جريدة الجرائد

دروس من الإغلاق في إنجلترا «2 من 2»

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تضاءلت احتمالات نجاح الأساليب السابقة التي انتهجتها حكومة المملكة المتحدة في إعادة الفتح بشكل مستدام بسبب الافتقار إلى إحراز القدر الكافي من التقدم فيما يتصل بتدابير الاستجابة للجائحة مثل الاختبار، وتتبع المخالطين، والعزل الذاتي. وعلى هذا فإن معدلات الإصابة المنخفضة التي تحققت بتكلفة باهظة خلال أول عمليتي إغلاق لم يكن من الممكن الحفاظ عليها، وسرعان ما فرض هذا ضغوطا متجددة على المستشفيات والعاملين في مجال الرعاية الصحية.
زعم كثيرون أن القيادة غير الحاسمة أدت إلى تفاقم التقلبات التي اتسمت بها سياسة الحكومة. لكن التحولات تدين بكثير في واقع الأمر إلى فخاخ سلوكية كلاسيكية تكون غادرة خصوصا خلال أوقات عدم اليقين الشديد.
يتجسد جمود المداولة غالبا في المراحل الأولى من وضع شديد الميوعة، كما هي الحال مع الإغراء العظيم بعد ذلك للعودة السريعة ببساطة إلى مناطق الارتياح السابقة. ويزيد انحياز الإغفال والتفاؤل من شدة التحدي، خاصة إذا كان التأطير العام جزئيا كما كانت الحال مع رواية "الحياة مقابل سبل العيش" الضيقة الأفق التي هيمنت في البداية على قدر كبير من مناقشة الإغلاق على مستوى العالم.
ولعل تبجيل جونسون للحقوق الفردية أسهم أيضا في إعادة الفتح بسرعة مفرطة. كان العامل الأخير والحتمي إلى حد كبير متمثلا في قصر النظر السياسي. تسبب ذلك على نحو متكرر في إرباك سياسات الحكومات التي يجب أن تؤدي وظيفتها بمرور الوقت، بما في ذلك الإصلاحات البنيوية الأساسية التي كثيرا ما يسبق جني فوائدها الكبيرة في الأمد البعيد تحمل تكاليف التكيف في الأمد القريب.
الواقع أن الإغراء قوي المفهوم الذي يخضع له الساسة في سعيهم إلى تحقيق مكاسب مبكرة يفضي في الأغلب الأعم إلى إعلان إنجاز المهمة قبل الأوان. عندما أعلن الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في الأول من أيار (مايو) 2003، وسط ضجة إعلامية عظيمة على متن حاملة الطائرات الأمريكية أبراهام لينكولن بأن الولايات المتحدة أكملت عملياتها القتالية الرئيسة في العراق، كان القتال في حقيقة الأمر أبعد ما يكون عن نهايته.
إن اتخاذ قرارات جيدة على نحو مستمر أثناء الأزمات وفي ظل حالة من عدم اليقين الشديد أمر بالغ الصعوبة حقا. وبدلا من تبني نهج الانفجار العظيم الحاسم، يتطلب الأمر عددا من المراجعات وردود الفعل عند منتصف المسار في الاستجابة لتطورات سريعة على الأرض. ومن الثابت أن الرغبة القوية في تجنب ارتكاب أي أخطاء من الصعب للغاية أن تتحقق. من ناحية أخرى، يواجه أولئك الذين يعانون الأزمة عددا من التحديات، بما في ذلك إجهاد الحكم الحتمي.
تتبع استجابة المملكة المتحدة المتطورة لجائحة كوفيد - 19 نمطا ملحوظا في عديد من الأزمات السابقة في مختلف أنحاء العالم. وهذا يسلط الضوء على الحاجة إلى الحفاظ على عقلية متفتحة، والتفكير بشكل تحليلي فيما يتصل بميزانيات المخاطر، والتمييز بعناية بين الأخطاء القابلة للإصلاح وتلك غير القابلة للإصلاح، واتخاذ خطوات مبكرة نشطة للحد من الفخاخ السلوكية الشائعة. وكلما أولينا الانتباه إلى هذه القضايا لحظيا، تعاظمت فرص تحسين أساليبنا في إدارة الأزمات في المستقبل.
خاص بـ "الاقتصادية"
بروجيكت سنديكيت، 2021.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف