قمة الرياض.. بداية قوية للعقد الخامس من مسيرة المجلس
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
شكلت القمة الثانية والأربعون لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، التي استضافتها العاصمة السعودية الرياض الثلاثاء الماضي نقلة نوعية في مسار التكامل الخليجي، حيث أكدت على أهمية التنفيذ الدقيق والكامل والمستمر لرؤية قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، واستكمال مقومات الوحدة الاقتصادية والمنظومة الدفاعية والأمنية المشتركة وتنسيق المواقف، بما يعزز التضامن واستقرار دول المجلس ويحافظ على مصالحها ويجنبها الصراعات الإقليمية والدولية، ويلبي تطلعات مواطنيها وطموحاتهم، ويعزز دورها الإقليمي والدولي من خلال توحيد وتطوير المواقف والشراكات السياسية على المستويات كافة.
لقد اتخذت قمة الرياض، والتي ترأس فيها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي &"رعاه الله&" اتخذت مواقف واضحة إزاء التهديدات والتحديات والهواجس الأمنية التي تواجه دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأكدت العلاقة الوثيقة بين الأمن والتنمية.
وفي رسالة واضحة عن التضامن الأمني الخليجي، أكد البيان الختامي الصادر عن القمة أن أمن الخليج كل لا يتجزأ.. والحفاظ على أمن واستقرار دول المجلس يُسهم في حفظ الأمن الإقليمي. وقد خرج البيان بمجموعة من القرارات والتوصيات التي تعزز التعاون الأمني بين الدول الأعضاء، حيث ركز البيان على ما تضمنته اتفاقية الدفاع المشترك بأن الدول الأعضاء تعتبر أن أي اعتداء على أي منها هو اعتداء عليها كلها، وأي خطر يتهدد إحداها إنما يتهددها جميعاً، مع التزام الدول الأعضاء بالعمل الجماعي لمواجهة التحديات والتهديات كافة. كما صادق المجلس الأعلى على قرار مجلس الدفاع المشترك وأكد على دعم جهود التكامل العسكري المشترك لتحقيق الأمن الجماعي لدول المجلس، وأخذ علماً بتحضيرات التمرين التعبوي &"أمن الخليج العربي/3&"، مؤكداً على ما يمثله التمرين من أهمية في تعزيز التعاون العسكري والأمني بين الدول الأعضاء والتكامل بين الأجهزة الأمنية كافة لترسيخ دعائم الأمن والاستقرار لدول المجلس.
كما أكد البيان الختامي على أهمية تضافر الجهود لتنسيق وتكامل السياسات الخارجية للدول الأعضاء، وصولاً لبلورة سياسة خارجية موحدة وفاعلة تخدم تطلعات وطموحات دول الخليج وتحفظ مصالحها ومكتسباتها، وتجنبها الصراعات الإقليمية والدولية أو التدخل في شؤونها الداخلية، الأمر الذي يشير إلى أن هناك إيماناً وإدراكاً قوياً من جانب قادة دول المجلس بأهمية توثيق التعاون والتكامل بين الدول الأعضاء، وصولاً إلى تطبيق قرارات المجلس الأعلى فيما يتعلق بكل ما من شأنه تحقيق الأهداف كافة.
قراءة القرارات والتوصيات الصادرة عن القمة الخليجية الـ 42 تشير بوضوح إلى أنها تمثل إضافة نوعية للعمل الخليجي المشترك مع بداية العقد الخامس من مسيرة المجلس، سواء فيما يتعلق بالإدراك الخليجي لطبيعة التحديات والمخاطر التي تواجه دول المجلس وكيفية التصدي لها، أو فيما يتعلق بالارتقاء بمستوى التعاون البيني وإيجاد الآليات التي تضمن تفعيله في المجالات كافة، حيث أكد البيان الختامي الصادر عن القمة أن دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية كيان لا يتجزأ، يوحدها مصير وتاريخ مشترك ومصالح مشتركة، وهذا ما أكده صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، عبر &"تويتر&" عندما قال: &"نحن بحاجة لبداية قوية للعقد الخامس من مسيرة دول مجلس التعاون الخليجي، شعوبنا تتطلع لتكامل اقتصادي وتنموي، وتعاون حقيقي وعميق&".
تعامل البيان الختامي لقمة الرياض مع أزمات وقضايا المنطقة المختلفة، يؤكد عدة أمور، أولها قوة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبدا هذا واضحاً في التجانس في المواقف القوية تجاه أزمات وقضايا المنطقة المختلفة، وهذا يرجع في جانب منه إلى التنسيق والتشاور المستمر بين قادة ومسؤولي دول المجلس طيلة العام حول هذه القضايا. ثانيها حرص دول المجلس على وحدة الدول العربية وضمان أمنها واستقرارها، ورفضها أية محاولات أو تدخلات خارجية تؤثر على سيادة الدول العربية.
ثالثها إدراك دول المجلس أن استمرار حالة الجمود الراهنة التي تسيطر على مجمل أزمات المنطقة، قد يؤدي إلى تداعيات خطيرة على الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي، ومن ثم تحاول التشاور مع القوى الكبرى لإيجاد حل شامل ودائم ينهي هذه الأزمات.
استطاع مجلس التعاون لدول الخليج العربية منذ نشأته أن يعمل كإطار موحد تمتزج فيه الرؤى والتصورات المختلفة لدوله في محاولة للتقريب في ما بينها وتوحيد مواقفها ورؤاها تجاه مختلف القضايا الداخلية والإقليمية والدولية، وبالفعل جاء البيان الختامي لقمة الرياض، ليؤكد أن مجلس التعاون لدول الخليج العربية أصبح طرفاً فاعلاً، وله مواقف واضحة ومحددة تجاه أزمات وقضايا المنطقة المختلفة، ويسعى إلى التنسيق مع القوى الكبرى لإيجاد حل لهذه الأزمات، يحافظ على وحدة الدول وسيادتها، ويضمن لشعوبها الأمن والتنمية والاستقرار.
إعلامي وكاتب إماراتي