جريدة الجرائد

ثقافة موت وحزن منذ آلاف السنين

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

أيام البكاء على الأطلال والوقوف على الخراب لتذكر الأحبة الراحلين، ومفردة الموت ترد على ألسنتنا وأقلامنا كل لحظة، فأنا مت من الضحك، ومت من الفرح، وأحبك موت، وأموت فيك، ويقول المصريون أموت وأعرف ما جرى!

لا أدري كيف يموت أولاً ثم يعرف ما جرى بعد موته؟ والمفترض أن يقول: أعرف ما جرى وأموت!

نعبر عن حبنا الجارف بالموت، فيقول أهل الشام: تقبرني أو تقبريني، ويقول المصريون: ربنا يجعل يومي قبل يومك أي يوم موتي قبل يوم موتك، ونقول: فديتك يا بعد عمري، وأفديك بعمري!

وكان الشعراء منذ الجاهلية يقفون على أطلال الأحبة كقول امرئ القيس:

ــ قفا نبكِ من ذكرى حبيب ومنزل

ويقول زهير بن أبي سلمى:

وَقَفْتُ بِهَا مِنْ بَعْدِ عِشْرِينَ حِجَّةً

فَـلأيَاً عَرَفْتُ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّـمِ

حتى وصلنا إلى أمير الشعراء أحمد شوقي، وهو يقول:

قِف بِتِلكَ القُصورِ في اليَمِّ غَرقى

مُمسِكاً بَعضُها مِنَ الذُعرِ بَعضا

ونظر الشاعر العباسي الأشهر الحسن بن هانئ أبي نواس، فقال متهكماً:

قُل لِمَن يَبكي عَلى رَسمٍ دَرَس

واقِفاً ما ضَرَّ لَو كانَ جَلَس

وأشهر قصص الحب هي التي تنتهي بالموت أو الفراق، لا تلك التي تنتهي بالفرح والزواج، وهناك علاقة وثيقة عندنا بين الحب واللوعة والعذاب والدموع والليل، حتى إن الشاعر امرئ القيس، يقول:

وليل كموج البحر أرخى سدوله

عليّ بأنواع الهموم ليبتلي

فنحن نحبُّ ليلاً، ونتوقف عن الحب نهاراً، ربما لأن حبَّنا غير سويّ، أو لأن النهار لا يساعدنا على اللوعة والحزن، وستظل ثقافتنا على ما يبدو ثقافة حزن، ولا يعلو فيها صوت على صوت الموت!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف