الإمارات ومؤشرات الرخاء
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
حلت دولة الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الأولى عربياً في مؤشر الرخاء والازدهار العالمي لعام 2021 الصادر عن معهد &"ليغاتوم&" البريطاني، والمرتبة 41 دولياً من بين 167 دولة، وهو تصنيف سنوي تم تطويره بواسطة المعهد المذكور، ويستند المؤشر إلى مجموعة متنوعة من العوامل بما في ذلك الثروة، والنمو الاقتصادي، ونوعية الحياة، والصحة، والتعليم، والرفاهية الشخصية، ما يؤكد تعافي الاقتصاد من آثار الجائحة وتوقع زيادة في النمو العام المقبل بنسبة 5%.
والهدف من المؤشر هو تسليط الضوء على نقاط القوة والضعف في الدول لتحديد الخيارات الاقتصادية التي يجب القيام بها لمواصلة بناء مجتمعات شاملة، وفتح المجال أمام الابتكار، وتمكين الناس من تحقيق الرخاء. ولعل المؤشر يؤكد مدى متانة السياسة الاقتصادية وتنوع الإيرادات والاستثمارات في دولة الإمارات، بينما عانت اقتصاديات كثيرة في العالم الآثار السلبية للجائحة، حتى إن خبراء أشاروا مراراً، إلى أن العام المقبل سيشهد كساداً وانهيارات مالية وتدهو قيمة العملات، نظراً للسحب على المكشوف من قبل اقتصاديات كبيرة، وارتفاع مديونتها الداخلية والخارجية مع ثبات أسعار الفائدة أو تخفيضها في كثير من الدول. فالرئيس الأمريكي جو بايدن، يجد صعوبة في تمرير مشروعه المسمى البناء بشكل أفضل بمبلغ 17 تريليون دولار، خاصة أن المديونية الأمريكية بلغت 29 تريليوناً قبل المشروع.
وفي الوقت نفسه اتفق الرئيسان الصيني والروسي في قمتهما الأخيرة على &"تكثيف الجهود لتشكيل بنية مالية مستقلة لخدمة العمليات التجارية بين روسيا والصين&"، وهو ما يعني خروج التعاون الاقتصادي الروسي الصيني (المدني والدفاعي) من تحت تأثير الدولار والعقوبات الأمريكية. وسيعلن الطرفان في المستقبل القريب تفاصيل محددة حول هذه القضية، وربما تنضم دول أخرى إلى النظام المرتقب.
وكان خبراء حذروا مراراً في السنوات الأخيرة من مخاطر ارتفاع التضخم وثبات سعر الفائدة، وتوقع بعضهم أن يشهد العام المقبل أو خلال سنوات، انهياراً للنظام المالي الدولي إذا ما استمر ارتفاع معدّل التضخم في الولايات المتحدة، حيث شهد هذا العام ارتفاعاً في التضخم وأسعار السلع والخدمات بمعدل ستة في المئة شهرياً، وهو ما يفوق أية مكاسب مالية في السوق باستثناء سوق الأسهم، إلا أن تثبيت الفائدة المصرفية بهدف زيادة الصادرات دون كبح التضخم هو سلاح ذو حدين، لأن أسعار السلع الصناعية ترتفع بفعل الواردات بالعملة الصعبة، وهذا بدأت بوادره في الولايات المتحدة والصين، حيث ينعكس ذلك على أسعار السلع الصناعية التي يتحمل عبئها المستهلك. فالنظام المصرفي سينهار أيضاً إذا ما ظل التضخم أعلى من الفائدة على القروض الممنوحة من البنوك لفترة طويلة. ولا خيار أمام المستثمرين سوى الاستثمار في سوق الأسهم العملاقة، حيث لا زالت سوق الأسهم هي الوحيدة التي تنمو، لكن إذا فشل الاحتياطي الأمريكي في تحقيق وعده بخفض برامج التسيير الكمي والاقتراض العام في مطلع الصيف المقبل، فإن تسارع التضخم قد يغير الوضع بشكل سياسي ويأتي بدونالد ترامب إلى البيت الأبيض ثانية؛ لأن الاقتصاد أهم مؤثر فاعل في الانتخابات الأمريكية.
لكن الخطورة الحالية أو المقبلة تكمن في أنه إذا ما توقف النمو في أسواق الأسهم، فإن المستثمرين سيودعون أموالهم في البنوك دون فائدة، حفاظاً عليها، وهذا سيؤدي إلى انهيار الأسهم أيضاً. فالعملية الاقتصادية مترابطة في حلقات إذا ما تضعضعت إحداها اهتزت الأخرى. ويبدو حالياً أن هناك تحركات على مستوى البنوك المركزية الأوروبية لتشديد سياساتها المالية، ما يعني هبوطاً في الأسهم وهذا بحد ذاته كارثة للمستثمرين. فالتخبط الدولي في مواجهة جائحة كورونا نجده يتكرر في السياسات الاقتصادية المتعثرة خاصة في الدول الكبرى ولا شفاء منها إلا بخفض التيسير الكمي وطباعة العملات دون تغطية من قبل بعض الدول؛ أي الاقتراض ورفع المديونية العامة إلى ما لا نهاية، وهو أصل الفيروس الذي ألم بالاقتصاد العالمي منذ أزمة 2008 العقارية.