بداية سقوط "احتكار" إيران للشيعة العرب
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
سياسة احتكار الطائفة الشيعية الكريمة بدأتها إيران منذ عام 1979م، واستخدمتها في كل مكان بالعالم لتصدير الثورة الخمينية إلى الشعوب الأخرى، ولم يقتصر ذلك على توسع نفوذها على نطاق الدول العربية فقط، بل سعت أيضاً إلى تصدير ثورتها إلى الدول الأخرى المجاورة التي يوجد فيها طائفة شيعية مثل باكستان وأفغانستان والهند وأذربيجان ودول أخرى في شرق آسيا.. ولكن الاحتكار الأكبر للطائفة الشيعية من قبل إيران كان بالطبع في الدول العربية، وبدأت ذلك في لبنان عام 1982 من خلال صناعة قفازها العقائدي-المليشياوي حزب الله اللبناني، ثم انتقلت لتوسع نفوذها جغرافيا في سوريا والعراق واليمن والبحرين، والكويت والسعودية والإمارات.
طبعاً الفكرة العقائدية المحورية التي تستخدمها إيران تقوم على احتكارها تمثيل الطائفة الشيعية الكريمة في كل هذه الدول، وترسيخ اعتقاد بين أفراد الطائفة الشيعية بأنهم يعيشون حالة المظلومية في مجتمعاتهم! وأن الدولة الوحيدة التي سوف تخلصهم من هذه المظلومية الزائفة هي إيران وحدها، وأنها الممثل الشرعي والوحيد للطائفة الشيعية في كل بقاع العالم!
وقد كرّست إيران تجسيد هذا الاعتقاد احتكار الشيعة في الأحزاب والجماعات الإرهابية التي تمثلها في الدول العربية، فصار مثلاً حزب الله اللبناني) يدعي أنه يمثل (الشيعة في لبنان ويحتكر هذا التمثيل السياسي العقائدي! مثلما حاولت فصائل الحشد الشعبي الموالية لإيران في العراق أن تدعي احتكارها تمثيل الطائفة الشيعية هناك! وعلى النمط ذاته تدعي جماعة أنصار الله الحوثية في اليمن احتكارها تمثيل الشيعة هناك أيضاً! وقد حاولت جماعة حزب الدعوة الوفاق في البحرين عام 2011 احتكارها تمثيل الشيعة في البحرين! وادعاء جماعة نمر النمر الموالين لإيران تمثيل الشيعة في السعودية! وكذلك حدث في الكويت أيضا.
لكن هذه السياسة الخبيثة التي انتهجتها إيران وحكام الملالي هناك تجاه الشعوب العربية صارت عبئا كبيرا على الطائفة الشيعية الكريمة في كل الدول التي احتكرت فيها إيران وأحزابها الموالية ومليشياتها تمثيل الشيعة، لأن هناك شرائح وفئات شيعية ترفض أن تمثلها إيران، وتعتبر ذلك انتقاصا من عروبتها العريقة الجذور في مجتمعاتها العربية والقبلية والعشائرية التاريخية، فضلا عن أنها صارت تتحمل وزر وأخطاء وجرائم الأحزاب التي تمثل إيران في دولها، مثل حزب الله اللبناني وغيره.
وفي الآونة الأخيرة شهدت الأوساط الاجتماعية الشيعية في الدول العربية حركة تململ وعصيان وتمرد سياسي وعقائدي ضد النفوذ الإيراني في مجتمعاتهم، وبرز ذلك بوضوح أكثر في لبنان والعراق، وقد ذكرت تقرير الاندبندنت عربية نشرته أخبار الخليج أمس أنه على الرغم من أن حزب الله اللبناني يمسك بمفاصل الدولة اللبنانية، ويصادر القرار الحكومي فيه فإن ثمة أصواتا شيعية معارضة بدأت تعلو بوجهه، وأنه على الرغم من الاضطهاد الممنهج الذي يعانيه معارضو حزب الله، والتهديدات المستمرة بحقهم، إضافة إلى اغتيال الناشط السياسي الشيعي والإعلامي لقمان سليم، فإن حركة الاعتراض باتت تكبر ككرة الثلج في وسط الطائفة الشيعية بلبنان ضد جبروت حزب الله اللبناني.
ولاحظنا مثل هذا التمرد على النفوذ الإيراني ومليشياته المسلحة حدث في العراق، حيث انتفض شيعة الجنوب في مظاهرات ضد إيران، مطالبين بخروجها من العراق، بل وصل الأمر إلى انتفاضة في النجف كمركز ديني تحاول إيران احتكار تمثيله في العراق! ورغم سقوط قتلى بين نشطاء شيعة على أيدي مليشيات إيران ومخابراتها، فإن الثورة ضد إيران لا تزال مستمرة في العراق.. وعلى الصعيد السياسي حدث ما هو غير متوقع لإيران، حين لم تفز جماعتها في الانتخابات البرلمانية بمقاعد تمكنها من تشكيل حكومة عراقية موالية لإيران، وتحاول إيران حاليا استخدام نوري المالكي الموالي لإيران كسلاح ضد مقتدى الصدر الفائز بالكتلة الكبرى في الانتخابات، وإجباره على تشكيل ائتلاف حكومي شيعي يبقي النفوذ الإيراني حاضراً في المشهد العراقي!
إذن.. هناك حالات تمرد وعصيان مدني تحدث داخل الطائفة الشيعية في العديد من الدول العربية ضد النفوذ العقائدي الإيراني، وهناك هزائم يتكبدها الحوثي-الإيراني في اليمن أيضا.. وهذا يعني بداية سقوط واحتكار إيران للشيعة العرب وصعود التيار العروبي القومي.