جريدة الجرائد

تونس.. ومطلب حل البرلمان

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

تَحَوّل البرلمان التونسي من مصدر للَّتشريع إلى ميدان للخصومات الحزبية، ولذلك طغت على المطالب السياسية الأخيرة فكرتان أساسيتان؛ الدعوة إلى حل البرلمان، والمطالبة بسحب الثقة من رئيسه راشد الغنوشي.

المسافة الزمنية الفاصلة بين اللحظة السياسة الراهنة، وانتخابات العام 2024، تزيد من إحساس التونسيين بالاستياء من أداء البرلمان الحالي.. برلمان تحول إلى مجال للنزال الهامشي، وهو تحول حَكَمَهُ عامل أساسي تمثل في هيمنة حركة النهضة وحلفائها، من ائتلاف الكرامة وقلب تونس، على البرلمان.

ما شهدته الأيام الأخيرة من فوضى وعنف لفظي وجسدي، ومنع بعض نواب البرلمان من الدخول إلى قاعة الجلسات، وُصولاً إلى قرار منع عبير موسي رئيسة الحزب الدستوري الحر من حضور ثلاث جلسات متتالية، فضلاً عن دعوة بعض نواب حركة النهضة إلى تأسيس شرطة برلمانية، هي قرائن على تحول برلمان تونس إلى عقبة في طريق الانتقال الديمقراطي، وعبء أمام كل الفاعلين السياسيين الوطنيين.

سببان أساسيَّان يقفان وراء مختلف هذه المظاهر، السبب الأول: هو أن راشد الغنوشي، رئيس البرلمان، لا يملك لا الرغبة ولا القدرة على تخفيف التوتر داخل قبة البرلمان، تبعاً لتغاضيه وصمته أو التواطؤ مع التجاوزات التي يرتكبها نواب ائتلاف الكرامة أو أعضاء كتلة حركة النهضة.

أما السبب الثاني، فهو أن البرلمان نفسه، بتركيبته الحالية وتوازناته الراهنة، لا يتوفر على القدرة على إنتاج حلول أو على الالتزام بأدواره المنوط بها.

وبين تحول الغنوشي إلى مشكل، وعجز المؤسسة التشريعية عن اجتباء الحلول لأزمات البلاد، تصبح المطالبة بحل البرلمان وبسحب الثقة من الغنوشي دعوة منطقية ووجيهة.

الصلات المنطقية بين أسباب انزياح البرلمان التونسي عن دوره، وبين الدعوة إلى حله والذهاب نحو انتخابات مبكرة، تجعل من فكرة حل البرلمان مدخلاً ضرورياً لإرساء حالة سياسيَّة نقيَّة من الشوائب التي أحدثتها سنوات هيمنة النهضة على مقاليد البلاد، وهي بذلك أبعد من مجرد عقوبة للحركة، كما تردد قياداتها التي تواظب على تأثيم فكرة حل البرلمان بتعلة دفاعهم عن الشرعية.

الحلّ في حل البرلمان، يردد التونسيون بمختلف شرائحهم، في الأيام الأخيرة، وهو إجراء مدرج في الدستور ولا تشوبه شائبة الانقلاب كما يزعم النهضويون، فضلاً عن كونه يقي التونسيين مما يمكن أن يحصل في الأشهر والسنوات المقبلة من نتائج لا تحمد عقباها باعتبار نسق الانحدار السريع الذي يطبع المشهد السياسي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف