عقلية «تاجر البندقية» في إنتاج لقاحات كورونا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مثلما يستفيد تجار وصناع الأسلحة من اندلاع الحروب، كذلك يستفيد تجار وصناع الأدوية من انتشار الأوبئة والأمراض، حيث يعتزم تحالف (فايزر &- بايونتيك) طلب ترخيص لجرعة ثالثة من لقاحه المضاد لفيروس كورونا لتعزيز فعاليته، بينما يؤدي المتحور (دلتا) الذي اكتشف أول مرة في الهند إلى تفاقم الوباء في آسيا وإفريقيا وسبب ارتفاعًا في عدد الإصابات في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.. وتخطت وفيات المصابين بفيروس كورونا 4 ملايين نسمة في العالم حتى الآن.
إذن الجائحة مستمرة رغم الارتخاء النسبي في الإجراءات الاحترازية في عديد من الدول الأوروبية وأمريكا وبريطانيا، وبالتالي فإن مصانع وشركات إنتاج اللقاحات المضادة سوف تستمر في عملية الإنتاج والاستثمار في كل دول العالم، ومثلما كانت هناك سيارات أمريكية مثل (شيفورلية وجي.ام.سي وجرارات زراعية وثلاجات ومكيفات وأفران بوتغاز أمريكية) تُصنع في الصين وماليزيا وتايلاند وكوريا وفيتنام والهند واندونيسيا، كذلك ستكون هناك مصانع دواء ولقاحات مثل (فايزر &- بايونتيك) الأمريكي &- الألماني، تفتح لها فروع ومصانع لقاحات في دول آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، بكلفة تشغيلية أرخص في الأيدي العاملة، تمامًا مثلما يحدث مع إنتاج سيارة أمريكية في الصين!
لكن ليست هذه هي المشكلة، فإنتاج اللقاحات وتصنيعها في مختلف دول العالم سوف يعمم الاستفادة منها مستقبلاً لمواجهة فيروس كورونا المتحور، لكن المشكلة الحقيقية التي تواجه العالم هي (الخصومة السياسية) في الاعتراف بعلمية وصحة اللقاحات المنتجة بين الشرق والغرب.. ذلك أن أمريكا وأوروبا لا يعترفون باللقاحات الصينية مثل (سينوفارم)، ولا اللقاحات الروسية مثل (سبوتنيك)، وكذلك تعتزم الصين وروسيا المعاملة بالمثل مع اللقاحات الأمريكية والأوروبية والبريطانية، وبالتالي لن يدخل ديار أوروبا وأمريكا سوى الملقحين بأدويتهم! وكذلك سوف تفعل روسيا والصين الأمر نفسه، معاملة بالمثل مع الموقف الأمريكي &- الأوروبي.
هذه هي المشكلة الحقيقية التي سوف تواجه العالم مستقبلاً.. ولا بد من إيجاد تفاهم بين الدول الكبرى المنتجة للقاحات، وهم قد يتوصلون إلى تفاهمات بينهم في نهاية المطاف، لكن ليس الآن.. لماذا؟ لأن الجشع التجاري والمالي يعمي بصيرة (تاجر الخردة) فكيف الحال بتجارة اللقاحات ضد كوفيد-19 (كورونا) التي تُجنى من ورائها مليارات الدولارات من خزائن حكومات العالم وشعوبها لصالح كارتلات اللقاحات؟!
لذا، فإن المنافسة بين الدول الكبرى في إنتاج اللقاحات المضادة لفيروس كورونا ستكون في (البداية) احتكارية وقاسية فيما بينهم، وكلما ازداد انتشار المتحور (دلتا &- بلاس) في العالم، زاد جشع منتجي اللقاحات أكبر وأشد ضراوة في الصراع، وخصوصًا أن المؤشرات الأولية لا تبشر بالخير في انتشار هذا المتحور، حيث أعلنت تايلاند فرض قيود جديدة بما فيها حظر التجول الليلي في العاصمة بانكوك و9 مقاطعات. وفي فيتنام فرضت السلطات إغلاقًا في مدينة (هو تشي مين) البالغ عدد سكانها 9 ملايين نسمة، وفي إندونيسيا يوشك النظام الصحي على بلوغ أقصى قدراته الاستيعابية وتشديد قيود صارمة في جزيرتي (جاوة وبالي).. كما أعلنت الحكومة الكورية الجنوبية فرض أشد قيود تشهدها العاصمة (سيئول) منذ بداية الوباء، وكذلك الحال في أستراليا وفيجي.. أما إفريقيا فقد شهدت مؤخرًا الأسبوع الأكثر كارثية على صعيد الجائحة، والموجة الثالثة تجتاح معظم الدول الإفريقية، بما فيها تونس. وفي فرنسا حذرت وزارة الصحة بأن المتحور دلتا في طريقه ليصبح الأكثر تفشيا في البلاد.
طبعًا هذه الأخبار مزعجة ومقلقة جدًا للبشر في كل بلاد العالم، ولكنها تثير شهية وجشع شركات مصانع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا في مختلف دول العالم.. وبعقلية (تاجر البندقية)، فمن مصلحة هؤلاء أن يستمر الوباء في الانتشار عالميًا بدون توقف.