جريدة الجرائد

هل انتهى الوباء وأصبح «دور برد»؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

نعم، ربما نكون قد اقتربنا من الوصول إلى نقطة نهاية الجائحة، وبداية عهد &"دور كورونا&" أو بالأحرى &"دور البرد العادى&"، يصيبنا بأعراضه المتفاوتة ومنحنياته الطبيعية، ثم يذهب إلى حاله. تشتد عدواه فى أوقات ما من السنة، وتخف فى أوقات أخرى، وتسير الحياة فى شكلها الطبيعى.

هى نظرة تبدو للبعض متفائلة، وقد لا تتناسب مع حالة الرعب والهلع التى تنتاب الكثيرين مع انتشار متحور أوميكرون سريع العدوى، ولكنها نظرة لا تخلو من منطقية وعقلانية، كما أنها لا تنتمى إلى صنوف الاستسهال والاستهتار، ولا تقترب من اللامبالاة بالعلم وقراءة تاريخ الأوبئة التى ضربت العالم من قبل.

والتجربة الإنجليزية التى أوشكت على الإعلان صراحة بتطبيع العلاقة مع كورونا، واعتباره &"دور برد&"- خير دليل على ما أقول، وذلك مع تزايد الثقة فى الفترة الأخيرة بأن متحور أوميكرون قد يدفع إلى انتهاء الوباء فى بريطانيا، فعلًا.

كثير من المتخصصين البريطانيين يعتقدون أن الحياة فى عام 2022 ستعود تقريبًا إلى ما كانت عليه قبل الوباء، لأن ما تغير هو درجة مناعة الأفراد فى مواجهة الفيروس الذى ظهر لأول مرة منذ نحو عامين. وقتها كان الفيروس جديدًا تمامًا، لم تختبره الأجهزة المناعية لبنى البشر، ولم يكن لدينا أدوية أو لقاحات للتحصين والحماية، فانتشر الوباء فى كل أنحاء الأرض، كما رأينا.

حينها بات منطقيًّا ألا يتم التعامل معه بمنطق إنهائه أو القضاء عليه، بل كان الحل هو التعايش معه، وبقاءه معنا على المدى الطويل، على أن ينضم إلى مجموعة الأمراض المتوطنة الأخرى، مثل نزلات البرد تحديدًا.

سنصل، ولا شك، لهذا المصير المحتوم. المصير الذى لن يكون فيه انتشار المرض مدعاة لاتخاذ إجراءات تقيد سير الحياة. ووفقًا لكثير من علماء الفيروسات الذين قرأت تصريحاتهم خلال اليومين الماضيين تعليقًا على ما يحدث فى بريطانيا، فإن العالم بات قريبًا جدًّا من هذا المصير.

بالتأكيد، سيحدث هذا فى حال عدم ظهور متحور جديد يتفوق على أوميكرون فى الشدة والقوة والتأثير، ويسبب أمراضًا أخطر مما تسببه السلالة الحالية. ولأن الوضوح منجٍ، مثلما المنطق تمامًا، فإن العلماء يؤكدون على وقوع ضحايا بكل تأكيد لسلاسل متحورات كورونا، حتى الضعيف جدًّا منها، وهو أمر طبيعى، ويحدث حتى مع الإنفلونزا العادية. فى بريطانيا، مثلًا، يشهد موسم انتشار الإنفلونزا وفاة نحو 200 إلى 300 شخص يوميًّا؛ بينما لا يرتدى أحد كمامات ولا تُراعى قواعد التباعد الاجتماعى.

وحتى لا أُتّهم بالدعوة للتراخى مع الوباء، فمازلت أسميه وباء، ومازلت أدعو الجميع إلى أخذ الحيطة والحذر والتباعد وتناول اللقاحات، ولكن ما أدعو إليه حقيقة هو أن ننظر للتاريخ، وللعالم، وللعلم، نظرة لا خوف فيها على المستقبل.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف