جريدة الجرائد

لقاح الرئيس التونسي

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

في كل مرة يتحدث فيها الرئيس التونسي قيس سعيَّد يثير عاصفة من التساؤلات والتحليلات، ولعل أهم الأسئلة التي يطرحها البعض: ما الذي يريده الرئيس فعلاً؟ وهل هو رئيس جمهورية أم معارض؟

خطابات سعيد لم تخلُ يوماً من حديث المؤامرات التي تحاك ضد تونس من الداخل والخارج، دون أن يشير بشكل مباشر للأطراف التي يقصدها، ليترك الباب مشرعاً للتأويلات والتفسيرات، ليصبح الجميع متهماً بمحاولة زعزعة استقرار الجمهورية، ففي خطابه الأخير هاجم البرلمان والحكومة والمنظومة السياسية كاملة، واعتبر نفسه من كوكب آخر.

ورغم الغموض الذي يتركه الرئيس نتيجة عبارته المبنيّة للمجهول دائماً، إلا أن المتعمق في سيرة الرجل يرى أنه يسعى إلى ترسيخ فكرة معينة لطالما أعرب عنها صراحة، وهي الذهاب إلى تعديل الدستور والتحول إلى نظام رئاسي، بدلاً من النظام البرلماني الحالي، بحيث يكون رئيس الجمهورية صاحب الولاية العامة.

الرئيس التونسي يعمل على بناء حالة شعبية رافضة لشكل النظام السياسي القائم، وإظهاره بالعاجز عن مواكبة نتائج الثورة، إذ يدرك سعيَّد تماماً أنه لن يتمكن من الذهاب إلى تعديل دستوري دون إسناد شعبي كبير كون المنظومة السياسية الحالية ترى في النظام البرلماني الوسيلة الأفضل لها للحفاظ على مصالحها ونفوذها.

البعض يرى في الرئيس التونسي أنه قادم من خارج المنظومة السياسية، ويجنح لرصانة اللغة وقوتها ليخفي خلفها عجزاً عن إدارة البلاد، نظراً لخبرته السياسية المتواضعة، إلا أن سعيَّد يسير بخطى ثابته نحو خلخلة مداميك النظام البرلماني رويداً رويداً عبر مهاجمته الجميع دون تحديد أو تصريح، ليصل في مرحلة ما إلى الإعلان الصريح عن ماهية اللقاح الذي تحدث عنه في خطابه الأخير، والذي يريد عبره إعادة الوهج للثورة ولتونس عافيتها.

قيس سعيد رجل بلا حزب ولا حزام برلماني بالمفهوم السياسي المعروف، وسيبقى كالسفينة التي تبحر بلا أشرعة في أمواج السياسة التونسية العاتية، لذلك يبحث عن الشراع الذي يمكنه من تنفيذ المشروع الذي دفعه للترشح للرئاسة، وهذا الشراع ما هو سوى تعديل الدستور وإعادة صلاحيات الرئيس لسابق عهدها.

باختصار رغم كثرة اللغط الذي تثيره خطابات قيس سعيّد وضبابية الطرح إلا أن الرجل يسير وفق خطة مدروسة للانقلاب على النظام السياسي الذي أتى به رئيساً، ولا سبيل لذلك بلا بناء حالة شعبية مواتية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف