جريدة الجرائد

تونس ومصر.. وغضب الإخوان

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أن يزور الرئيس التونسي قيس سعيّد القاهرة، بعد زيارته إلى ليبيا، فهذا من عاديات العمل الدبلوماسي للرئيس، ومن صميم دوره المستمد من الدستور، وأن يبحث مع نظيره المصري، عن مشتركات سياسية واقتصادية وأمنية، فهذا من مألوف الزيارات الخارجية للرؤساء، لكن هذه الثوابت السياسية لم ترقْ لإخوان تونس، كما لغيرهم من الجماعات الإخوانية العربية، الذين صبوا جام غضبهم على الضيف وعلى المستضيف.

لم تأبه كل قيادات النهضة في تونس لما يمكن أن تنتجه زيارة سعيّد إلى مصر من حصاد، بل سارعوا إلى قراءة الزيارة على أنها اعتراف بشرعية الحكم في مصر، والحدث على أنه محض &"أجندة إقليمية&"، باعتبار أن إخوان تونس استشعروا بأن سعيّد التحق بالحلف العربي المعارض لهم في المنطقة.

ما عزّز وضع سعيّد في مرمى نيران الإخوان، كلمته التي ألقاها في جامع الزيتونة بمناسبة حلول شهر رمضان، حين قال إن &"الله توجه إلى المسلمين والمؤمنين وليس إلى الإسلاميِّين، نحن مسلمون والحمد لله على نعمة الإسلام ولسنا إسلاميِّين&".

ما يفسر الهجوم الإخواني على سعيّد على خلفية زيارته إلى مصر، أن الجماعة وسّعت عداوتها التي تَكُنّها للرئيس عبدالفتاح السيسي نحو كل من يصافحه أو يلاقيه، وهنا تذوب مبادئ العمل السياسي والدبلوماسي لتحلّ محلها مؤشرات العداوة التي لا تنتهي، وهنا أيضاً يتحلل مفهوم الوطن ليُستعاضَ عنه بالانتماء إلى الجماعة، وهو ما يبرر الحنق الإخواني المعمم على شتى أرجاء العالم العربي والإسلامي على السيسي، وتالياً على سعيّد كونه زاره في القاهرة، وبحث معه قضايا ذات اهتمام مشترك.

زيارة سعيّد إلى القاهرة جاءت في سباق حساس إقليمياً ودولياً، في ظل تسارع الترتيبات السياسية والأمنية في ليبيا على خلفية اتفاق الفرقاء الليبيين، وفي ظل انشغال القاهرة بتطورات قضية سد النهضة، وكذلك في سياق تشديد مصر على قطع دابر الخلايا الإرهابية الكامنة في حدودها.

في هذا السياق برزت مشتركات كثيرة في مواقف الرئيسين، لكن المواقف الإخوانية تغاضت عن كل تلك الاهتمامات المبدئية المشتركة، واعتبرت أن الزيارة من ضروب الاعتراف بتحولات لم ترق لها.

غادر سعيّد تونس خصماً للنهضة وتوابعها، وعاد من القاهرة أكثر جذرية في مواجهة الإسلام السياسي، وازداد إدراكاً أن إخوان تونس لا يقرؤون الأحداث بلغة وطنية تلتقط مصلحة البلاد من كل تحرك دبلوماسي، بل لأنهم يُقيّمُونَ كل مستجد وفق مسطرة واحدة هي منفعة الجماعة الأم، وإن حاولوا التبرؤ من انتمائهم أو زايدوا بوطنية زائفة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف