هل هذا ما تريده لطفلك؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
طوال سنوات، وعقود من الزمن، تم تعزيز ثقافة مفادها أن الخجل فعل إيجابي وجميل، وأنه ينمّ عن حسن التربية وصلاح الابن. والحقيقة أن الخجل يعتبر عند البعض من علماء التربية وعلم النفس عارضاً مرضياً يعيق التقدم والتعلم لدى الطفل، لذا وضعت حوله الكثير من الدراسات التي تحاول فهم جوانبه وعلاجه.
البعض من الأمهات والآباء يعززون هذا السلوك، ويشجعون عليه أطفالهم، بل يحثونهم على الخجل. وهنا يحدث الخطأ الجسيم. عندما يقوم الطفل بسلوك عادي، مثل أن يطلب الطعام عندما يكون في مناسبة اجتماعية، تزجره الأم أو الأب، ويقولان له &"ألا تخجل، ما تستحي عيب&"، أو أن يتكلم الطفل بشكل عفوي في موضوع ما، فيسمع أمه أو أباه يسكتانه ويقولان له &"اخجل على نفسك، هذا الكلام عيب&". وهكذا يتم الزج بالخجل وكأنه مرشد أو موجّه للسلوك، بل كأنه الضابط للسلوك، فيتعود الطفل على التقيد وعدم التحدث خوفاً من تجاوز الخجل، لذا يلزم الصمت أو يتردد في الكلام والتعبير عما يراه وعما يعرفه ويعلمه. وتكبر معه هذه المعضلة، والسياج العام هو الخجل، حتى يصل إلى مرحلة من العمر يتم وصفه فيها بالخجول.
المشكلة الحقيقية تكمن على مقاعد الدراسة، حيث يصعب على هذا الطفل الاندماج، ويتردد مليون مرة قبل أن يشارك معلمه في حل درس أو إعطاء حل لمسألة ما، وهنا يفوت على نفسه الحضور المهم، الذي من خلاله يتم تقييمه ومدى فهمه ومشاركته، ومع أنه يعرف الحلول لكن خجله يمنعه من الاندفاع، فهو ليس جريئاً ولا هو مندفع بعفوية.
بسبب إقحام الخجل بشكل عام في التربية وفي تعاملنا مع الأطفال، ودون الاستناد على العلم والمعرفة وما يراه العلماء المتخصصون، أخشى التسبب بضرر نفسي لأطفالنا. الدكتور راي كروزير الذي أمضى جزءاً من عمره في دراسة الخجل، نشر كتاباً حمل عنوان &"الخجل&"، وترجم إلى اللغة العربية على يد الدكتور معتز سيد عبدالله، ونشرته &"عالم المعرفة&". جاء في هذا الكتاب قوله: &"إن الشخص الخجول عادة ما يسلك مسلكاً دفاعياً، إذ ينأى بذاته عن مواقف التفاعل الاجتماعي والتواصل مع الآخرين، ويكره أن يعبر عن آرائه وأن يبدي اختلافه مع آراء الآخرين، ويحرص دائماً على أن يكون في خلفية الصورة بعيداً عن الآخرين&".
هل هذا ما نريده لأطفالنا: السطحية والابتعاد عن الفاعلية والمشاركة والنشاط؟