جريدة الجرائد

الجريمة وانحراف الخطاب

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ما حصل في فرنسا مؤخراً من قطع لرأس أستاذ التاريخ من قِبل شيشاني متطرف، إنّما يندرج ضمن الجريمة البشعة، التي لا يتحمل مسؤوليتها إلاّ القائم بها. ولكن مع الأسف ما نلاحظه أن هناك إصراراً على الربط بين الإسلام والإرهاب، فقط لأن المجرم حامل للديانة الإسلامية.
يبدو لي أن المأزق العالمي الإنساني بدأ مع رواج مفهوم الإرهاب الذي أصبح يعني الجريمة الدينية أو العنف باسم الدين، في حين أن أصل معنى الإرهاب لا صلة له بالديني تحديداً.
وهكذا نفهم المحاذير التي ظلت تحوم حول مفهوم الإرهاب الذي لا يخلو من توظيف سياسي ومن موقف من الإسلام بشكل خاص.
المشكل أن الالتباس المقصود تمت مواجهته من طرف معظم النخب بنوع من السلبية والاستسلام. والمشكل الأكبر أن النخب التنويرية العلمانية في المجتمعات العربية والإسلامية وقعت في الفخ المراد من الالتباس الموجه. ورغم أن هذه النخب تعرف أن النص شيء والتأويلات شيء آخر، وليس موضوعياً أن يتحمل النص وزر التأويلات المنحرفة والمريضة، فإن الكثير من المثقفين العرب يمارسون الربط نفسه، أو لنقل إنّهم يُبررونه ويقدمون حججاً تفيد الدعوة إلى &"الجهاد&" وغير ذلك، ويتغافلون عمّا يُسمى أسباب نزول الآية والظرف التاريخي الذي وردت فيه.
كما أن الاستمرار في هذه الرؤية وإشهارها في لحظات تأجج الرأي العام الدولي لا يزيد إلا الالتباس تعقيداً، وهذا أمر ليس في صالح أي طرف بقدر ما يمثل مصدر استمرارية لمثل هذه الجرائم التي تتخذ من الدين سبباً وذريعة للتغطية عن الأسباب الحقيقية التي قد تكون مرضاً نفسياً لدى القاتل أو أنه يعاني من تهميش اقتصادي أو تعرض لغسيل دماغ ويخدم مصالح الشبكات &"الجهادية&" التكفيرية، التي هي أصلاً تم بعثها وتمويلها وحمايتها دولياً كي تصنع الالتباس حول الإسلام، وتزيد في إضعاف المجتمعات الإسلامية.
كل العمليات التي سميت إرهاباً هي جرائم يعاقب عليها القانون، ولكن تخصيصها بقاموس خاص هو ما زاد في تنامي هذه الجرائم الدينية والالتباس؛ ذلك أن توصيف حادثة ما بكونها جريمة، ينزع عنها الآيديولوجي ومواضيع الصراعات المعروفة، في حين أن الإرهاب مفهوم يتطفل على عالم الجريمة ويجرفه نحو التوظيف والتوجيه وينتقل به من مجال الفرد إلى مجال المجموعة. فالحديث عن الجريمة يستلزم مجرماً، والحديث عن الإرهاب يستهدف مجموعة وطائفة وديناً والمنتمين لذلك الدين.
المزعج في هذه الالتباسات هو الزيغ عن حقيقة المشكلة الأصلية والانحراف بها إلى معانٍ ومقاصد تمثل بدورها نواة ظهور جرائم أخرى يثأر فيها ضحايا ممن شملهم الزيغ بالأحداث من معنى الجريمة إلى معانٍ أخرى.
لقد حصلت منذ أشهر مضت عمليات إبادة للمصلين في المساجد قام بها حامل للديانة اليهودية وانخرط الخطاب العالمي بلهجة لينة في حديث عن الإرهاب وفكرة أن الإرهاب لا دين له.
وفعلاً الإرهاب لا دين له ولا ثقافة له. هو سلوك إجرامي يجب أن يقاوم من منطلق كونه جريمة، وتتصدى له المجتمعات كما تفعل بالنسبة إلى جرائم الاغتصاب والقتل والخطف.
ربما نحن بحاجة إلى مدونة خطاب دولي تُولي أهمية لمفهوم الجريمة وتتحاشى تفاصيل ديانة مرتكب الجريمة، وقد تكون هذه الطريقة ناجعة من ناحيتين؛ الأولى فك الارتباط المُؤدلج بين الدين والجرائم، والناحية الثانية إعادة تشكيل تمثلات الآخر غير الإسلامي الذي بات عنده الربط بين الإسلام والإرهاب آلياً.
في مقابل هذا الالتباس ماذا فعلت نخبنا ومؤسساتنا من أجل تبديد هذا الالتباس وتخليص الأديان من هذا التوظيف المضر للعالم جميعاً قاتلاً وضحية؟
لم نفعل ما يجب. ولم نفعل حتى القليل من الكثير الذي يجب أن نقوم به. مجتمعاتنا تعاملت بإيجابية مع ظاهرة الإسلام السياسي، الذي زاد في الالتباس وزاد في استعمال الدين، وهي أحزاب جعلتنا نعود إلى الوراء في كل شيء.
من ناحية ثانية هناك انغلاق غير مبرر في مدارسنا وجامعاتنا، ولم نهتدِ بعد إلى الانتباه إلى البعد القيمي في الأديان ونشر القيم الدينية الإنسانية التي تسهم في تنشئة الناشئة وفق مضامين الأنسنة والخير واحترام الآخر والعقل.
مدارسنا لا تدرس الأديان، وهذا مظهر نقص فادح أسهم فيما سماه المفكر إدوار سعيد صدام الجهالات، إضافة إلى دور المعرفة الشعبية المتوارثة في تنمية سوء الفهم والإقصاء.
لقد آن الأوان كي تنفتح مدارسنا على الأديان وتدرسها من الزاوية التاريخية الموضوعية والتركيز على &"القيمي&"، الذي يتعاضد مع الحوار والتسامح والقبول. كما أن النخب التنويرية بدل المشاركة في الالتباس والخطاب المنحرف حول الإسلام، فإن دورها هو التمييز بين النص والتفسيرات وتنزيل النص الديني في سياقه وإطاره.
فما تعرض له أستاذ التاريخ الضحية هو جريمة، والإسلام الذي بوأ العلماء منزلة عالية بريء من هذه الجريمة وغيرها.
لنحاول التركيز على خطاب الجريمة من دون سواه، ونخلص كل هذه الجرائم من تفاصيل الهوية الدينية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الهروب الاسلامي من الحقيقة
ماجد المصري -

يتهرب المسلمون من الحقيقة الواضحة و بناء علي اقوال اله الاسلام ونبيه و تاكيد علماء الاسلام و مفسريه, مثال ::: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ.. و....{قَاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ..... مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ....علماؤكم اكدوا ان اية السيف تلغي ما قبلها ام أنك لا تعلمين ذلك ياسيدتي او تتغاضين عنه.القول بان تلك الايات ظرفية لا تتطابق مع قولكم ان القران و الاسلام ضالح لكل مكان وزمان...حامل الديانة اليهودية لم يقتل المصلين و صارخا "يهوه اكبر" ولم يؤازره ملايين من الناس و لم يستشهد بايات من التوراة مع العلم ان الوصايا العشر لموسي تقول "لا تقتل" ولم تقل اقتل غير المؤمنين بدين موسي...وجاءت العملية الارهابية بعد الوف من العمليات الارهابية الاسلامية في انحاء العالم كله...تقولين يا سيدتي "جريمة البشعة، التي لا يتحمل مسؤوليتها إلاّ القائم بها" وماذا عن المحرضين؟ 16 شخض تم التحفظ عليهم من ضمنهم امام احد المساجد الفرنسية... الشيخ ابن باز قال:::الإسلام لا يقر حرية العقيدة. الإسلام يأمر بالعقيدة الصالحة ويلزم بها ويفرضها على الناس، ولا يجعلها حرة يختار الإنسان ما شاء من الأديان، فالقول بأن الإسلام يجيز حرية العقيدة هذا غلط...إلا ادخله الله كلمة الإسلام، إما بعز عزيز، وإما بذل ذليل إما يعزهم الله فيجعلهم من أهله فيعزوا به، وإما يذلهم فيدينون له» [رواه البيهقي في السنن الكبرى (9/181)، والبخاري في الأجاديث المرفوعة من التاريخ (456)، والطبراني وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/449): ورجال الطبراني رجال الصحيح]. .... قال الشيخ السعدي: " {لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ} أي: ليعليه على سائر الأديان، بالحجة والبرهان، ويظهر أهله القائمين به بالسيف والسنان...اي ان الاسلام يفرض بالسيف...الاسلام مكشوف امام العالم كله الان و انكار ماجاء فيه او التحجج بان الاخرين لا يفهمون الاسلام الحقيقي وتتناسون ما فعله نبيكم ذاته في القبائل اليهودية و المسيحية العربية و قول لا يجتمع دينان في ارض العرب و غزواتكم التي تطلقون عليها اسم فتوحات و هي احتلال صريح..قبل ان يكون المسلمون في ازمة هو الاسلام ذاته في ازمة. الاسلام بكل مكوناته ك اله الاسلام وقرانه و نبي الاسلام و احاديثه و علماء الاسلام و تفاسيرهم و المسلمون انفسهم..

بالعقل
يونس -

أخطأت يا سيدتي بالقول > لا يتحمل مسؤوليتها إلاّ القائم بها > ما محل الداعية المحرض من الإعراب أو بالأحرى من الإجرام ؟ القاتل عمره 18 وقد غُرّر به فكريا، قد تم غسل دماغه وهو في جميع الأحوال قاتل مذنب إرهابي مجرم لكن المحرض هو شيخ العصابة الإرهابية الداعية للإجرام، فكيف يمكننا تبرئة الأخرين وتحميل المسئولية للقاتل وحده ؟

كلام لا يصح
فول على طول -

محاولات هروب بائسه وتبريرات للارهاب أكثر من بائسه . لا أعرف هل الكاتبه لا تعرف نصوص الارهاب أم تتخيل أن الناس لا يعرفون وهى تستغل جهلهم بالنصوص ؟ ولا أعرف لماذا نصوص الاسلام بالذات غير مفهومه حتى تاريخه أم هو هروب ومحاولات ترقيع فاشله؟ اذا كان النص يقول صراحة ودون أى مواربه " أقتلوا " هل لها تأويل أخر غير القتل ..والمصيبه أنه حدد لكم تقتلون من ؟ وأين ومتى ..وهى صالحه لكل زمان ومكان ..يا ابنتى العزيزه كفاكي هروب . وحكاية اليهوى الذى قتل مسلمين فى المسجد لم يسمع بها أحد غيرك ...وبالمناسبه هل هذا اليهودى لديه نصوص تقول اقتلوا المسلمين ؟ اذا كان هذا حال المثقفين فلا عتب على غير المثقفين وهم مليارات ؟.

تابع ما قبلة
فول على طول -

لا أعرف من أين يأتى الخطاب الذى تقصده الكاتبه ؟ هل يختلف عن النصوص . ومن الذى يقول الخطاب الدينى ...أليس هم العلماء الذى كرمهم كتابكم ؟ هل كلمة أن اليهود والنصارى مشركين ثم يقول اقتلوا المشركين تحتاج الى فهم وتفسير غير ما تحمله ..وهل لها تاويلات أخرى غير القتل ...يعنى زوجوهم مثلا أو امنحوهم الورد والشيكولاته ؟ ..وما معنى أن المرأه مثل الكلب والحمار والشاه وكلها مركوب ..هل هذا غير مفهوم ويحتاج لتفسير أو لها معنى غير الواضح فى النصوص ..يعنى لها تأويل أخر مثلا ؟ نقول تانى يا استاذه أم هذا يكفى ؟ ...هل تعتقدون أن أقرب الناس اليكم يصدقونكم الان ؟ اذا كنتم تعتقدون ذلك فهذه كارثة...

وأين البيان ..وأنزلناه بلسان عربى مبين ؟
فول على طول -

صدعتونا بالكتاب الذى لم يحرف وأكدتم أنه نزل بلغه عربيه فصيحه وهو كتاب مبين أى واضح وهذا تفسير كلمه " مبين .. ولسان عربى مبين " يعنى المفروض أن يكون واضح ويناسب الجميع لأنه دين الفطره كما تقولون ..أين اختفى البيان ؟ ولماذا يحتاج الى تأويل وتأويل التأويل ؟ وهل البيان يتفق مع التأويل ؟ ارسوا على بر ...واذا كان العرب لا يفهمون الكتاب ولا يفهمون الدين الصحيح ..من يفهم اذن ؟ ولماذا ربكم ينزل كتاب عصى على الفهم ويقبل التأويل ؟ كيف يحاسبكم على كتاب غير مفهوم ؟ أم أن الكتاب مفهوم وبلسان فصيح وانتم تهربون كالعاده ؟