التكنولوجيا.. الخطر ونقطة التحول
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بالنسبة لغالبية الشركات، فقد كان 2021 عام التعافي التدريجي، وتعويض بعض خسائرهم الضخمة في 2020، بينما كان الأمر يسير كالمعتاد، وبوتيرة متسارعة بين الشركات التكنولوجية.
وفق المؤشرات الراهنة، فإن صناعة التكنولوجيا ستكون موعودة خلال العقد الحالي بفترة ازدهار تاريخية، بفضل الظروف الاستثنائية التي وضعت الخدمات الرقمية على قمة هرم الأنشطة الأكثر ربحية، فيما لم تفعّل الجهات التنظيمية حربها الخاطفة حتى الآن على القطاع، رغبة منها في تقليم أظافره سريعة النمو.
يقيناً، لن تكون قفزات الإنفاق على التكنولوجيا حالة مؤقتة، بل موجات دائمة ومتتابعة، فإذا كان الإنفاق السنوي على الصناعة يقارب حالياً نحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، أي نحو 5 تريليونات دولار، فإنه سيتضاعف بسبب رغبة قطاع الأعمال في التحول الرقمي، وهذا الأمر لا يعني أن الأمور وردية، إذ ستواجه شركات التكنولوجيا الكبرى في 2022 ثلاثة تحديات مصيرية، الأول يتعلق بمدى مواصلة العالم شغفه بالتكنولوجيا؟، ونعتقد أن المستثمرين سيفعلون ذلك لا محالة، بغض النظر عن مدى سرعة فاعلية اللقاحات في إبطاء الجائحة، والسيطرة على متحور أوميكرون، إذ سيستمر العالم في الانتقال من وضعية الحرمان من الإنترنت التي ما زالت منتشرة في بعض المناطق الفقيرة وتحديداً في القارة السمراء وأمريكا اللاتينية، وستكون صناعة التكنولوجيا المستفيد المباشر من هذا المسار التصاعدي.
لكن، استمرار هذه المكتسبات سيبقى مرهوناً إلى حد بعيد باجتياز التحدي الثاني، وهو كيفية احتواء ردة الفعل التنظيمية الشرسة المتوقعة، بعد أن استيقظت السلطات الرقابية في الولايات المتحدة وأوروبا والهند وبريطانيا على هيمنة القطاع المذهلة على واقع الحياة، مقررة التصرف بطرق مختلفة، لكن قوة هذه الإجراءات لن تكون ملموسة، على الأرجح، إلا بعد عدة سنوات، أما التحدي الثالث، فيتعلق بمدى قدرة هذه الشركات على ضخ ابتكارات وبراءات اختراع جديدة، وهذا الأمر يعتبر مفصلياً لبقاء الشركات مزدهرة في سوق يموج بكل التطورات المتسارعة.
رغم تباهي عمالقة التكنولوجيا بامتلاكهم جبالاً من السيولة النقدية، وبيانات ضخمة لملايين المستخدمين، وطموحات مذهلة لإعادة تشكيل صناعات حيوية مثل الرعاية الصحية والتمويل والسيارات، إلا أن هذه الصناعة لا يمكنها أن تزدهر إلا إذا استمرت في استقطاب أفضل العقول حول العالم والاحتفاظ بهم، وهذا الأمر يبدو الآن موضع شك في بعض الشركات التي تضم عدداً من الموظفين المتمردين، ونعتقد أن أفضل مؤشر يثبت مرونة هذه الشركات هو رغبتها في إرضاء متعامليها، وليس مجرد تكنيز الأموال.