فرص العرب لشراكات «ما بعد بريكست»
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
خرجت بريطانيا نهائياً من الاتحاد الأوروبي باتفاق تجاري يحدد العلاقة الصعبة في ملف الصيد، الأكثر جدلاً وأهمية بين الجانبين، وبالرغم من أجواء عدم الرضا الكلي عن الصفقة واعتبارها غير مثالية، إلا أنها البديل الأفضل والأكثر ضماناً، خلافاً لتلك النهاية المأساوية، التي كانت تلوح في الأفق إلى ما قبل ساعات من إعلان الاتفاق التاريخي.
الآن، تفكر بريطانيا في التعامل التجاري عبر اتفاقات جديدة تحكمها الظروف والمصالح الثنائية مع دول أوروبية، لكن الطموح البريطاني هو النزوع نحو التحرر من علاقات حقبة اقتصادية ماضية وطويلة، بحثاً عن شراكات استراتيجية جديدة وذات وزن.
حتى الآن، عقدت بريطانيا اتفاقين كبيرين مع اليابان وسنغافورة، لكن عين لندن لا تزال ترنو إلى الوعد الذي قطعه على نفسه الرئيس الأمريكي منتهي الولاية دونالد ترامب في عقد اتفاقية تجارية عظمى مع بريطانيا، تكون تعويضاً مستفيضاً لما تفقده من امتيازات السوق الأوروبي المشترك، ولا يبدو ترامب مهتماً بإنجاز وعده لا سيما أن المدّة الدستورية لبقائه في المنصب ضيقة جداً، كما لم يعلن الرئيس جو بايدن عن انطباعاته حول أفق الاتفاقيات المتوقعة مع الحليف البريطاني.
ما يلوح في الأفق عربياً، هو تفعيل العلاقات الاقتصادية البريطانية مع المغرب، في سعي واضح لشراكة اقتصادية تأسيساً على ماضٍ من علاقات متزنة وإيجابية، والمغرب أقرب الدول العربية جغرافياً إلى الجزر البريطانية.
الفرصة مواتية ومناسبة للدول العربية لعقد اتفاقات وشراكات استراتيجية تعويضية مع الجانبين الأوروبي والبريطاني على حد سواء، في نواحٍ كثيرة، لم تأخذ مداها من الشراكات الإنتاجية والاستثمارية في الماضي.
إنّ الأفق العربي ـ الأوروبي في العلاقات مليء باتفاقات وتفاهمات عسكرية خلال العقود الأخيرة، لا سيما بعد سخونة الأوضاع الإقليمية والدولية في الخليج، من دون أن يرقى إليها الجانب الاقتصادي باستثناء الصناعات النفطية.
لعل العرب بهم حاجة لكي يفيدوا من التوجه الفردي أو الجماعي عبر تنسيق اقتصادي له رؤية تفاهميّة موحدة، لعقد اتفاق استراتيجي مع بريطانيا بوصف السوق العربي من أكبر الأسواق العالمية، بحكم وجود أكثر من ثلاثمئة مليون مستهلك، غير أنّ المرحلة تتطلب أن يكون للعرب تفكير مغاير في تحقيق توازن ما بين الاستهلاك والإنتاج، من خلال التركيز على اتفاقات توطين التكنولوجيا في البلدان العربية، لدفع عجلة الصناعات التحويلية والمتوسطة والثقيلة، كونها الأساس الضامن للعرب لعصر ما بعد النفط.