جريدة الجرائد

مقتل فيلسوف!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

“إني أرى رؤوسًا قد أينعت وحان قطافها”!. بهذه، صار الحجّاج صاحب أشهر جملة تهديد بالقتل!. جملة لا تدلّ بلاغتها إلا على رغبة شاذّة التلذّذ بالإفناء!. رغم ذلك، لم تكن هذه هي الجملة الأكثر بلاغة، ولا الأعمق دلالة على مثل هذه اللذّة المنحرفة الشّاذّة!. الجملة التي دوّت في روما، قبل زمن الحجّاج بمئات السّنين، كانت أكثر احترافيةً وانحرافًا!. يوم جمع “كاليغولا” الناس وصاح بهم: “كم كنت أتمنّى لو كنتم أيّها الرّومان بعُنُق واحدة”!.
ـ في زمن الوحش “كاليغولا” عاش “سينيكا”، أحد أهم فلاسفة العالم، والغريب أنه بقي حيًّا رغم اشتغاله بالسياسة!. والأغرب أنه بقي حيًّا، ربما، ليُسجّل لنا التاريخ النهاية الأكثر غرابة، وألمًا، واستسلامًا وخضوعًا للأوامر، بما يتشابه ثمّ يتخطّى المصير النهائي لسُقراط بمراحل!.
ـ كان سينيكا معجبًا، فوق حدّ التبجيل، بسقراط. بفلسفة سقراط إلى حد كبير، لكن بثبات ورباطة جأش سقراط إلى حد مُطْلَق!. هل كان يتمنى نهاية مثل نهاية سقراط؟!. إن كان الجواب بِنَعَم، فإنه من المؤسف حقًّا، أنّ هذه الأمنيّة الوحيدة له، فيما يبدو، التي تحقّقتْ بالفعل وعلى نحو كامل!. ثم أن سينيكا تصرف مع تلبية الحياة لهذه الأمنيّة “المُفترَضة” بما يجعل من كمالها فائقًا!.
ـ ولولا أنّ “البادئ أشهر”!، لما قدر أحد، بعد كل ما جرى لسينيكا، على فهم كيف ظلّت أشهر ميتة لفيلسوف مُلصقة بسقراط!. لنتحدّث إذن، وأولًا، عمّا يمكن فهمه!.
ـ أقام سينيكا فلسفته على عنصرين، من خلالهما وعن طريقهما، راح يتمدّد: الإحباط والغضب!. يشرح أسبابهما ويفكّك آليّاتهما ويطرح حلولًا تعيننا على تجاوزهما أو التقليل من تفاقمهما عن طريق وضع كلّ منهما في مكانه الصحيح، وعدم السماح له بالانفلات متوسّعًا بما لا تُحمد عُقباه!.
ـ ليس غريبًا، بل من الطبيعي جدًّا، أن يستمد سينيكا، من هذين العنصرين مادّة، ومَدار فلسفته. رجل عاش في زمن “كاليغولا” الشيطان، و”نيرون” قاتل أخيه وأمّه وزوجته، والذي طاب له الغناء، أكثر ما طاب، حين رأى روما تحترق!.
ما الذي يمكن له أنْ يستفزّ سينيكا إذن للبدء في فلسفته غير الإحباط والغضب؟!. أضف إلى ذلك سنوات نفيه ظُلمًا، ثم تولّيه، بعد عودته، رغمًا عنه، “أكثر المناصب شؤمًا في الإدارة الإمبراطورية” (بتعبير آلان دو بوتون): أن يكون معلّمًا لابن الإمبراطورة، الذي سيأمره بعد خمسة عشر عامًا، بقتل نفسه أمام زوجته وعائلته!.
ـ ويا له من مشهد!. سينيكا ينصاع للأمر، باستسلام كأنه الرِّضا!. يُقبّل زوجته، لا يطيل الحضن حتى لا يظن الناس أنه يتلكّأ خائفًا!. ينفّذ الأمر، يمزّق شرايينه!. وحين لم يجد أنه سقط قتيلًا، يطلب السّمّ ويتجرّعه بكل ما بقي له من قوّة الجسد ممزّق الشرايين!. لكنه، ويا للغرابة، يظل حيًّا!. وبدل أن يطلب منهم اعتبار ما حدث معجزة تشفع لبقائه حيًّا، يطلب من الجنود وضعه في حمّام بخار إلى أن يختنق!.
ـ وبقيتْ فلسفة سينيكا حيّة، وما زالت تعيش إلى يومنا هذا كلمات كثيرة له، هازئة بكل أدوات قتله في المشهد الأخير: السّلاح الأبيض، والسّم الأسود، والماء والنار.. معًا!.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
كم كنت أتمنّى لو كنتم أيّها الرّومان بعُنُق واحدة”!.
فول على طول -

وبكل الصدق وبصفتى هاموت من الغيظ ومن الحنق على تصرفات البشر فى منطقتنا المنكوبه ومن ارهابهم ومن تصرفاتهم الغبيه وحبهم للموت وعدم احترامهم للحياه التى هى هبه من الخالق وانحطاطهم الأخلاقى وكذبهم وخداعهم ونفاقهم وادعاء التدين والتشدق بذلك تمنين أن يكون البشر فى منطقتنا هذه عنق واحده وأنا لى سلطان عليهم وسوف أفعل بهم ما فعله الحجاج أو نيرون كى أريح العالم منهم ومن منطقتنا التى يتمنى العالم أن تختفى من الوجود ..العلم بدوننا أفضل جدا . تحياتى سيدى الكاتب على هذا المقال الجميل .

رد على سخافات الحاقد على العرب والإسلام والمسلمين
بسام عبد الله -

هل هناك أهل غدر وعنصرية وكراهية وخيانة غيركم يا ابن الرب الفوال . لماذا كلما قرأ جملة في مقال عن العرب وعظمة الإسلام والمسلمين وحضاراتهم ، يتمنى عودة الإستعمار ومنهم من يحلم بالإحتلال الصهيوني، وهم من يوم يومهم خونة وعملاء وخدم للإستعمار، ومن يتآمر على وطنه من أهل الخيانة والحقد والغدر لا يرى المؤامرة، لأنه جزء منها، وتراهم يدافعون عن المستعمر ويبكون على أقدامه وجدرانه وأطلاله ويقدمون خدماتهم له ومن يشترك بالخيانة لا يقر بها لأنه منفذها، والتخلف الذي نحن فيه هم سببه، وعريضة زعماء الشنوديين إلى الجنرال منو أحد الأدلة على ذلك ولا حاجة لنشر نصها لأنه موجود على جوجل. والسؤال هنا لماذا ينكر البعض من اللئام من أبناء الرب فضل الإسلام والمسلمين عليهم بينما يقر به كبراء أساقفتهم؟ هل سمعت عن السؤال الذي سأله أحد المسيحيين في مصر كبير الكهنة : لماذا تساندون صلاح الدين الأيوبي ضد مسيحيي الغرب؟ وكان جواب كبير الكهنة: هل تصلي براحتك؟ هل منعك أحد من ممارسة شعائرك الدينية؟ إذا دخل مسيحيي الغرب إلى مصر فإنهم سيغيرون القساوسة كما فعلوا في القدس، لهذا أفشى القساوسة لصلاح الدين خطط الصليبيين لإغتياله، وأفشلوا خططهم ونصروه وساعدوه على دخول مصر لحمايتهم. ويتهم العنصريين من أتباع قزم أربيل وأتباع شنودة من ابناء الرب العرب بالتخلف وكأنهم صنعوا حضارة في مصر والعراق وسوريا، وهم لا زالوا يعيشون بالقرون الوسطى يؤمنون بالخزعبلات والشعوذة. كانوا ولا زالوا حجر عثرة يضعون العصا في عجلات التطور لم يحققوا أي تفوق ولا نجاحات ولا فائدة منهم للدولة التي يأكلوا من خيراتها ويبصقون في صحنها. لا ينفع معهم كلام ولا يجدي معهم حوار، لأنهم عنصريون حاقدون كارهون. لا يقرؤون ولا يفقهون حتى تعليقاتهم ولا يعتبرونها شتائم لأنها جزء من ثقافتهم التي يلقنهم إياها كبارهم الذين علموهم الغدر والحقد والخيانة التي هي طبعهم وطباعهم وديدنهم، يرون الشوكة بحذائنا عمود والعمود في عينهم شوكة. نحن من عاشركم وخبزكم وعجنكم كنا نتستر عليكم من باب داروا سفهاءكم ، وإذا إبتلي جيرانكم بالمعاصي فاستروهم، ولكنكم تماديتم وأصررتم على لؤمكم وتمردتم