جريدة الجرائد

الحياة فكرة في زمن سريع

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

قالها لي وهو يضمر ابتسامة ساخرة: الحياة لم تعد كالسابق، الدراسة والاجتهاد والإخلاص والتطوير الدائم للذات ليست كذلك، لم يعد الطريق الوحيد لتحقيق الأهداف، الحياة أصبحت كالسوق الكبير، زادت نسبة التجار وكثرت البضاعة والتنافسية على أشدها، واختلف مفهوم الجودة، لذلك وجد ألف مسار وأكثر من طريق للترويج للبضاعة وتسويقها وإقناع المستهلكين باقتنائها، وأفضل تلك الطرق هو اختراع فكرة جذابة.

الأفكار التي تبقى في وعينا ووجداننا هي الأفكار الكبرى التي غيرت تاريخ البشرية، وهي قد تتمثل في الاختراعات والاكتشافات، مثل اختراع وسائل المواصلات والاتصالات وتطويرها كالسيارة والطيارة والهواتف والأقمار الصناعية، واكتشاف الدورة الدموية والشفرة الوراثية، أو أفكار فلسفية مثل: نظرية النشوء والارتقاء، نظرية رأس المال وغيرها، ولكن هناك أفكاراً كثيرة نجحت نجاحاً كبيراً لم تغير مسار البشرية، بل إن بعضها بسيط وبعض الآخر يصل إلى حد تكرار أفكار سابقة.

لنتأمل أفكار العديد من المشروعات الصغيرة أو المشاريع التجارية المنزلية، هي في الغالب عبارة عن إعادة تدوير لإجراءات معينة في إنتاج سلعة اعتيادية ولكن بطريقة جديدة، بدأت أغلبها بالـ(كاب كيك) وهو بيع قطع الكيك في قوالب صغيرة جذابة تصلح للتجمعات الأسرية والأصدقاء، ثم تحويل ورق العنب إلى سلطة وتجميل شكلها، أو وجبات الطعام المصنوعة بطريقة صحية أو طريقة تناسب أنواع الريجيم، وتشكيلات هدايا المناسبات بمكوناتها المختلفة: الحلويات والعطور.. هي أفكار بسيطة قليلة الكلفة وتتفاوت في الربح.

وستجد في الشبكة العنكبوتية قصصاً كثيرة لأفكار غريبة حققت أرباحاً بالملايين، أحدهم صمم موقعاً إلكترونياً من صفحة واحدة مقسمة لمليون مربع، وأعلن على هذا الموقع أنه طالب جامعي ويحتاج أن يغطي أقساط الدراسة، لذلك خصص المليون مربع للإعلانات، وكلفة كل إعلان دولار واحد فقط، وفي غضون عدة أشهر تمكن من جمع أكثر من مليونَي دولار.

أحدهم صمم الوجه الأصفر المبتسم لإحدى الشركات، ثم جاء آخر واستثمر الوجه الأصفر في قطع الملابس والقبعات وباع منها ملايين القطع، وجاء ثالث انتبه إلى أن الوجه الأصفر تجارة رابحة لا حقوق ملكية فكرية لها، فتمكن من توثيق ملكيتها الفكرية وأنتج منها العديد من المنتجات، وباع رمز الوجه لكل من يريد استخدامه بشروط، ومنها إصدار كتاب يتضمن يوميات هامشية، أو محاور غريبة لكنها تعتمد على طرافة السرد، والفئة العمرية المستهدفة.

أغلب الأفكار التي تنجح في هذا الزمن هي الأفكار الجذابة والاستهلاكية، إنها معايير النجاح في زمن سريع له شروطه التي قد لا يؤمن بها الكثيرون.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف