فرنسا.. واليسار المفقود
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
فرنسا.. واليسار المفقوفي فرنسا حيث حكم اليسار لمدة عقود، يبدو البحث عن مكوِّنات هذا الطيف السياسي والحديث عن إمكانية تحقيق اختراقات سياسية جديدة أصبح اليوم من المستحيلات.
اليسار جسّد خلال مدة طويلة قيماً محورية في النموذج الديمقراطي الفرنسي، مثل: الدفاع عن العدالة الاجتماعية، وتطبيق حقوق الإنسان، ومصالح الطبقة العاملة، بالإضافة إلى المساواة أمام القانون.
لكن في بورصة الرهانات الانتخابية الفرنسية لا أحد يراهن على إمكانية فوز اليسار الفرنسي في الاستحقاقات المقبلة، ولهذه الرؤية المتشائمة بالنسبة لليسار الفرنسي أسباب موضوعية، من أهمها: تكاثر التيارات والأقليات السياسية داخل هذه العائلة، الأمر الذي يجعل من المنافسة الحادَّة بين مختلف أقطابها عاملاً يسهم في عملية وأد الطموحات الفردية عوض تشجيعها.
وخير دليل على ذلك، الانتخابات الأولية التي عقدها الحزب الاشتراكي، عندما قرر الرئيس فرانسوا هولاند عدم الترشح لولاية ثانية، فاتحاً المجال إلى ترشح الرئيس الحالي إيمانويل ماكرون.
وقتها نظَّم الحزب الاشتراكي انتخابات أولية فاز بها بونوا هامون، لكن في عزِّ الحملة للانتخابات الرئاسية تخلَّت عنه معظم القيادات الاشتراكية التي التحق بعضها بإيمانويل ماكرون.
اليسار الفرنسي حالياً مكون من الحزب الاشتراكي الذي حكم فرنسا لسنوات طويلة، ومن بقايا الحزب الشيوعي، ومن حزب فرنسا الأبية (اليسار المتطرف بزعامة جان أوك ملونشون)، ومن حركة الخضر المدافعة عن البيئة التي يقودها يانيك جادو.
إشكالية هذا اليسار تكمن لحد الساعة في استحالة إيجاد توافق بين مختلف هذه المكونات وراء رجل أو امرأة تجسد آماله في السباق الرئاسي، لدرجة أنه حتى قبل وصول موعد الانتخابات يصل هذا المرشح منهكاً بالانتقادات، غير قادر على إحداث إجماع حول اسمه يسمح له بالتأهل للأدوار النهائية لهذه الانتخابات.
وعلى غرار اليمين التقليدي، يعيش اليسار التقليدي في فرنسا وضعية تناقضات داخلية تحرمه من إمكانية إزعاج الثنائي إيمانول ماكرون ومارين لوبين (أيقونة اليمين المتطرف) التي يقول معظم استطلاعات الرأي أنهما سيتأهلان للدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية.
وتؤشر هذه الوضعية إلى نجاح مخطط الرئيس ماكرون، الذي عمل منذ وصوله إلى السلطة على نسف المنظومة السياسية والحزبية الفرنسية من الداخل، حيث لم تبق المنافسة الانتخابية بين اليمين واليسار، بل أصبحت بين اليمين الوسط الذي يجسده إيمانويل ماكرون، واليمين المتطرف الذي تحمل شعاراته مارين لوبين.