بقواعد عدم التصعيد.

كلاهما دخل لعبة التفاهم الثلاثى: إيران، تركيا مع الروس مما خلق بينهما أرضية مشتركة يمكن البناء عليها.

وتزداد اللعبة خطورة إذا ما باعت كل من طهران وأنقرة هذا التعاون فى اليمن وليبيا إلى الروس!

كلاهما يرى فى محور: مصر، السعودية، الإمارات &"عائقاً استراتيجياً&" يمنع تنفيذ المشروع الأخطبوطى الشرير.

من هنا ليس صدفة بأى حال من الأحوال أن تسعى طهران وأنقرة إلى الإضرار إلى حد التدمير لنماذج الحكم فى الرياض والقاهرة وأبوظبى مهما كانت الفاتورة.

بالطبع لا مانع أمام الغرب أن يحدث هذا الصراع، لأنه يعنى اعتمادية أكثر على الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة سياسياً، ويجعل من المنطقة مشترياً أساسياً للسلاح.

وتشعر إسرائيل بسعادة كبرى ما دامت كافة أطراف المنطقة سيحطمون بعضهم البعض، ثم سوف يأتى الفائز منهم -فى نهاية الأمر- طائعاً للتعاون معها، بعدما يكون قد فقد معظم فائض قوته العسكرية واحتياطياته النقدية فى معاركه الدموية.

إن خيلاء وجنون إعادة أمجاد الفرس والصفويين والسلاجقة وبنى عثمان على حساب العالم العربى، هو أخطر ما يواجه المنطقة اليوم وغداً.

والقارئ المتعمق والفاهم للتاريخ خلال القرون الماضية سوف يكتشف أن سر ضعف الأمة العربية الرئيسى هو مشروعات التوسع والاحتلال والاستبداد للفرس والعثمانيين.

تزداد المأساة تعقيداً أن ما يعرف بالمعارضة أو القوى المختلفة فى المنطقة ترى فى مشروعات طهران وأنقرة طريقاً للخلاص بدلاً من السعى إلى الإصلاح الوطنى من الداخل.

لقد دقت طبول الخطر، وصدح نفير مشروع تقسيم المنطقة، ولن ينفعنا وعد أمريكى أو ضمانات روسية، فالكل على استعداد أن يبيعنا مقابل السعر المناسب.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
لا لصفقة القرن الحقيقية الصهيونية أولا قبل أي لا لأي صفقة أخرى
يونس -

يكفيني قراءة العنوان المستفز للقضية الفلسطينية والمتضامن مع صفقة القرن الصهيونية بطريقة واضحة من خلال الإشارة لعبارة < صفقة القرن الحقيقية > كي أمتنع عن قراءة هذا المقال الذي هو باطل بحيث ما بني على باطل فهو باطل، وبما أن كل معارض لهكذا تفسيرات ومقارنات كيدية الغرض منها غض الطرف عن صفقة القرن الصهيونية فهو في نظر الكاتب من الإخوان المسلمين فإذن متطرف إرهابي > وجب الإشارة أنني شخص علماني من دعاة الدولة المدنية المحترمة للمواثيق الدولية والمدافعة عن الحريات الفردية في المجتمعات العربية.

وما الحل من وجهة نظرك ؟
فول على طول -

خلاص عرفنا أن تركيا وايران وبمشاركه روسيه لديهم مشروع هيمنه وسيطره على العالم العربى وعلى ثرواته ..اذن ما الحل ؟ ما الذى يجب على الدول العربيه أن تفعله ؟ هل لك أن تقول لنا عن الحل فى مقال قادم ؟ ننتظر

اضغاث احلام
كندي -

الخلاف بين الدولتين واسع جدا وعميق جدا والقواسم المشتركه بينهما صغيره وقليله ولكن لأنهما يعملان على الاستفاده منها بدلا من القتال والنزاع يظن المراقبون أنهما متفاهمان تماما ، انت قلت ان الاولى تريد ان تحيي المد الشيعي والثانيه تريد ان تحيي المد السني ، هذا وحده كافي لنزاع كبير جداً ، الصراع اليوم في المنطقه هو صراع اديان بالدرجه الاولى وصراع قوميات بالدرجه الثانيه والدولتان مختلفتان جدا دينيا وقوميا ، المد الايراني سينتهي قريبا ( اذا فاز ترامب في الانتخابات ) ونظام الملالي سيسقط ، المد الإيراني حصل بفضل إدارة اوباما وعلاقاتها القويه جداً بايران ، الدين الشيعي ( هو دين صفوي وليس مذهب كما يدعي أهل التقيه ) ليس له حاضنه حقيقيه في المنطقه ، بسقوط نظام الاسد سيتساقط ويضمحل كل المد الشيعي في المنطقه حتى في العراق . ، تركيا وإيران مجرد لاعبان صغيران في المنطقة والعالم وهناك قوى عالميه حقيقية هي التي تقرر ، هل تظن بان دوله ما تستطيع ان تمد نفوذها في ليبيا دون موافقه امريكا واوربا ؟؟!

كلامك صحيح
كوردي عراقي -

افترض صحه كلام السيد الكاتب , السوأل ماهو الحل؟ هل ننتظر تدخل الإمارات العظيمه؟ أو تدخل مصر السيسي أو يمكن تدخل السعوديه حفلات ؟ أو ممكن تدخلهم معا لإنقاذ البشريه والعرب من اردوغان والمرشد الإيراني؟ هناك صفقه قرن واحده لبيع ماتبقى من فلسطين بمباركة العرب .

صفقة الشعوذة
كاميران محمود -

أخطر أسباب الاختراق هوضعف الامة العربية كماتذكر يا أستاذ عمادوسبب الضعف مستمركماهو منذ اليوم الذي مكن فيه الخليفة العباسي الافة التركية من أكل الاخضر واليابس نكايةبأهله أي أنه ولسبب غير معروف وعند ظهوررأي مختلف يختار من له رأي في ذلك الامر طريق العداوةوالالغاء لاصحاب الرأي المختلف بأستثناء مرونة القيادة المصرية والتي تبدي(طول نفس)متميزللوصول الى نقاط مشتركة ولانذهب بعيدافقدرأيناقبل أيام العقدة الجزائريةثانية حيث أرتفع صوتها النشازحال صدور الاقتراح المصريلحل المأساة الليبية بدلا من أن تكون طرفا يقوي الاقتراح المصري بل لماذا لاتدخل(الجزائر)ليبيا وتطرد الاتراك منهاوتتخلص من عقدها وقصدي أن الضعف سببه داخلي. ونتمنى منك أن تستفيض قليلا في ما تذكره عن أزدياد خطورة اللعبة فيمالوباعت طهران وأنقرة تعاونهما في ليبيا واليمن للروس سيما أنك تذكر في السطر السابق لذلك أن هناك لعبةتفاهم بين الروس والفرس والترك ذات أرضيةمشتركة يمكن البناء عليها. و هناك في رأيي مشكلة أخرى فيمايتعلق بأيران وتركيا وهي أن ضخامة المنطقة العربيةتعقدهما وحاولت الدولتان دخول الجامعة العربية وفشلت المحاولتان والعقدة تكبر وتنهيهما.