جريدة الجرائد

تونس.. معركة وطن ضد جماعة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

لا يوجد تضليل أخطر من إسقاط مقولة &"الانتقال الديمقراطي&" على حال تونس منذ عام 2011. التضليل أوهم التونسيين، كما غيرهم، بوجود حالة سياسية متطورة في تونس، لكن ما عرفته تونس في الأيام الأخيرة يقول عكس ذلك، وما شهدت في الأسابيع الأخيرة هو تعبير مكثف عن حال هجين قوامه امتطاء فاسدين وتكفيريين مطيّة الديمقراطية للوصول إلى السلطة. في قلب هذا المشهد تُخاضُ المعركة الراهنة بين الرئيس قيس سعيّد، وحركة النهضة.

على ذلك فإن معركة الصلاحيات بين الرئاسة، ومجلس النواب، هي مجرد تفصيل أو هامش، لأن المعركة الحقيقية تدور بين قوى تحاول تقليم أظافر الفساد، وبين قوى أخرى تتحالف مع الفساد وتقتات منه.

انطلقت الحرب التي تشنها حركة النهضة على الرئيس منذ ترددت أنباء عن عزم قيس سعيّد فتح ملفات فساد بالغة الخطورة، تتمثل في تمويلات أجنبية وصلت إلى قيادات سياسية ورجال أعمال ونواب في البرلمان، وفي ذلك تداخل بين السياسة والفساد ولوبيَّات الأعمال، ولعل تقرير محكمة المحاسبات أشار بدقة إلى وجود اختلالات شابت الحسابات المالية للمرشحين في الانتخابات الرئاسية والتشريعية لعام 2019.

يمكنُ تلمّس كل هذه الأبعاد الخطيرة في بيان حركة النهضة الأخير، الذي كان بيان قطيعة تخلت فيه النهضة عن مساحيقها السياسية في التعامل مع مواقف الرئيس، بحيث لا يمكن اعتباره محض تفاعل مع مواقف الرئيس، ولا يمكن رده إلى محاولة سعيّد رسم حدود مؤسسة الرئاسة وصلاحياتها، بل يعبر في عمقه عن توجس الحركة من المدى الذي يمكن أن يصله الرئيس في حربه على الفساد وعلى &"المكائد التي تحاكُ في الغرف المغلقة&".

في حربهم على الرئيس ركن النهضويون إلى ترديد لزوم الذود عن الديمقراطية، وأهملوا حقيقة أنهم صنعوا الأزمة وطفقوا يلعنون نتائجها، لأن الخراب الماثل في البلاد اليوم من صُنْعِ من يحكم تونس منذ 2011.

نُكبَ الشعب التونسي بتبعات التحالف الخطير بين السياسة والفساد، وأصبح الخروج من النفق أقرب إلى المعجزة، ومع ذلك تخوض النهضة حربها على سعيّد وكل الخصوم، مستدعية مظلوميتها القديمة، مضافة إليها لازمة الدفاع عن الديمقراطية، وفي ذلك خوف دفين من فتح ملفات الفساد والتهريب والتخابر مع الخارج.

تخوض النهضة معركتها ضد سعيد، مدركة أنه يمتلك أسلحة تخرجها من المشهد السياسي، ويكفي أن تُطرحَ قضايا الفساد والجهاز السري والتمويل الخارجي لكي تتبرَّم الحركة وتظهر ما يفيد انفعالها، والصلة بين تلك القضايا وبين انفعال الحركة الإخوانية، هي أن المريب يكاد أن يقول: خُذُوني.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف