ترميم العلاقات مع العراق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يفترض أن تكون العلاقات الكويتية - العراقية منذ 2003 حتى اليوم دخلت مرحلة التطوير والتوطيد، خصوصاً على المستوى الشعبي والرأي العام العراقي ككل، ولكن واقع الحال يقول العكس، فالعلاقات ما زالت تفتقر الى الترميم في شتى الاتجاهات والميادين.
ايقنت مجدداً أن ثمة تقصيرا وقصورا وضيق الأفق في مسلك العمل الدبلوماسي والإعلامي الإستراتيجي الكويتي الرسمي تجاه الجار العراقي الشقيق منذ سقوط نظام الطاغية صدام حسين وحتى عام 2021.
فقد قاد الحوار التلفزيوني الذي شاركت فيه ضمن برنامج #القرار_لكم في قناة دجلة الفضائية مؤخراً إلى تلمس عن كثب الفجوة الكبيرة التي تملأ الشارع والإعلام العراقي ككل، حول الموقف الكويتي قبل وبعد سقوط صدام حسين.
ثمة قصور آخر أشد إيلاماً يقع على كاهل الدبلوماسية الكويتية في غياب رصد دقيق لحجم الفجوات العميقة والجروح الغائرة والمواقف والآراء المُضللة نتيجة عمل منظم لماكينة إعلامية صدامية منذ زمن، واستمرار التغذية العشوائية لمجاميع عراقية لمزاعم وافتراءات بحق #الكويت.
ثبت ما توقعته قبل 2003 أي قبل سقوط صدام وبعده من تحديات شتى وقصر نظر رسمي كويتي في تلقف الفرص في ترميم العلاقات مع الشعب العراقي ككل وليس بعض النخب الفكرية والسياسية من المعارضة تحديداً وبشكل انتقائي كويتي ايضا.
كان ينبغي أن يجري التركيز على التخطيط والتعاون الكويتي الرسمي مباشرة مع المؤسسات المدنية والإعلامية العراقية ومختلف شرائح المجتمع العراقي وفئاته العمرية ثقافياً ودبلوماسياً وإعلامياً، بغية محاكاة العقول والضمائر العراقية وبناء جسور دائمة ومتينة وليس عشوائية ومؤقتة.
لم يكن مستغرباً أن يعود بنا الحوار بهذا الزمن إلى ملفات يفترض أن يكون أسدل الستار عليها بالحجة العلمية والقانونية كملف الحدود البرية والبحرية ودور المساعدات والمنح الكويتية في رفع معاناة الشعب العراقي.
فقد غاب عن الوعي العراقي عموما ما قدمته الكويت في مؤتمر المانحين لإعادة اعمار العراق الذي استضافته الكويت في 2018، وغابت المهنية ودينامكية الخطاب عما يسمى بنشرة &"الصندوق&" للصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية ومطبوعاته في الإعلام العراقي والكويتي ايضا!
فقد بدا لي واضحاً حتى اليقين غياب العمل الاستراتيجي لدى الصندوق الكويتي اعلامياً، وكذلك لدى وزارة الإعلام الواهمة بوجود إعلام خارجي بمباركة وزارة الخارجية، فكل الاطراف تعمل بشكل غير تكاملي ومتناغم، بل يعتمدون على سياسة ردود الفعل التقليدية المنشأ! لم تتعلم الدبلوماسية الكويتية وحكومات كيف يتم توظيف ما لدى مركز البحوث والدراسات الكويتية إعلامياً وسياسياً من أرشيف ضخم ومن عدة مصادر وبلغات مختلفة والاستفادة من ذوي الخبرة وما قدمته شخصياً خلال رئاستي للمركز الإعلامي الكويتي في لندن 2000 - 2007!
بجرة قلم متهورة تم اغلاق كل المراكز الاعلامية الكويتية في الخارج في 2007، من دون وعي مسبق للتبعات ودراسة لما بعد هذه المرحلة وتحديد البدائل في التواصل من دون انتقائية مع الشعب العراقي وعدم هدر الجهود المهنية والانجازات المثمرة إعلامياً.
حصرت حكومات متعاقبة ودبلوماسية انتقائية كويتية الاتصال والتواصل مع مجاميع عراقية ودعمها مادياً ومعنوياً، من دون الالتفات لواقع حال الشعب العراقي الذي يئن منذ سنوات من ويلات الفوضى السياسية والانقسام الطائفي والتوغل الإيراني في مفاصل الدولة العراقية.
ينبغي على الدبلوماسية الكويتية الخروج من العمل التقليدي والعشوائي في التخطيط والتدبير والقرار، وإعادة النظر في السياسات المتبعة، بل المهترئة تجاه العراق تحديداً.. فاستقرار وأمن العراق لهما ارتباط وانعكاس مباشر على الكويت، وأي تهاون بهذه المعادلة، هو تهاون باستقرار الكويت.
فحتى الالعاب النارية، وليس القنابل والانفجارات في جنوب العراق، سيكون لها صدى مسموع ومؤثر في الكويت على المستويين السياسي والأمني، وهو ما يستوجب تدارك المخاطر والتهديدات المباشرة وغير المباشرة، لا سيما في ضوء تغول وتوغل إيراني في العراق.
أؤكد مجددا على ما عبرت عنه من رأي في الحوار التلفزيوني حول المساعدات الكويتية للعراق ابان حربها ضد إيران بأنها ذهبت لنظام الطاغية صدام وليس من الحصافة التوهم بأنها ذهبت للشعب العراقي.
وقد برهنت نفس الظروف والواقع في بعض البلدان العربية في وقت الغزو العراقي للكويت، حيث كانت تعصف بشدة الحوارات والمناقشات الشعبية الكويتية مع النخب السياسية والفكرية بأن مساعدات الكويت التنموية صبت في مصلحة انظمة فاسدة ولم تستفد منه الشعوب المعنية.
في المقابل، شاع القبول والتضامن الشعبي العربي مع صدام حسين جراء تحمله نفقات فقط طباعة كراسات والكتب المدرسية، بينما غاب عن الادراك والوعي العام حجم الأموال الكويتية التنموية السخية بسبب غياب استراتيجية وتحرك اعلامي مواز لدبلوماسية المساعدات الحيوية.
أصبح متداولا في الاوساط الكويتية طرفة مفادها.. أننا بحاجة لصدام صغير حتى تعي الكويت الدرس جيدا وتتعلم الدروس التي كما يبدو قفزت عليها نشوة التحرير وإعادة بناء الكويت من جديد وأفول نظام طاغية العراق.
في التاريخ ليس هناك درس واحد وإنما دروس، فكم يا ترى عدد الدروس التي طوقت رقبة الدبلوماسية الكويتية ولم تختنق بعد!
اننا بحاجة لتواجد إعلامي كويتي في العراق وتحرك مكثف في شتى ساحات العمل وصولاً لبناء قنوات تفاهم وفهم مشتركة، واستبدال العمل العشوائي أو عن بعد وعدم الاستهانة بحجم خطاب الكراهية ضد الكويت وسوء الفهم في بعض الاوساط العراقية.
اتمنى أن يقرأ الأخ وزير الخارجية الشيخ احمد الناصر بعين فاحصة ما ورد في المقال وأن يستفيد من المضمون، من دون الإبصار لاسمي ككاتب المقال، الذي ربما قد يسبب له ضبابية في الاستيعاب لموقف مسبق من مقالاتي عن الحكومة.
***
ورد سهوا خطأ غير مقصود في الفقرة الاولى من مقالي &"بعد فوات الأوان&" في تاريخ الانتخابات الاخيرة، والصحيح &"انتخابات 5 ديسمبر 2020&" وليس 2021.