جريدة الجرائد

علاقة الكويت بالفساد

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

لا جدال في أن دولة الكويت لم ترتكب جرائم سرقات للمال العام وغسل الأموال والاتجار بالبشر، فتداعيات فضائح الفساد التي شهدتها الدولة يتحملها بالدرجة الاولى رئيس وأعضاء مجلس الوزراء الكويتي.

فقد ورد في المادة الدستورية 123: &"يهيمن مجلس الوزراء على مصالح الدولة، ويرسم السياسة العامة للحكومة، ويتابع تنفيذها، ويشرف على سير العمل في الإدارة الحكومية&".

وهذا يعني أن هيمنة مجلس الوزراء على مصالح الدولة تنحصر في سلطات رئيس الحكومة، فهو الشخص الوحيد الذي يستطيع ترسيخ قواعد ومنهج العمل المؤسسي في الحكومة ككل، من دون ان يكون هناك حيز لأي وزير او مسؤول او جهة حكومية في الاجتهاد والانفراد بالقرار او تقويض سلطات رئيس الحكومة.

أسوق هذا الرأي الى الأخ الفاضل الشيخ صباح الخالد، بصفته الشخصية، والرسمية، فقد جانبه الصواب في تفسيره بعدم جواز &"ربط اسم الكويت بفضائح الفساد&"، كما جرى تناولها بشكل حماسي وعفوي من جانبه في مجلس الأمة أخيراً.

ففشل الحكومات السابقة والحكومة الحالية في التعامل مع فضائح الفساد ووأد توغله في مفاصل الدولة اي في أغلب مؤسسات الحكومة، التي يرأسها صباح الخالد حالياً، يرتبط باسم الكويت شئنا أم أبينا، بسبب ان جميع جرائم الأموال العامة وشبهات غسل الأموال وغيرها جرت في مرافق الحكومة، لا في حواري الدولة.

تكمن العلة في تغلغل الفساد السياسي بالمقام الأول في أغلب مؤسسات الحكومة، ثم فساد مالي وإداري ومرفقي ورقابي، نتيجة ضعف قبضة رئيس الحكومة قبل غيره.

فلولا هذا الضعف، لما اخترق شيوخ وعسكريون ووزراء ومواطنون ووافدون قوانين الدولة وأجهزتها.. فإحالة الملفات الى النيابة العامة لا تعفي رئيس الحكومة من المسؤولية السياسية لأسباب عدة، أبرزها ما يلي:

عاصر الشيخ صباح الخالد حكومات لكل من الشيخ ناصر المحمد وأخرى للشيخ جابر المبارك، ولا شك في أنه تعرّف على أسلوب عمل الحكومة، حيث برهن الزمن على ان الحكومات السابقة كانت تدار على أساس غير مؤسسي ومن دون وجود لآلية اتخاذ القرار.

كما ان جزءاً كبيراً من فضيحة الصندوق الماليزي كانت تدور في الكواليس الرسمية منذ تولّي الشيخ صباح الخالد رئاسة الحكومة وقبل ذلك أيضا، ما يعني ان صباح الخالد قد بلغه العلم مثل غيره من عامة الشعب عن شبهات الفساد وغسل الأموال، التي اصبحت اليوم واقعا لصيقا باسم الكويت محلياً ودولياً.

اما بالنسبة إلى بقية الفضائح، فهي برهان لا يحتمل الجدل على ان السلطة المطلقة بيد عدد كبير من كبار وصغار المسؤولين والمتنفذين والأجهزة الرقابية؛ منها البنك المركزي، وتحديداً وحدة التحريات المالية وما تردد عن تقاعسها عن القيام بمهامها على النحو المطلوب وليس المنشود، وهو ما يعني انهياراً لمؤسسات الحكومة الرقابية ومساساً علنياً بسمعة الكويت دولياً.

الانهيار لم يأت نتيجة كوارث طبيعية، بل ان التهاوي حصل بسبب غياب الارادة الحكومية الحازمة والعمل الرقابي المؤسسي في رصد وتتبع آثار السلطة المطلقة، التي تمتع بها كثيرون، من دون إدراك مؤسسة حكومية واحدة لذلك!

ماذا يعني كل ذلك؟ سوى ان هناك مسؤولين ومتنفّذين وشيوخاً كانوا يملكون السلطة المطلقة نتيجة تراخي رئيس مجلس الوزراء في التعلم من دروس الماضي.

لذا، أصبحت لدينا ما يمكن أن نطلق عليها سلطة للفساد بمؤسسات في الدولة، وبالتالي ارتبط اسم الكويت بكل ما حصل نتيجة تقاعس حكومة الكويت، وإذا كان لدى الرئيس صباح الخالد ما يفنّد هذا الرأي، فسأكون له اول المعتذرين والشاكرين على توضيح ما غاب عني علمياً وسياسياً بالنسبة إلى عدم ارتباط اسم الكويت بفضائح الفساد.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف