جريدة الجرائد

جنونستان

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

يُلهِمُ الفيلم الأميركي الشهير “كوكب القردة” بكل نسخه مشاهديه من أنحاء العالم، ليقفوا برهة للتأمل عند تلك العلامة الفارقة التي اتسمت بها البشرية، بهيمنتها على الكوكب، واستعبادها للكائنات والحجر والشجر والمياه والهواء. وحين تدرك تلك القردة التي كانت في مختبرات الإنسان أن بوسعها أن تكون مثل مُستعبِدها، تتحول إلى قوة غاضبة يغذّيها الثأر والانتقام من زمن العبودية.

غير أن الكوكب كله كوكب قردة، فما الفارق بين قرد بشعر طويل يكسو جسده وقرد آخر ناطق بلا شعر وبمعايير جمال مختلفة؟ ما دام الفعل هو ذاته. ولعل أكثر الكائنات سلمية هي تلك القردة التي اعتادت العيش للآلاف من السنين في جبالها وفي أعالي الأشجار، قبل أن يقتحم الإنسان حياتها ويصطدم معها. مثلها مثل بقية الضحايا. وحين نطقت تلك الكائنات، أخذت تطالب بـ”ستان” لكل منها، بعيدا عن العيش المشترك في الغابة ذات النظام الطبيعي ودورة الحياة. ولم يتوقف الأمر عند “قردستان” بل تجاوزه إلى “غرابستان” و”دبّستان” و”فأرستان” و”بعيرستان”. وراحت تلك الكائنات تتصارع في ما بينها من أجل حق تقرير المصير الحيواني.

وبينما تدور المطحنة الذهنية في العقول، يأتي القرد الأبيض ليفصل بين الكائنات، ويهدّئ من روع هذه الجماعة ويضبط سلوك الأخرى. فارضا بروتوكولاته العادلة التي جرّبها الجميع في “أبوغريب” وغيره.

ليست المرة الأولى التي يحاول فيها الإنسان التعلّم من مدرسة الحيوان، فمنذ الجاحظ وابن المقفع وجورج أورويل ونحن نجلس في صف المملكة الحيوانية كالتلاميذ، دون أن نتخرّج في آخر الفصل الدراسي. وليس هذا غريبا. فالبقاء في تلك المدرسة أقرب إلى طبيعتنا الغرائزية من الارتقاء الوهمي عليها.

لن يسمح لنا الكائنُ التكنولوجي ذو الذكاء الاصطناعي، في اللحظة الآتية، بمواصلة الإمساك بالمقود، لقد تقدّم علينا كثيرا. بات يرى بدائيتنا ويحللها، وسيقرّر في وقت ما أننا لا نصلح لحُكم الكوكب.

لم يصنع الإنسان كوكبا لائقا، ولم يؤسّس سوى لـ”جنونستان” مثل تلك التي رسمها الشاعر الحاضر نزار قباني في مسرحية نادرة. مما كتبه فيها هذه الحوارية المدهشة “صوتُ غليظُ النبرَة ينبعث من مكبـِّرات الصوت في صالة المطار: هُنا جمهوريّة جُنُونِستَانْ.

المرأة: أينَ وضعتَ الخارطة؟

الرجل: ولِماذا تريدينَ الخارطة؟

المرأة: أريد أن أفتّشَ عن هذه الدولة التي اسمُها جنونستان. في أيِّ قارَّةٍ تَقَع؟ ما هيَ لُغَتها؟ ما هو تاريخُها؟ كم عدد سكانها؟

الرجل: لا تُتْعِبي نفسَكِ. فلن تعثري عليها لا في كُتُب التاريخ، ولا في أطلس الجغرافيا، ولا بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة. إنها دولةٌ مُختَرَعة، مَسلوقة سَلقا، كما تُسلق السباغيتي في عشرين دقيقة”.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
فعلا اصابتكم جنون ( ستان )
ستان -

اصبحت كلمة " ستان " التى تعنى ( وطن ) او ( ارض ) فى كثير من اللغات الشرقية و الشرق اوسطية ، اصبحت هذه الكلمة سرطانا مميتا للملايين من سكان الشرق الاوسط الذين جاؤا قبل اكثر من الف سنة من اعماق ظلمات التاريخ غازين محتلين و نهابين لكثير من ال ( ستان ) ات الموجودة فى المنطقة ، لا لشئ الا لانهم يطالبون بحق تقرير المصير . و الان يريدون ادلة على وجود تلك الدولة فى التاريخ !!!!!!!!!؟؟؟؟؟..... لقد انقذت دول من براثن الاحتلال الهمجى و بيدهم صكوك من ذهب و الماس تثبت تاريخهم الناصع كالشمس المشرقة لا يمكن تغطيتها بالغربال و العالم يقراءه يوميا ، هل قبلتوها و احترمتوها و كفيتم شركم عن الناس ؟؟؟!!!.... ام انكم فى غيكم سادرون ، و تنكرون و تنكرون و تنكرون ...!!!!! ... و تحاربون و تحاربون و تحاربون... طواحين الهواء ؟؟؟؟ الدول التى تطالبونها بوثائق تاريخية كى تثبت وجودها موجودة على ارض الواقع و حتى اسمها منحوت و موجود فى جميع اجزائها منذ القديم رغم ان المحتلين لم يعترفوا بها رسميا و هذا لا يثبت عدم وجودها طبعا بل يمثل ارادة المحتل . و هناك كثير من الدول لا حصر لها و الكاتب يعرفهم اكثر منى و التى كان لها ارض و شعب ثم استقلت فاستردت اسمها التاريخى او حتى نحتوا لها اسما جديدا ، لا يهم المهم الارض و الشعب موجودين و يعيشون عليه منذ الاف السنين و لو بدون اسم يذكر . لا يوجد شعب بدون ارض و وطن ، ما دام الشعب موجود فاذن كان يعيش طول عمره على ارض ما اى ( ستان ) ه الخاص . و ليست هناك دولة مخترعة او مسلوقة سلقا مثل السباغيتى : ربما قصر النظر منكم ، اشترى نظارة لتصحيح نظرك ثم انظر بصورة صحيحة و مستقيمة و سترى الحقائق مشرقة كالشمس الساطعة .