ما يفتقده لبنان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
اُتيحت لجيلنا من كبار السن فرص اكتساب العلم في جامعات مرموقة خارج #لبنان بعد التخرج من الجامعة الاميركية والجامعة اليسوعية، وايضًا بالنسبة الى الاناث بعد التخرج من كلية بيروت للاناث التي تطورت الى مصاف الجامعات المعروفة خلال السنوات المنقضية منذ عام 1982 وحتى تاريخه.
لقد شاهدنا وادركنا اهمية تطوير المؤسسات الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، ومن ثم توجهات الاتفاقات بين الدول المتقدمة على توسيع فرص التجارة والعمل في ما بينها، وتمثّل اول دفع في هذا الاتجاه باتفاق روما عام 1956 لانشاء السوق الاوروبية المشتركة التي اصبحت اليوم بمثابة سوق متكاملة بين اكثر من 20 دولة اوروبية بينها عدد ملحوظ من كتلة البلدان الاشتراكية حتى تفكك الاتحاد السوفياتي في العام 1989.
أوائل الستينات بدأت تظهر مفاعيل الشرائح الالكترونية الصغيرة وتأثيراتها، والتي أفسحت في المجال أمام تطوير المعدات الالكترونية ذات القدرات المتنوعة، ليس فقط لاحتساب الارقام ورسم الخرائط، بل ان هذه الشرائح في المعدات الالكترونية الحديثة فتحت آفاق المعارف والانجازات على صعيد دولي. ومن اوائل مَن تحسَّس امكانات الشرائح الالكترونية المهندس الناجح رمزي صنبر الذي كان يقول لأصدقائه قبل سنوات من وفاته المبكرة: “الشرائح الالكترونية ستسهم في تطوير الاقتصاد الدولي”، وهذا ما نعيشه اليوم. فالاميركي جيف بيزوس رئيس ومؤسس شركة “امازون” نقل نشاطه وتخلى عن رئاسة شركته ليتوجه الى الفضاء مع شقيقه في رحلة بمركبة فضائية قرر انتاجها، معلناً استعداده لاستقبال ايّ من الراغبين في هذا الاختبار، حتى صارعدد المتنافسين يفوق الألف، وهو يطمح الى ان يكرس زيارات الفضاء على انها بمثابة خدمة، ويرغب فيها اصحاب الثروات في الوقت عينه.
اين نحن من كل ذلك؟
عام 1994 زار لبنان رئيس وزراء ماليزيا مهاتير محمد الذي كانت بلاده تحقق معدلات نمو مذهلة، واتيحت لي بالمشاركة مع فريدي باز محاورته تلفزيونيًا، فشرح اسباب نجاح بلاده وقيادته في تحقيق معدلات نمو متسارعة اعتمدت على تسهيل المعاملات، وتوسيع استخدامات العقول الالكترونية، وتأمين تعويضات لكبار الموظفين تمنعهم من تلقّي الرشى.
سألناه وهو كان قد زار لبنان بناء على دعوة من الرئيس رفيق الحريري: هل ترى ان الرئيس الحريري سيتمكن من تحقيق ما حققته أنت في ماليزيا؟
أجاب: بالتأكيد كلا، ليس هنالك من سبب يتعلق بذكاء الحريري واندفاعه، فأنتم في لبنان نظامكم قبلي يستند الى الطائفية، والسياسيون يلتزمون مصالح المواطنين من طوائفهم، ومنهج كهذا لا يؤدي الى تحقيق المرجو لبلد كلبنان عانى من الاقتتال الداخلي مدة 15 سنة.
الافق العربي ملبّد ولا تبدو فيه ملامح التطور في عصر الالكترون سوى في الخليج العربي حيث هنالك قادة يقدمون على تنفيذ الاجراءات التي تسهل انجاز المعاملات لتأسيس الشركات، والمحافظة على النظافة، وتخفيف تلوث الجو، واضافة الى ذلك تنعم هذه البلدان بسيادة القانون، وسير العدالة بسرعة مع التأكد من الاجراءات.
لقد بدأ إقرار هذه السياسات الشيخ محمد بن راشد الذي ورث عن ابيه القناعة بان تسهيل شؤون المواطنين يمهد للنمو، وكان والده قد ارسى اسس تطوير منطقة حرة لحركة النقل البحري وتأسيس المؤسسات الاقليمية، أكان اصحابها من اهل دبي ام من اقاصي المعمورة، ان كانت ثمة فائدة من وجودهم.
خلال عشرين سنة جعل محمد بن راشد دبي واحة للسياحة ومركزًا اقليميًا للأعمال، وقبل ثلاث سنوات كان مطار دبي الاول عالميًا في استقبال الركاب، سواء القادمين الى دبي او العابرين الى مناطق اخرى. وطوّر الشيخ محمد علاقات دبي الدولية مع دول شرق افريقيا ومع بريطانيا والهند والصين.
قبل فترة اطلق الشيخ محمد خطة لعشرين سنة يأمل ان تسهم في زيادة أعداد اهل البلد والمقيمين من 2.6 مليوني شخص الى 4.3 ملايين، وستستقبل دبي زوار المعرض الدولي الذي يقام قريبًا.
ان التوجه لدى الشيخ محمد بن راشد يتلاقى مع الشيخ محمد بن زايد، الذي هو ايضًا شجع على تسهيل الاجراءات وعلى اعتماد احدث وسائل التكنولوجيا، وجهز ابو ظبي بمتحف يضاهي ما يشهده السائح في فرنسا وبالتعاون مع ادارة متحف اللوفر في باريس، وشجع دولته على الاستثمار في علوم الفضاء، وشارك احد المواطنين في رحلة فضائية ناجحة انجِزت منذ وقت قريب، كما توجهت بلاده الى تطوير قطاع المصارف واستقطبت عددًا ملحوظًا من البنوك الدولية، واصبح بنك ابو ظبي الوطني اكبر بنك في العالم العربي بأصول تتجاوز 300 مليار دولار.
ليس هنالك من شك في ان الامارات العربية بمبادرات من ولي العهد، ورئيس الوزراء، تسير على طريق الحداثة وتشجيع الخدمات الطبية واستقطاب الكفاءات. وتكفي الاشارة الى ان عشرات الاطباء اللبنانيين من المميزين بالخبرات والكفاءات يعملون هناك، بسبب قحط الامكانات في لبنان حيث اصبحت الخدمات مهددة، وهذا العدد الى تزايد.
كل ما يحصل في المنطقة العربية لا يقارب خطوات التطوير في دولة الامارات والمملكة العربية السعودية. ويكفي ان نشير الى ان الرئيس حافظ الاسد الذي حكم وتحكّم بشؤون سوريا 30 سنة (1970-2000) ركز اهتمامه التطويري على تأمين زراعة مليون شجرة زيتون لقناعته بفوائد ثمارها وزيتها.
وفي شمال غرب السعودية حيث يسود الخضار والطقس المناسب، هنالك 18 مليون شجرة زيتون، وتصدر المملكة 12 الف طن من الزيت اضافة الى كميات من التين المجفف … هكذا هي دول الخليج، فأين اصبحت دول الممانعة؟!