جريدة الجرائد

أسعار الطاقة.. بين ضعف الاستثمار والمناخ

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

منذ سنوات عدة والتقارير والمحللون يحذرون من ارتفاع الطلب على الطاقة متمثلة في النفط والغاز وضعف الاستثمارات مقابل ذلك، وحذروا أن ذلك سينعكس على أسعار النفط التي يتوقع أن تكسر حاجز 100 دولار للبرميل قريباً وربما يصل إلى 150 دولاراً في المستقبل المنظور.

هذا الارتفاع تزامن أيضاً مع ارتفاع سعر الغاز، الذي قفز قفزة أخرى مع أول مناوشات قرب منطقة دونباس الأوكرانية، حيث ارتفع سعره بنسبة 48%؜ ثم عاد لينخفض قليلاً كـ&"بروفه&" لما قد يحدث من ارتفاع لأسعار الطاقة التقليدية في حالة حدوث نزاع دولي، ورغم حماسة العالم للتخلي عن مصادر الطاقة التقليدية والتوجه إلى الطاقة المتجددة، إلا أن الأخيرة أثبتت أنها غير موثوقة بتعطلها لأسباب خارجة عن الإرادة خصوصاً في فصل الشتاء، الوقت الأكثر حاجة لاستهلاكها

لتطوير تقنيات إنتاج الطاقة التقليدية مع الطاقة المتجددة وجعل الوصول إليهما تكاملياً يحتاج العالم إلى قادة يديرون المشهد خارج الشعبوية
إن ارتفاع أسعار الطاقة التقليدية إلى مستويات قياسية واقترانه بالفشل المتكرر بالاعتماد على الطاقة المتجددة سيغيّر المزاج الدولي عاجلاً أو آجلاً، ويبدأ بالتفكير جدياً في الموازنة بين الحفاظ على أمن الطاقة ومراعاة تغييرات المناخ، خصوصاً أن العالم يمر في بمرحلة مخاض ونزاعات جيوسياسية تجعل التوجه اليساري أقل تأييداً على المستويين الشعبي والرسمي، هذا ما يجعلني أختلف مع مَن يقول إن ارتفاع أسعار النفط يعني توجهاً أكبر إلى الطاقة المتجددة - على الأقل في المدى المتوسط - فلا أحد يريد اعتماداً كلياً على مروحةٍ قد تتجمد في أي لحظة، أو شمس قد تغيبها الغيوم لأيام فيكون تحت رحمة تقلبات طقس لا يمكنه أن يتحكم به.

إن ارتفاع أسعار الطاقة سيغيّر الخطاب العالمي لاحقاً إلى طلب زيادة الاستثمار في النفط والغاز مع مراعاة نسبة الانبعاثات الكربونية، وإيجاد تقنيات حديثة تقلل من التأثير السلبي على المناخ، وهذا ما سبقت به المملكة العربية السعودية العالم الآن، بإطلاقها مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر، بالإضافة إلى إعلانها هدف وصولها إلى صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2060، كل ذلك جنباً إلى جنب مع تطوير استثماراتها في الطاقة المتجددة لتكون المصدر الأول للطاقة عالمياً بكافة أنواعها، هذه هي النظرة المتزنة تجاه احتياجات العالم للطاقة ومسؤولياته تجاه البيئة فلا يغلب طرف آخر. العمل بخط متوازٍ لتطوير تقنيات إنتاج الطاقة التقليدية مع الطاقة للمتجددة وجعل الوصول إليهما تكاملياً يحتاج إلى قادة يديرون المشهد العالمي خارج الشعبوية، وبعيداً عن مطامعهم السياسية وعدم استعجال التحول الذي قد يوقع أزمة أسعار شبيهة بما يحدث اليوم، فكما قال ﷺ: ﴿لا ضرر ولا ضرار﴾ .

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف